بعد حوالي 3 أشهر من العمل بنظام الحصة الواحدة عاد التونسيون يوم الثلاثاء للعمل بنظام الحصتين وهو ما فسح المجال لارتفاع شديد في نسق الحركة على جميع المستويات، سواء في المجال التجاري أو الإداري أو الخدماتي.. وقد زاد تزامن هذه العودة مع العودة المدرسية ومع العودة من عطلة عيد الفطر في «حدة» هذا الارتفاع، حيث كان ذلك اليوم غير عادي بشهادة كثيرين خاصة أن آخر عهد للتونسيين بهذه الحركية يعود إلى أواخر جوان الماضي.. هذا التغيّر في نظام العمل سيحكم على أغلبية المواطنين إن لم نقل على الجميع بتغيير نظام العيش على جميع المستويات، بعد 3 أشهر من العيش على نمط الصيف ورمضان. كما سيحكم على الناشطين في عدة قطاعات ومهن بتغيير طريقة ممارسة عملهم ولم ينف كثير من هؤلاء أن 3 أشهر متتالية من الصيف ورمضان أثرت سلبا على أنشطتهم (من الناحية المادية) ويعولون كثيرا على عودة نظام الحصتين لاستعادة الانتعاشة فيما عبر آخرون عن تحسرهم على نهاية الصيف ومن بعده رمضان باعتبارهما مثلا فرصة لهم لتحقيق مرابيح استثنائية من أنشطة عادية أو إستثنائية.. عودة الروح مثلما حصل في السنة الفارطة، فقد حكم تتالي الصيف ورمضان على عدة مطاعم بغلق أبوابها تماما على امتداد 3 أشهر كاملة، وهي خاصة تلك الموجودة بالاحياء الادارية بالعاصمة (مثلا بحي مونبليزير والحي العمراني الشمالي...) حتى وسط العاصمة والمدن الكبرى وبجانب المدارس والمعاهد والجامعات ومراكز التكوين وفق ما أكده السيد محمد الجريء عضو الغرفة الجهوية لأصحاب المطاعم صنف 1 بتونس العاصمة. ومن جهة أخرى قال الجريء إن أصحاب هذه المطاعم يفضلون في الصيف غلق محلاتهم تماما لأن فتحها يعني بالنسبة إليهم العمل بالخسارة، فأغلب الموظفين والأجراء يختارون في الصيف تناول فطور منتصف النهار في منازلهم بعد العودة من العمل.. واعتبر عضو غرفة أصحاب المطاعم بتونس أن بعض المهنيين يغامرون ويفتحون محلاتهم في الصيف معولين على بيع بعض الأكلات الخفيفة في الفترة الصباحية لكن ذلك غير كاف ولا يحقق غالبا موازنة بين النفقات والمداخيل. كما أشار أيضا إلى ما يعانيه أصحاب هذه المحلات خلال شهري الصيف ورمضان من نفقات دون نشاط مثل معاليم الكراء وأجور العمال وبعض المعاليم الأخرى القارة واعتبر أن عودة العمل بنظام الحصتين هو بمثابة عودة الروح لهؤلاء حتى يقدروا على خلاص ديون عالقة.. غير أنه إستدرك وقال إن ذلك ليس مضمونا 100٪ لأنه مادامت مشكلة تذاكر المطاعم «Tickets restaurants» (مشكلة تحويل وجهة هذه التذاكر نحو شراءات أخرى غير الطعام) قائمة فإن الأمر لا يستوي بالنسبة لأصحاب المطاعم خاصة في ظل غلاء النفقات والمواد الأولية (خضر، غلال، مصبرات، لحوم، أسماك). تراجع ب70٪ إضافة إلى المطاعم، فإن القطاع الثاني الذي يتأثر كثيرا بالصيف ورمضان هو قطاع المقاهي وفق ما ذكره السيد حبيب التستوري رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المقاهي صنف 1. وقال المتحدّث إن المقاهي المتمركزة قرب الادارات ومواقع العمل وحتى وسط المدن الكبرى تتأثر في الصيف بسبب نفور الحرفاء منها بعد منتصف النهار وبعد الظهر وفي الليل، حيث «يهرب» الجميع نحو المقاهي الشاطئية أو المقاهي الموجودة خارج المدن والتي تتوفر بها فضاءات في الهواء الطلق... وينضاف الى هذه الفترة شهر رمضان الذي يحكم على عدّة قاعات شاي ومشارب بغلق أبوابها تماما لأنه لا أحد يقصدها في الليل وهو ما يدفع ببعضها الى طلب تراخيص استثنائية لفتح الابواب في نهار رمضان... وحتى المقاهي العادية التي يرتادها حرفاء في الليل فإن مرابيحها في رمضان تنخفض بنسبة 60 أو 70٪ لأن فترة العمل قصيرة (6 ساعات) عكس فترة العمل العادية (أحيانا 18 ساعة) وأيضا بسبب غياب بيع فطور الصباح (قهوة كبيرة بالحليب وكرواسون) والذي قال عنه المتحدث أنه يمثل جانبا هاما من مرابيح المقاهي في الأيام العادية، وختم رئيس غرفة المقاهي صنف 1 حديثه بالقول إن قاعات الشاي الفاخرة تحقق توازنا ماليا في رمضان بحكم اقبال الحرفاء الكبير عليها في الليل وبحكم تمتّعها بالتعريفة الاستثنائية للمشروبات الساخنة وبحريّة التسعيرة في المشروبات الباردة والمرطّبات. وإجابة عن سؤال حول امكانية استغلال أصحاب المقاهي والمطاعم المتضرّرة من الصيف ورمضان لعودة نظام الحصّتين حتى تحقق الآن ما لم تحققه من مرابيح على امتداد الأشهر الثلاثة الماضية، قال التستوري إن ذلك غير ممكن لأن المهني سيحاول في هذه الفترة استقطاب مزيد من الحرفاء الجدد، ولن يكون ذلك الا بالبيع بأسعار معقولة وتوفير جودة محترمة خاصة في ظل ارتفاع نسق المنافسة في هذين القطاعين. صعبة كما جرت العادة كل عام، فإن الفترة التي تلي شهر رمضان مباشرة تعتبر صعبة بالنسبة لعدة أنشطة ومهن فأغلب العائلات تمرّ في هذه الفترة بصعوبات مادية وطبيعي ان ينخفض حجم الاستهلاك لديها خاصة على مستوى الأكل والشرب واللباس، فأغلب العائلات تزوّدت بحاجياتها من الملابس في الصيف والعيد وبمناسبة العودة المدرسية ولن تقتني بالتالي ملابس في الفترة القادمة خاصة مع تواصل ارتفاع الحرارة، وذلك وفق ما قاله أحد المختصين في هذا المجال. وستدخل تجارة الملابس تبعا لذلك فترة صعبة في انتظار حلول فصل الشتاء وما قد يخلقه من حركية لديهم بفعل شراء الملابس الشتوية وعلى مستوى المأكل، ينخفض النسق حتما في العائلات بعد رمضان، حيث يكثر الاستهلاك خارج المنزل وتصبح الوجبات داخل العائلات عادية للغاية وهو ما يؤثر حتما على نشاط باعة المواد الغذائية (خضر لحوم أسماك دواجن مصبرات) لكن ذلك قد يقابله ارتفاع نشاط باعة الجملة بسبب تزوّد المطاعم والمقاهي (التي سيرتفع نشاطها) من عندهم حسب ما يراه المختصّون.. استرداد الأنفاس يشهد فصل الصيف وشهر رمضان ضغطا كبيرا في عمل المؤسسات الادارية والبنكية خاصة تلك التي لها علاقة مباشرة بالمواطن وذلك بسبب قصر مدّة العمل (فترة صباحية فقط)، وهذا ما يجعل كثيرا من الموظفين يعملون بنسق مرتفع دون انقطاع لقضاء كل الخدمات المطلوبة من المواطنين وستمثل عودة نظام الحصتين فرصة لهم لاسترداد انفاسهم لأن المواطنين سيجدون متسعا من الوقت لقضاء حوائجهم الادارية على امتداد الفترة الصباحية والفترة المسائية. أما العاملون في مجال النقل العمومي (سواق الحافلات مثلا) فإن النسق لديهم سيرتفع بسبب عودة نقل التلاميذ والطلبة في الصباح والمساء وأحيانا في منتصف النهار.