اعتبر مقال نشر بصحيفة ال "واشنطن بوست" أن تونس نموذجًا ينبغي على الدول الأخرى مثل مصر وليبيا أن تحتذي به، وذلك فيما يتعلق بالتسوية وإيجاد الحلول الوسط التي من شأنها دفع العملية الديمقراطية. حيث قال المقال إنه بعد مرور ثلاث سنوات على الثورة في ثلاث دول بالشرق الأوسط، هي تونس، مصر، وليبيا، قد تبخرت أحلام الشعوب الثائرة في تحقيق ديمقراطية ليبرالية، وذلك بسبب التدهور الاقتصادي والسياسي والأمني الذي ضربها بعد الإطاحة بديكتاتورييها، عدا تونس التي انطلقت منها الشرارة الأولي لثورات الربيع العربي، حيث قررت أن تقدم في ذكرى الثورة تسوية من شأنها أن تدفع العملية الديمقراطية. وأوضحت الصحيفة التشابه بين التجربتين المصرية والتونسية، حيث نجح الإخوان المسلمون في الوصول للحكم بعد ثورة 25 يناير في مصر، ونجح حزب "النهضة: الإسلامي في الفوز بالحكم في تونس، ولكن سرعان ما فقد إخوان مصر شعبيتهم بسبب أدائهم السئ، إلا أن حزب النهضة لم ينخرط في حرب وجودية ضد مؤيديه من العلمانيين والجيش، وإنما لجأ إلى إبرام اتفاق سياسي يرضي كل الأطراف. وفسر المقال كيف حققت تلك التسوية الرضا لكلا الطرفين ومنحته الشعور بالانتصار؛ مشيرا إلى أن حزب النهضة قد نجى بنفسه من مصير العزل الذي كان سيلاحقه إما بالمظاهرات الشعبية أو بانقلاب الجيش ضده، وحقق لحكومته حلم الإشراف على صياغة الدستور، أما أحزاب المعارضة العلمانية فقد انتفعت بمكاسب أخرى متمثلة في النصوص الليبرالية التي اشتمل عليها الميثاق الجديد الذي أعلنته الحكومة، ومنها ما يضمن حصول المرأة على حقها في المساواة، كما يضمن انتخابات حرة تتم في إطار من الديمقراطية والنزاهة، وكذلك حرية التعبير والتجمع السلمي. وأكد المقال أن تونس نجحت، من دون توصية غربية، فيما أخفق فيه إسلاميّو مصر، عندما رفضوا القيام بتسوية مماثلة برغم الضغوط الأمريكية والأوروبية التي حثت الجماعة عليها، مرجعا ذلك إلى طبيعة مؤسس حزب النهضة التونسي، رشيد الغنوشي، والذي كان على قدر من المرونة جعلته يأمر حزبه بالتخلي عن أجندته وأيديولوجيته من أجل تسوية مرضية مع الشعب. واختتم المقال: "رغم إن الاستقرار لا يزال غائبًا عن اقتصاد وأمن تونس، إلا أنها وضعت نفسها سياسًيا على الطريق الصحيح، بما يمكنها من تحقيق إنجازات ملموسة على الأصعدة الأخرى".