نظرت أمس الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس في قضية تورط فيها كهل في الخمسينات من العمر لاتهامه بمحاولة قتل نفس بشرية عمدا، بعدما أطلق النار من بندقية على صديق له. وحسب وقائع القضية، فإن المتهم، وهو أستاذ مبرّز يدرّس بالجامعات التونسية في اختصاصات التبنيج والانعاش، دعا يوم الواقعة أحد أصدقائه، وهو شاب في الثلاثينات من العمر، لعقد سهرة بمنزله، وحل الشاب وهو المتضرر في قضية الحال، حسب الموعد المتفق عليه، إلا أنه كان مصحوبا ببنتين، صرح لاحقا بأن إحديهما خطيبته. والتقى الجمع بمنزل المتهم، وانطلقت سهرة الامتاع والمؤانسة حول مائدة امتلأت بالمأكل والمشرب، وكانت كأس النبيذ تسقيهم من حين لآخر، حتى سكر بعضهم، إلا أنه جاء ما عكّر صفو المجلس. عندما ظهر خلاف حول مسائل منها احدى الفتاتين، نشبت معركة بين البروفيسور وضيفه الذي اضطر الى مغادرة المكان، وهو ما خلق حالة استفزاز لدى مضيفه، مما جعله يعود الى منزله ويتسلح ببندقيته ثم يطلق عيارين ناريين في اتجاه صديقه، لتصيبه الاولى في مستوى الركبة فيما أصابت الرصاصة الثانية الكتف. فزع الاهالي وبعض المارة وتم نقل المصاب الى المستشفى حيث احتفظ به تحت العناية الطبية الى أن استجاب للعلاج، وتم إبلاغ ممثل النيابة العمومية بابتدائية تونس بالجريمة التي عهد الى أعوان الضابطة العدلية بالتحقيق فيها والقيام بالابحاث اللازمة. وبالتحرير على المتضرر سرد للمحققين ما تعرض له، وقدم هوية الجاني طالبا تتبعه قضائيا، وبذلك تمكن أعوان الأمن من إلقاء القبض على المشتبه به، الذي صرح بأنه لم يكن يقصد إصابة صديقه كما نفى نية القتل، ثم أحيل في مرحلة ثانية على أحد قضاة التحقيق حيث أنكر التهم التي وجهتها له النيابة العمومية، إلا أن دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس رأت وجها للادانة وقررت إحالة المتهم على احدى الدوائر الجنائية بابتدائية العاصمة لمقاضاته من أجل محاولة قتل نفس بشرية عمدا. وقد مثل صباح أمس المتهم أمام هيئة المحكمة وتمسك بأقواله التي أدلى بها لدى قلم التحقيق مؤكدا انعدام نيته قتل المتضرر، إلا أنه اعترف بواقعة إطلاق النار من البندقية. من جهته اعتبر لسان الدفاع ان مركز منوّبه العلمي والثقافي (بروفيسور بالجامعات التونسية) لا يسمح له بارتكاب ما نسب اليه وأكد المحامي ان المتهم لم يوجّه بندقيته نحو مكان قاتل من جسد المتضرر وهو ما يدحض فرضية محاولة القتل، فضلا عن عدم تضمن التقرير الفني والطبي للمسافة التي أطلقت منها النيران، وأضاف لسان الدفاع أن منوّبه يعاني من أمراض نفسية تؤثر في وضعه الصحي أحيانا، وطلب على أساس ذلك اعتبار ما اقترفه من قبيل جنحة الاعتداء بالعنف الشديد واستبعاد تهمة محاولة القتل، كما طلب التخفيف على منوبه قدر الامكان القانوني ومراعاة نقاوة سوابقه العدلية ومركزه العلمي، فيما تمسك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة طبقا للتهم المنسوبة للمتهم، إلا أن المحكمة رأت حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم لتقرّر في الختام القضاء بالادانة والسجن.