يستدلّ الفيلسوف الفرنسي «ديكارت» Decartes على وجود الله بالأدلة الثلاثة التالية: 1) إن شكي في الأمور يدل على أني موجود ناقص لأن المعرفة أكثر كمالا من الشك وما كنت أعرف أني موجود ناقص، لو لم تكن لدي فكرة الموجود الكامل اللامتناهي فأنا إذا موجود ناقص يملك فكرة الكمال فمن أين جاءتني هذه الفكرة؟ إنها ليست مستمدة من العدم إذ لا بد أن يكون هناك موجود لا نهائي كامل طبع هذه الفكرة في نفسي وهذا الموجود اللانهائي هو الله. 2) وهذا الدليل متمم للدليل الأول: أنا أعرف الآن أنني موجود ناقص وفي ذهني فكرة الوجود الكامل فما هي إذا علة وجودي؟ إني لا أستطيع أن أتصور نفسي خالقا لنفسي ولوجودي، ولو كنت كذلك لما حرمت نفسي شيئا من الكمال الذي ينقصني ولأصبحت موجودا كاملا فلست إذا خالق نفسي فوجودي إذا تابع لعلة تتضمن كل ما يتصور من الكمال وهذه العلة هي الله. 3) يسمى بالدليل الوجودي «الانطلوجي» وخلاصته إن الكامل هو الذي يملك جميع الكمالات والوجود من صفات الكمال إذا الكامل موجود فهذا الدليل يبدأ بتعريف الكامل تعريفا وجوديا ويستنتج من كمالاته وجوب وجوده، إذ لا يتم كمال الكامل إلا بتقرير وجوب الوجود له. 4) هذه البراهين من أشهر ما قدمه بعض رجال الفكر للاستدلال على وجود الذات الإلهية ولا شك بأن اليقين العقلي أمر أساسي وخطوة حاسمة لا بد منها للتحرر من الجهل والشك ولا مبالاة اللاأدرية وغرور الإلحاد غير أنه يبقى يقينا باردا جافا، إذا لم يقتحم قلب المؤمن الواعي ويمتزج به ويشعره بشدة قرب الله منه ومعيته المحيطة بكل شيء ويكون له الدافع الأساسي لتغيير ما بالنفس نحو الأحسن وفي ذلك الحين يستطيع أن يردد مع ابن عطاء الله الاسكندري: «إلهي.. كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك؟ إلهي أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك؟ إلهي... متى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك. 5) أو مع الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي عندما يقول: «لا يقع بصر إلا عليه، ولا يخرج خارج إلاّ منه، ولا ينتهي قاصد إلا إليه... فيا أولي الألباب أين الغيبة والحجاب؟