* القاهرة خاص للشروق من محمد يوسف: قرار مصادرة رواية الدكتورة نوال السعداوي «سقوط الامام» بعد نحو 20 عاما من صدورها كان الحدث الذي فرض نفسه على الساحة الثقافية المصرية، واذا كانت كل أعمال الدكتورة نوال محل نظر وخلاف... بل ومصادرة دائمة الا ان المفارقة التي حملتها هذه المصادرة لرواية موجودة في الاسواق منذ سنوات وتمت ترجمتها الى العديد من اللغات الاجنبية طرح عددا من الأسئلة أبسطها... لماذا... وما مغزىالتوقيت؟ إلتقت «الشروق» الدكتورة نوال السعداوي لتعرف الاجابة على هذه الأسئلة من وجهة نظرها حيث اكدت لنا أنها لا تعرف السبب المباشر ولا تستبعد اي احتمال وقالت: أنا لاني طويل عندما اكتب في الموضوعات التي لا يحبونها مثل الجنس والسياسية... والقهر مشيرة الى أن المصادرة ليست حلا لانها تعمل مع نشر الكتاب والترويج له. وأكدت الدكتورة نوال السعداوي أنها ليست ضد الدين ولا تعارض القيم كما يشاع ولكنها تدعو الى احكام العقل وفضح التشابكات بين الدين والسياسة وتروج لمفهوم واسع من أجل «أنسنة» الجنس والرقي بالعلاقة بين الرجل والمرأة. * الشروق: هل أصابتك صدمة من مصادرة روايتك «سقوط الامام» خاصة وانها كانت موجودة في الاسواق والمكتبات منذ صدورها قبل 20 عاما؟ أنا تعودت على المصادرة سواء بصورة كاملة او جزئية... فاذا لم يصادر كله اجد جهات تنصب من نفسها رتيبة وتبتر أجزاء من هنا وهناك، ولا يقتصر ذلك على الازهر او مجمع البحوث الاسلامية فلي تجربة ايضا مع وزارة الثقافة وبالتحديد المجلس الاعلى للثقافة عندما قرر ترجمة كتاب اعدته استاذة امريكية من أصل عربي اسمها فدوى دوجلاس تناول دراسة عن مؤلفاتي وبعد انتهاء الترجمة قاموا بحذف أجزاء منها قطعة ثم قطعة وانتهي الأمر بوقفه تماما». * الشروق: هل يعني ذلك ان هناك حربا «على مصادرة أفكارك»؟ على العكس فعملية المصادرة في حد ذاتها تعمل على نشرها فالرواية التي قاموا بمصادرتها سبق نشرها قبل 20 عاما، كتبته وانا في المعتقل عندما أصدر الرئيس السادات قرار اعتقالي من احداث سبتمبر «المصرية» الشهيرة وهي مستوحاة من السادات نفسه فهو الامام الذي سقط من خلال حبكة روائية عن مطاردة من البوليس لابنة غير شرعية للامام قامت بقتل والدها ومن خلال هذه المطاردة يظهر الفساد الذي رصدته الرواية. * الشروق: ولكن المضمون يتحدث عن مرحلة انتهت... فلماذا يتم الآن وفي هذا التوقيت مصادرتها... ما تفسيرك لذلك؟ تفسير وحيد يتمثل في رسالة تحريض ضدي على أساس أنني أقدم فكرا ورؤى ضد الدين والقيم، وللاسف فهناك من لا يزال يلعب بسياسة السادات الذي كان يشجع الفكر الديني والمتطرف الذي كانت تدعمه السياسات الامريكية في ذلك التوقيت، وقد يكون اتجاههما متعارضا ولكن هدفه واحد يكمن من استهداف الكتابات والمفكرين الذين يتناولون السياسة والاقتصاد والمرأة، ويناهضون وضع الحجاب على العقل واستخدام الدين في تعمية العقول. موقف الأزهر * الشروق: هل تعنين بذلك رجال الدين سواء في الأزهر او مجمع البحوث الاسلامية؟ وأنا أتصور ان دور الازهر على العكس تماما بحيث يكون مؤسسة فكر وتنوير بدلا من حالة «الموات» الذي يعيش فيه ويحاول ان يقول انه موجود من خلال تلك المصادرات رغم ان هناك آلاف الكتب الجنسية الرخيصة على أرصفة الشوارع ولا يهتمون سوى بأعمالي حول المرأة والجنس والازدواجية الجنسية التي نعيشها، ومحاولاتي الرقي بالثقافة الجنسية الى مستواها الانساني المطلوب التي حاولت ان ارصده ومنها حكاية ختان البنات التي يتم مكافحتها حاليا في مصر بعدما واجهت مقاومة ضدي عندما دعيت اليها منذ سنوات طويلة. * الشروق: هل ترين ان قضية المصارة تنحصر فقط في رجال الدين ولا دخل لآرائك السياسية فيها... خاصة وانهم يقولون انهم لا يمانعون؟ لا أستبعد اي شيء فالسياسة بحورها عميقة... خاصة وأن «لساني طويل» منذ أول ما كتبت قبل نصف قرن عندما رصدت الفساد في الطب والاخلاق والسياسة، وعاهدت نفسي على كشفه سواء من خلال دراسة أورواية واناقش فيها مباشرة كل القضايا، الجنس والمرأة الرجل... الجنس والاقتصاد... الجنس والسياسة... القهر السياسي... القهر الاقتصادي. * الشروق: هناك سؤال موضوعي هل كانت رواية «سقوط الامام» التي تمت مصادرتها ضد الدين وتعاليمه؟ ومن قال ذلك؟... هل هم قالوا ذلك؟ أقول لك ان هذه الرواية» مع وليس ضد الدين شأنها شأن كتاباتي في الجنس ولا تنسى ان والدي كان أزهريا تعليما ومهنة وكذلك عمي كما أنني قارئة متعمقة للدراسات الاسلامية والدينية بشكل عام، فهل اذا كتبت عن الجنس اصبح ضد الدين، وهل اذا كنت ادعو الى ما يطلق عليه ب»انسنة الجنس» أكون خارج الدين وأثير الشباب رغم انني اكتب بطريقة علمية تماما بحكم عملي ودراستي للطب، وهل اذا طالبت بأن يتحول الجنس بين الرجل والمرأة الى علاقة محترمة ورفيعة أكون متساوية مع من يكتبون في الجنس لاغراض التجارة والاثارة! * الشروق: بالمناسبة هل المصادرة بالنسبة لمؤلفاتكم تقتصر على الكتب فقط... ولماذا لا تظهر اعمال فنية عنها؟ يا سيدي كل رواياتي منعت في التلفزيون والسينما!! * الشروق: يقول أمين عام مجمع البحوث الاسلامية المصري انهم لا يملكون سلطة المصادرة ولكنهم يوصون بها فقط؟ أولا واخيرا لقد وضعوا انفسهم قيدا على حرية الفكر والابداع... وهذا ليس من حقهم. * الشروق: هل اتخذت اجراءات قانونية لمواجهة قرار المصادرة كما نشر في احدى الصحف؟ لا... لم ألجأ الى القضاء حتى الآن ويكفيني ان تلك الرواية التي تم مصادرتها موجودة في الاسواق منذ عشرين عاما، بخلاف المكتبات العربية ونحو 14 لغة تمت ترجمتها اليها.