تونس (وات) - قال وزير الشؤون الدينية نور الدين الخادمي إن "الفكر الإسلامي الذي نريده في تونس هو الفكر الإسلامي الأصيل، الوسطي، المعتدل"، مشيرا إلى ما اتسم به الوضع الديني في تونس من ترد خلال عقود خاصة بعد "تعطيل بعد وظائف جامع الزيتونة واستبعاد علماء الزيتونة ومطاردتهم وقمعهم وتهميش مادة التربية الإسلامية في المناهج التربوية". وبين خلال ندوة علمية حول "المؤسسات الدينية الرسمية بتونس ما بعد الثورة .. الواقع والآفاق"، انعقدت صباح الأربعاء بمقر وزارة الشؤون الدينية أن الأحداث التي شهدتها بعض المساجد، من استيلاء على المنابر وتغيير للأيمة، هي "حالات استثنائية من إفرازات الثورة والتي شهدت مؤخرا تراجعا كبيرا على مستوى وتيرتها"، حسب قوله. وأفاد الوزير في تصريح ل"وات" أن هذه الإشكاليات تحتاج إلى معالجة رصينة وحكيمة عبر الحوار وتشريك المواطنين للوصول إلى حلول "تكفل تحقيق الوحدة المجتمعية والسكينة واحترام هيبة المساجد وحرمتها". وحول الاستعانة بعلماء الدين والفقهاء التونسيين بدلا من استضافة دعاة المشرق العربي، أوضح الخادمي أن تونس اليوم مفتوحة أمام كل العلماء الذين يرغبون في زيارتها، "شرط احترامهم خصوصيات المجتمع التونسي وثوابته والمساهمة بخطابهم في إنجاح النموذج الثوري السلمي في تونس كنموذج حضاري". وقال في هذا السياق: "لا يمكن أن نمنع زيارة شخصية علمية طالما تلتزم باحترام ثوابت تونس ولا يكون في خطابها أي نوع من أنواع الإثارة". وبخصوص مقترح إحداث مؤسسة للإفتاء موازية لدار الإفتاء الموجودة حاليا، اعتبر وزير الشؤون الدينية أن أداء المؤسسة يكون "أفضل وأمتن من عمل الفرد"، موضحا أن المؤسسة المقترحة من الممكن أن تضم إلى جانب علماء الشريعة، خبراء في الطب والاقتصاد والبيئة وغيرها من الاختصاصات للبحث في مسائل فقهية مرتبطة بالواقع. وكان الخادمي استعرض في كلمته الافتتاحية نشاط الوزارة على مستوى ترشيد الخطاب الديني والعناية بالمساجد وإصدار نشريات إخبارية موجهة للإطارات الدينية والوعاظ وتطوير الموقع الالكتروني وموقع الوزارة على شبكة التواصل الاجتماعي "فايس بوك". ومن جهته اعتبر العربي بن مبارك رئيس ديوان الشؤون الدينية أن غياب التنظيم الهيكلي والإطار القانوني الواضح وقلة التنسيق في عمل الوزارة مع مختلف الهياكل المعنية بالشأن الديني تمثل "العائق الأكبر أمام تطور أدائها". وبدوره صرح محمد بوهلال مدير عام مركز البحوث والدراسات في حوار الحضارات والأديان المقارنة بسوسة ل "وات" بأنه "لا يحق لأي طرف كان احتكار الشأن الديني أو التحدث باسم الدين"، مشيرا إلى وجود "مجموعات ذات منطلقات دينية مختلفة يمكن أن تساير التوجه العام نحو الوسطية والاعتدال أو تخالفه وتتوجه نحو التطرف والانغلاق". وأوضح أن الحوار الفكري والديني مع هذه الأطراف التي قال إنها "تبنت أفكارا مبنية على الانفعال والتأثر والعاطفة بدل العقل، هو الحل الأمثل لإقناعهم والاتفاق معهم، للتخلص من هذه النزعات المتشددة والمنغلقة" حسب تعبيره، ملاحظا أن "العنف والشدة في مواجهة هذه النزعات قد يعطي هذه الأطراف ذرائع لتتمادى في تشددها". أما الحبيب بن طاهر وهو واعظ بوزارة الشؤون الدينية فقد أكد الحاجة إلى التشاور وجمع الطاقات وفتح باب الحوار ورصد الكفاءات الدينية في المجتمع التونسي وإتاحة الفرصة لعلماء تونس ومفكريها وباحثيها وفتح أبواب وسائل الإعلام الوطنية أمامهم ومد يد المساعدة إليهم.