أسدل الستار على الدورة السادسة من مهرجان محمد جديرة للادب والغناء الشعبي بمدينة المكنين وذلك بعد عدد من السهرات والتظاهرات الموازية وقد أكدت مختلف فقرات هذا المهرجان عمق وثراء الادب الشعبي وخصوصا ما يتعلق بالشعر والتغني به سواء كان لشعراء محدثين أو للقدامى المعروفين وقد أكد هذا المهرجان جملة من الحقائق لابد من التوقف عندها لكي يواصل هذا المهرجان مسيرته ويتطور لاسيما وهو يتميز بمجموعة من الخصوصيات قد تحوله الى تظاهرة أكثر اشعاعا وأول هذه الملاحظات هي ضرورة أن تتكون الى جانب الهيئة المديرة النشيطة لهذا المهرجان هيئة استشارية من المختصين في مجال الادب الشعبي واستقرائه والتوثيق له من أمثال أحمد حرز الله وصالح بيزيد والدكتور رياض المرزوقي وغيرهم ومثل هذه الهيئة العلمية إن صح التعبير تكون قادرة على تحديد محاور المهرجان ومجالات اهتمامه والاسماء المدعوة له وبذلك يحقق المهرجان الهدف الرئيسي الذي بعث من أجله وهو الحفاظ على الذاكرة الشعبية وتعهدها بالدراسة والتدقيق والترويج لاسيما وقد أثبت هذا المهرجان ان هذا الموروث الشعبي له من مريديه من الشباب خصوصا وعلى سبيل المثال فإن عددا من ابناء المكنين ومن الساحل عموما يحفظون لعديد الشعراء الشعبيين كما أن عددا من الغنّاية المشاركين في هذا المهرجان هم من الشباب الذين لم يبلغوا سن الاربعين بعد. الملاحظة الثانية تتعلق بمدى تمثيلية المشاركين للشعراء الشعبيين والغنّاية الذين يؤدون لون المرحوم محمد جديرة حامل اسم المهرجان فخلال السهرات التي تتالت على مسرح الهواء الطلق بالمكنين وقع تقديم عدد من «الإدبة» والشعراء القادمين سواء من ولايات الساحل أو من الصرين أو من الجنوب وأغلب الحضور كانوا من «الحفّاظ» وذلك على حساب كبار الشعراء المعروفين من أمثال بلاسم عبد اللطيف وحتى أحمد البناني الذي ألقى بعض انتاجاته الشعرية فإن ما يقدمه هو الى الاستعراض اللفظي أقرب منه للشعر وذلك في غياب المواضيع والاغراض والصور والتشبيهات التي يقوم عليها الشعر الشعبي والتي اعتمدها الفطاحل القدماء والمحدثون. أما الملحوظة الاخيرة فتتعلق بموضوع سابقة المهرجان فلئن كان موضوع الكوت ووصفه من المواضيع الهامة التي لا يسمى شاعر شعبي بشاعر إذا لم ينظم فيها فإنها موضوع متداول ومستهلك يحيلنا على الانماط الكلاسيكية لهذا النوع من الادب وكان الاجدر اختيار موضوع معاصر للمسابقة وذلك للاساهام في تحديث هذا الفن وجعله يواكب حياة الناس الآن. وعموما فإن كل هذه الملاحظات لا تنقص في شيء من قيمة هذه التظاهرة الفنية الثقافية المتفردة ولا من حجم العمل الذي قامت به هيئتها المديرة.