إن المصادقة على الاتفاقية الدولية يجعلها تدخل ضمن المنظومة القانونية الوطنية وتحتل المرتبة الاعلى من القوانين العادية، وهو المبدأ الذي استندت اليه دائرة وكيل الرئيس الاول بمحكمة الاستئناف بتونس في المادة الادارية في قضية رفعها مواطن ضد مجلس الهيئة الوطنية للمحامين. القرار جاء تحت عدد 4446 وصدر بتاريخ 24 فيفري 2004 وقد ورد بهذا القرار ان المستأنف تقدم بتاريخ 26 فيفري 2002 بمطلب ترسيم بجدول المحاماة لدى الهيئة الوطنية للمحامين وأرفق مطلبه بمضمون ولادة وشهادة في الجنسية التونسية وبطاقة عدد 3 وشهادة اقامة وشهادة «الليسانس» في الحقوق من جامعة الجزائر والشهادة الجزائرية للكفاءة لمهنة المحاماة وشهادة تمرين وقرار معادلة يتعلق بشهادة «الليسانس» في الحقوق ومحضر أداء يمين أمام مجلس قضاء عنابةبالجزائر وشهادة انتهاء تربص صادر عن المنظمة الجزائرية للمحامين، إلا ان الهيئة الوطنية للمحامين بتونس رفضت مطلب الترسيم بجلستها المنعقدة يوم 10 ماي 2003 لان الطالب غير متحصل على شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة التونسية ويعتبر غير مستكمل الشروط القانونية الواردة بأحكام الفصل 3 من القانون عدد 87 المؤرخ في 7 سبتمبر 1989 فطعن المستأنف في قرار الرفض بواسطة محاميه الذي لاحظ أن قرار الهيئة قد هضم حقوق الدفاع لان الهيئة استندت الى احكام الفصل الثالث من قانون 1989 المنظم لمهنة المحاماة في حين قدم منوبه مطلبه استنادا الى أحكام الاتفاقية التونسيةالجزائرية المبرمة في 26 جويلية 1963 المنشورة بالرائد الرسمي الصادر في 10 و14 جوان 1966 وتجاهلت الهيئة أحكام الاتفاقية ولم تجب عنها سلبا او ايجابا وأضاف ان القرار خرق أحكام الفصل 32 من الدستور التونسي وأحكام الاتفاقية التونسيةالجزائرية ذلك ان الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لها علوية في التطبيق بالنسبة للقانون الداخلي، خاصة وقد اقتضت احكام الفقرة الاخيرة من الفصل الخامس من الاتفاقية انه «بطريق التبادل فان مواطني كلتا الدولتين يمكنهم طلب ترسيمهم بجدول محاميي الدولة الاخرى اذا استكملوا شروط الترسيم القانونية بالدولة المطلوب فيها ذلك»، وتكون الاتفاقية بذلك قد خولت للطاعن بصفته تونسيا اكتساب صفة المحامي بالجزائر طبقا للقانون الجزائري فلا يعقل ان تسلب له هذه الصفة بمجرد عودته الى أرض الوطن قصد ممارسة مهنته المحاماة وان مطالبة التونسي الذي اكتسب صفة محام بالجزائر وفقا للتشريع الجزائري بعد نفاذ احكام الاتفاقية ومطالبته باتباع الاجراءات الاولية للترسيم بجدول المحامين بتونس بعد معاملة الوطني بما هو ادنى من الجزائري في الظرف و الحالات المماثلة في حين ان كل التشاريع تعطي لمواطنيها ما يعرف بامتياز الجنسية وفضلا على ذلك فان منوبه قد اكتسب صفة المحامي بموجب التشريع الوطني اذ انه وبمجرّد المصادقة على الاتفاقية القضائية تدخل في المنظومة القانونية الوطنية وتعتبر جزءا منها وتحتل المرتبة الاعلى من القوانين العادية. واعتبرت المحكمة انه تبين من خلال الاطلاع على مؤيدات الدعوى ان الطاعن تونسي الجنسية متحصل على الاجازة في الحقوق من الجامعة الجزائرية وعلى شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة الجزائرية وأدّى اليمين وباشر المحاماة في الجزائر وهو تونسي الجنسية وتمكن بموجب احكام الاتفاقية القضائية المبرمة بين تونسوالجزائر من اكتساب صفة المحامي بالجزائر ولا يجوز سلبه تلك الصفة بمجرد عودته الى بلده قصد ممارسة المحاماة وفضلا على ذلك فانه بمجرّد مصادقة البلاد التونسية على الاتفاقية التونسيةالجزائرية فانها تدخل ضمن المنظومة القانونية الوطنية وتحتل المرتبة الاعلى من القوانين العادية وطالما اكتسب الطاعن صفة المحامي بموجب تلك الاتفاقية فقد اضحى محاميا بموجب التشريع الوطني ولا يجوز مطالبته باتباع الاجراءات الاولية للترسيم، لذلك اعتبرت المحكمة ان قرار الهيئة لم يكن مبنيا على أسس قانونية سليمة لذا يتجه الحكم بنقضه والقضاء مجددا بالاذن بترسيم المستأنف بجدول المحامين المباشرين.