هو فنان تونسي خطّ مسيرة فنية ثرية منذ 1990برصيد غنائي تجاوز 45 أغنية يؤمن بأن الفن تحدّ أو لا يكون، أشع عربيا بعدة أغان، يحتل مكانة جماهيرية هامة، هذا هو غازي العيادي الذي القته «الشروق» قبل عرضه مع الفرقة الوطنية للموسيقى بمهرجان صيف المتوسط بأكودة في حوار مثير عبّر فيه عن واقع المشهد الموسيقي التونسي وتحدث عن جولته في المهرجانات وغيرها من المواضيع بكل جرأة وهذه التفاصيل. كيف تصف جولتك الأخيرة في مختلف المهرجانات؟ في الحقيقة هذه أول مرة أقوم بجولة. كانت جولة محفوفة بالتعب بمختلف أشكاله وهو شيء لم أتعوّد به ففي عرض قرطاج على سبيل المثال كنت مثقلا قبل الصعود على الركح بطنين من التعب. وهذا يحيلني على مقارنة بيننا وبين المطربين المشارقة الذين يدخلون قرطاج بكلّ أريحية ويجدون كل شيء جاهزا بل وتفرش لهم الورود والزربية الحمراء. لقد كنت مسؤولا بكل تفاصيل العرض والدعاية والفرقة، كل حصص التحضير الصوت والاضاءة وكانت لي في أيام الصيف الفائتة قرابة ال60 موعدا مع كل الأشخاص المرتبطين بالعرض. كذلك الحال في بقية المهرجانات، وهنا اقترح على إدارة قرطاج وليس هذا لوما أن تعلمنا بالعرض قبل 6 أشهر حتى نتمكن من التحضير كما ينبغي، أود بالمناسبة أيضا أن أنوّه بوجود العديد من الفنانين التونسيين على ركح قرطاج. وهذا يحسب لهذه الإدارة، وأنا دائما أقول أن التوانسة رغم أنف البعض لهم الأولوية، وتواجد العديد منهم هذه السنة على ركح قرطاج من شأنه أن يعطي شحنة للبقية لمزيد العمل بعد أن لازمهم الاحباط في فترة ما نظرا لصعوبة الصعود على هذا الركح فالفنان التونسي في حاجة إلى التشجيع.. «التونسي أولى من أي إنسان آخر». صعودك على مسرح قرطاج هل كان في أوقاته؟ أعتقد اني صعدت بصفة متأخرة.. كنت أتوقع صعودي منذ 8 سنوات، لكن في تونس حتى شيء ما يجي بالساهل ولكن «موش مشكل» لم يفتني شيئا بالعكس غازي 2009 ليس غازي 2000 الآن اكتسبت الخبرة وأصبحت نجما عربيا رغم أنف الكثيرين ورغم أننا دائما في تونس نسعى للتقليل من قيمة المبدع المشهور. لا بدّ أن تتغير العقلية ففي مصر إن قمت بنقد فنان وقلت إنه لا يحسن الغناء يقولون لك انه نجم إذن لا بد من معاملة خاصة للنجم، نحن في تونس لا يكبر عندنا إلا القرع «أما الفنانون في النهار الكل شادين فرودة على بعضهم كل واحد يتهكم على الآخر بمنطق «هذاكة شكونو» يا ولادي كبروا من شأن بعضكم تو تكبروا الكلّ»، اليوم أنا كبرت، وغدا فنان آخر وهكذا دواليك وهذه العقلية هي التي تجعلنا نكبر فلا بدّ أن نبتعد عن تهميش بعضنا البعض، أنا غازي العيادي مع احترامي للكلّ معروف ومشهور في تونس كلّها وفي العالم العربي. ألا ترى أن عطاءك غير مستقرّ؟ في فترة ما لم أجتهد بما فيه الكفاية ولكن لما علمت بصعودي على قرطاج كثفت مجهوداتي، وبعد ما قدمت ملفي «خدمت شويّا» وأنزلت الألبوم وعدت لروتانا، وأنتجت كليب شاركت وفي برامج في العالم العربي كذلك في تونس، وقمت بمراجعة نفسي وقلت سأركز على تونس بصفة خاصة وسأقلّل من الذهاب إلى لبنان ومصر لأني ابتعدت كثيرا مما جعل لجمهور ينساني. لكن هناك من يتواجد في الشرق ولم ينسه الجمهور؟ مثل من؟ إعطني أسماء.. صابر الرباعي، صوفية صادق، لطيفة العرفاوي؟ دائما عندكم مثال واحد صابر الرباعي، أولا صوفية «عمرها ما خرجت» هي نجمة تونسية أما عربيا لا وجود لها، ثانيا لطيفة العرفاوي اشتهرت في فترة ماضية «أيّام حبّك هادئ» لطيفة ذاتها لها مقاييس خاصة وظروف معيّنة.. أما عن صابر الرباعي فأنتم لا تعرفون «اشنوّة اللّي فمة» صابر وراءه آلة كبيرة خدمتو وخدمها، لو تتوفر لي تلك الآلة «تشوفني آش نعمل» أنا أعمل بإمكانياتي الخاصة والحمد للّه موجود كما ينبغي، صابر نجم عربي وراءه شركة عربية ربّي يزيدو أنا لا أقلل من القيمة الفنية لصابر فهو يستحق لهذه الشركة العربية كذلك نحن أيضا، ولا يكون إلا بدعم «أولاد بلادنا». صابر ساعده نجيب الخطاب ولولاه لكان له طريق آخر ربّما نحن نطلب من الاعلاميين التونسيين أن يعملوا ما عمل نجيب الخطاب مع صابر. لكن تواجدك في العالم العربي لم يكن من فراغ؟ أنا متواجد بالعالم العربي ولكن بإمكانياتي الشخصية المتواضعة. لماذا لم تواصل إذن؟ لا أملك الأموال الكافية لذلك، وإني أستغرب من بعض الصحافيين الذين يتجاهلون هذه الظروف، فهل الصحافي ملمّ بما يحدث في العالم العربي ام انه لا يعرف الفنان التونسي. الصحافيون يحاسبون الفنان التونسي بقسوة في حين أنّ آخرين يربحون المليارات ووراءهم أعظم الشركات كيف لا يبرزون بينما نحن نعمل ونجتهد بملاليم، الأغنية في مصر تتكلّف 15 ألف دولار، كيف سأتصرّف يلزمني 4 سنوات لانتاج ألبوم، شركات الانتاج في تونس لا تنفق إضافة إلى أن المحطات التلفزية التونسية لا تدفع للفنان التونسي. إذن ماذا بقي في تونس، حفلات الزفاف، والمهرجانات التي أصفها بالعرابن النظيفة حتى والمهرجان هو عربون محتشم مع احترامي للعرابن، أنا أجتهد ومن المفروض أتحصّل على شهادة شكر، لأني أعمل دون دعم ولا شركة ولازلت أكافح. ماذا بعد المهرجانات؟ في تونس تجد شبه مطرب ولن أسيء، ليس له وجود أو نجاح أو أغنية ناجحة تجده يجوب 25 مهرجانا «الحكاية كلها حركة في تونس احرك احرك تلقى الدنيا كلّها»، عكسي أنا بحكم عدم تواجدي باستمرار في تونس وبطبعي لا أريد الدخول في منطق «اجري واركب» وأظن أن أي فنان له مسيرة ومكانة قادر على التواجد بالمهرجانات لذلك سأركز أكثر وسأنجز مخططا محكما للتواجد كما ينبغي في تونس. لكن هناك الكثيرون لهم مسيرة حافلة وغير متواجدين كما ينبغي بالمهرجانات كيف تفسّر ذلك؟ المطربون أصناف، هناك «ناس يدبروا في ريوسهم» ابتسم لهم الحظ بعض الشيء فاستغلوا ذلك للتمعّش والربح المالي. وهناك فنان مولود ليكون فنانا ولا تهمّه الأموال، واستدل بتجربتي فأنا متواجد منذ 1990 ولا زلت موجودا، فالفنان غير مرتبط بفترة زمنية وشخصيا أعتبر قرطاج نقطة بداية جديدة. كيف ترى التجارب التي يقوم بها بعض الفنانين بمسرحة عروضهم الموسيقية؟ 90٪ يدبروا في ريوسهم» يكذبون لا توجدلا نظريات ولا توجهات فنية لا يوجد أي شيء هم لا يبحثون إلا عن الربح المالي بأي طريقة كانت ولكن ما أعيبه على بعض الفنانين على سبيل المثال وأشير إلى فنانة تعتبر نفسها مشهورة وراقية وتحضر جماهير حفلاتها بكثافة وتدعي أنها مترفّعة عن المال، هذه الفنانة ليس لها أي علاقة بالرقي فالفنان الراقي عليه بالانتاج الجديد ويجعل الجمهور يردّد أغانيه بعد مائة سنة ويتجنب السطو على أغاني غيره. إذن المهرجانات والأموال ليست من اهتماماتك؟ تركيز الفنان يجب أن يكون منصبّا على فنّه فالنجاح لا يقدر بالرصيد البنكي، لا بعدد المهرجانات، ففي رصيدي أكثر من 45 أغنية وتركيزي حاليا منصبّا على الموسيقى وأطمح إلى النجاح العربي بعملي وجهدي بعد النجاح التونسي الذي تذوق من خلال العديد من الأغاني على غرار «حبيت زماني»، «صعب الواحد بيحبّك» ارفض الانسياق في تيار اللهفة على المهرجانات والافراط في العقلية التجارية البحتة وأحرص على توظيف أموالي في الانتاج، لأنه الوحيد الذي يولد النجاح لو أنتجنا 50 أغنية 10 منها على الأقل لابدّ من أن تنجح لكن تمرّ سنة ولا تنجح أي أغنية تونسية، والمشكل أن أغلب التوجهات أصبحت نحو الأغنية الشرقية، لذلك تجد الأغلبية يسعون إليها لمجرّد الشهرة بحكم دعم الإعلام لها، أدرك أنني لن أغيّر السكون، لكن سأحاول ارجاع أيام غازي العيادي، ربما كنت في الصف الثاني أو الثالث ولكن أعتقد أني رجعت حاليا إلى الصف الأول رغم ما حدث لي في 2005 والكذبة الكبرى التي تمّ ترويجها. كيف تفسّر المفارقة بين العرض الفني المتواضع والاقبال الجماهيري المكثف؟ الجمهور مثل الرضيع يمكن تربية ذوقه ولكن قاعدين يربيو فيه على الأغاني الشرقية.. جولة المهرجانات جعلتني أدرس الحضور الجماهيري فهناك من الفنانين من يشتري الحضور الجماهيري ويستعمل الطرق الملتوية، وهناك من تساعده الوزارة بإحضار مجموعات تواكب عرضه. الجمهور التونسي يعشق الفقاعات الاعلامية ففي حفل (أليسا) الكلّ خرج يشتم ولكن لو جاءت مرّة أخرى إلى قرطاج سيمتلئ مرّة أخرى والاعلام العربي هو الذي ينفخ في صور المطربين فهناك من يغني أغاني الغير ويشتهر لا بدّ للمطرب أن يخدم نفسه إعلاميا ولا بدّ من تعاون الصحافيين مع الفنانين التونسيين من خلال النقد البناء.