صادقت لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية على مشروع قانون يحدد العتبة الانتخابية بنسبة 5% كشرط للحصول على مقاعد في الانتخابات التشريعية، وأثار ذلك جدلا في الأوساط الحزبية، بسبب مخاوف عدد من الأحزاب من تأثير هذا الإجراء في حظوظهم في التواجد بمجلس نواب الشعب بعد الانتخابات التشريعية 2019. وأظهرت تطبيقات افتراضية لقانون عتبة 5 بالمائة أنّ كثيرا من القيادات السياسية البارزة الموجودة بالمجلس، ما كان لها أن تصل تحت قبة باردو لم تم اعتماد المشروع الجديد. فبموجب مشروع قانون العتبة المقترح، لن تتمكن الأحزاب السياسية ذات التمثيليات الصغرى ولا المستقلون الذين يمثلون حاليا نسبة محترمة من الأصوات المعارضة في البرلمان من حجز مقاعد لهم في الانتخابات المقبلة. وقد قوبل مشروع القانون بمعارضة كل من الجبهة الشعبية وكتلة الولاء للوطن رفع العتبة، في حين صوتت بالقبول كتل حركة النهضة ونداء تونس والائتلاف الوطني. ويرى داعمو سقف 5 بالمائة الانتخابي، أن الزيادة في نسبة العتبة من شأنها أن تحفز الأحزاب السياسية أكثر للتنافس حول التمثيلية البرلمانية كما سيساهم في وضوح المشهد البرلماني بعد انتخابات 2019. ويبدو أن الزيادة في نسبة العتبة البرلمانية أربكت الأحزاب المستفيدة من أكبر البقايا، فقد أجمعت الأحزاب المعارضة والمستفيدة من البقايا في انتخابات 2014 على رفض هذا الاجراء، ويرى بعض الناشطون أن إقرار العتبة قد يؤدي إلى ترشيد المشهد السياسي عبر دفع الأحزاب الصغرى لأن تتآلف فيما بينها، وتتكتل في سبيل المحافظة على موقع لها داخل البرلمان. ويدعم حزب نداء تونس سقف العتبة رغم استفادته في الانتخابات السابقة من نظام البقايا، خاصة في ولايات الجنوب. ويشار إلى أنّ حركة النهضة تعدّ الطرف الوحيد الذي ضمن مقاعده بعدد الأصوات المحددة بالقانون في كل دائرة، دون اللجوء احتساب البقايا لفائدته. وبعد فض التوافق بين حركة النهضة ونداء تونس وهما الطرفان اللذان كانا يدعمان بقوة فكرة العتبة، ستكون هناك نتيجة جديدة لهذا النظام بعد بروز قطب ثالث وهو الائتلاف الوطني الذي قد يلتحق به انتخابيا، حزب مشروع تونس. وبذلك تضعف حجة معارضي عتبة 5 بالمائة بعد تغيّر طبيعة الائتلاف الحكومي من حزبين إلى حزب وائتلاف غير واضح المعالم، وربّما هو في طريق التنظم في حزب. واصبح من اللغو الحديث عن حزبين يسعيان إلى الانفراد بالحكم واقتسامه. وبذلك قد تنشأ ثلاثة أقطاب كبرى برلمانية سيمثل أحدها ثقلا معارضا مهمّا قد يستقطب حوله بعض الشتات. وسيتعيّن على المتمسكين بما دون 5 بالمائة العمل على رفع التحدي وتجاوز هذه النسبة والإعداد للاستحقاق الانتخابي بما يمكنهم من النجاح فيه، بل والنجاح في الاختبار الأخلاقي بتجاوز حرج التعويل على المزايا القانونية الاستثنائية والتعويل على المشروعية الشعبية التي تخوّل لهم، وحدها الحديث باسم الشعب.