أخبار تونس – انتظم مساء الخميس، بأحد نزل تونس العاصمة، لقاء إعلامي جمع السيد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان بعدد من أجهزة الإعلام الوطنية والأجنبية. وتناول اللقاء أهم ما تضمنته النقطة الثانية من البرنامج الانتخابي 2009 – 2014 للرئيس زين العابدين بن علي “معا لرفع التحديات” والتي حملت عنوان “ترسيخ متواصل لحقوق الإنسان وقيم التضامن”. وأشار السيد البشير التكاري في كلمته إلى أن تونس بعد 22 سنة من الإصلاح والبناء، أصبحت تطمح إلى خوض أهم تحد في مسيرتها التنموية ألا وهو بلوغ مرتبة الدول المتقدمة على إثر توفق مختلف قواها الحية في تخطي عتبة الدول النامية والانخراط في كوكبة الدول الصاعدة. ويبدو ذلك جليا بالنظر إلى الانجازات المحققة في المجالات السياسية والتشريعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ففي المجال الاجتماعي على سبيل المثال تخصص نسبة 60 % من الميزانية العامة إلى التحويلات الاجتماعية. كما أن نسبة 80 % من التونسيين أصبح لديهم مساكن على سبيل التملك، ويتمتع حوالي نسبة 90 % من الشعب التونسي بالتغطية الاجتماعية. وأوضح السيد البشير التكارى أن البرنامج الانتخابي الرئاسي الجديد يرمي إلى بلوغ نسبة 90 بالمائة من العائلات التونسية المالكة لمسكن الخاص و97 بالمائة بالنسبة للتغطية الاجتماعية فضلا عن التخفيض من نسبة البطالة بنقطة ونصف على الأقل. ويولي البرنامج الانتخابي للرئيس بن علي حقوق المرأة والأسرة وحقوق الطفولة والشباب والفئات ذات الاحتياجات الخصوصية الرعاية التي هي بها جديرة كما تم إرساء الإصلاحات والآليات الكفيلة بتأمين حمايتها ونمائها وتجسيم الإحاطة الشاملة بها وضمان حقوق السجناء. ومن المنتظر أن تتدعم منظومة حقوق الإنسان في تونس في السنوات القادمة بمزيد الإجراءات التي يمكن حصرها في خمسة نقاط كبرى: وأول إجراء ضمن هذا الباب سيشمل إحداث مؤسسة “المصالح العائلي” أو “الموفق العائلي” في نزاعات الحالة الشخصية وتتمثل مهمته في التدخل في قضايا الطلاق والتوسط بين الزوجين المتخاصمين سعيا لحل الخلافات بالحسنى، في ترابط مع قاضي الأسرة. وهي خطة نابعة من صميم التقاليد التونسية في المصالحة بين الخلافات الأسرية، سيتم تحديثها عبر إحداث خطة تتوفر في القائم بها عدة معارف قانونية واجتماعية ونفسية، وستمكن هذه الخطة أيضا، من فتح آفاق لتشغيل الشباب من خريجي الجامعات. وتتعلق النقطة الثانية بتيسير التقاضي أمام المحاكم التونسية بالنسبة إلى التونسيين المقيمين بالخارج،في ما يتعلق بالقضايا العائلية التي تهمهم وسيتم النظر في عدة قضايا مثل قضايا الحضانة والطلاق. ويتضمن الإجراء الثالث المستحدث في منظومة حقوق الإنسان توحيد “سن الرشد المدني” دون المساس بحق الرعاية لمستحقي النفقة من الأبناء والبنات وسيصبح المبدأ 18 سنة بدل 21 سنة. أما الإجراء الرابع، فسيكون من خلال إحداث نظام جزائي خاص بالشبان الصغار يسمح بالمرور التدريجي من وضعية الطفل إلى وضعية الكهل، وعندئذ تكون المسؤولية الجزائية كاملة ابتداء من 18 سنة، غير أنه ستتم مراعاة الوضعية النفسية للشاب التونسي لتكون العقوبة أكثر ملائمة تفاديا للزج بالشبان في مراكز الأحداث أو السجون وعدم المساهمة في إقحامهم في الإجرام. فلمرور الشاب بصفة فجائية من الطفولة إلى الكهولة نتائج وخيمة على الصحة النفسية مثلما تثبت ذلك الدراسات النفسية. وفي ما يتصل بالإجراء الخامس الذي سيدعم منظومة حقوق الإنسان فيرتبط بإحداث آليات ملائمة لحماية الطفل ومراعاة وضعه الخاص خلال مراحل البحث والتحقيق والمحاكمة في القضايا التي تتعلق بالعنف المادي أو الجنسي عملا بما توصي به أحدث القوانين العالمية المنظمة لهذا المجال. وتعد مختلف هذه الأفكار المقترحة في البرنامج الانتخابي تفعيلا حقيقيا لحقوق الإنسان وممارسة فاعلة لقيم التضامن التي انبنى عليها المجتمع مما جعله متوازنا بحق وملائما لتطلعاته وأهدافه المتطلعة إلى حياة كريمة. وازداد ترسيخ هذه القيم منذ سنة 2002 بعد أن تم إلحاق قطاع حقوق الإنسان بوزارة العدل تجسيما لقاعدة التلازم بين قيمة العدل وقيم حقوق الإنسان وتماشيا مع الخيارات الكبرى لمسار التنمية بمفهومها الشامل. وتعد هذه الخيارات والقوانين منظمة للحياة العامة وضامنة لحقوق الفرد وحريته وحرمته، فتونس جديرة بمجتمع متوازن ومتضامن بين فئاته ومؤسساته تحقيقا لشمولية المقاربة الخاصة بمجتمع العدل والإنصاف. وبين الوزير أنه بالتوازي مع التمشي الاجتماعي، يتواصل دعم المشهد السياسي وإثراء منظومة حقوق الإنسان والحريات الأساسية إذ ارتقت تونس من دولة لا تؤمن بتعدد الترشحات للانتخابات الرئاسية قبل التحول إلى دولة تعددية في هذا الشأن حيث شهدت هذه الانتخابات في ثلاث مناسبات متتالية تنافسا على منصب رئيس الجمهورية إلى جانب تواصل دعم التعددية الحزبية وصحافة الرأي والمشهد الإعلامي. وبين على صعيد آخر المكانة التي تحتلها تونس في مجال حقوق الإنسان والتي ما فتئت تقرها تقييمات المنظمات الدولية الموضوعية والمحايدة على غرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان الأممية ، مشيرا في هذا الصدد إلى أن تونس عندما قدمت تقريرها أمام آلية الاستعراض الدولي الشامل بجنيف لم يتضمن قرار هذه الإلية الأممية أي احتراز على تونس في حين أن عديد الدول الأخرى من بينها دول متقدمة اقتصاديا سجلت بشأنها عديد الاحترازات. وذكر بأن لجنة حقوق الإنسان الأممية اعتبرت أن تونس سجلت تطورا كبيرا في مجال حقوق الإنسان على غرار الحق في التشغيل وحقوق المرأة وحرية الاجتماع وغيرها. وبين في هذا السياق، أن تونس انضمت إلى مختلف المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ومن الطبيعي في هذه الوضعية أن يقع الاهتمام بها وتسليط الأضواء عليها وهي البلد الذي اختار أن يحمي هذه الحقوق ويطورها حتى وان كان هناك انتقادات تستند إلى منطق التجني أو الجهل بحقائق الأوضاع.