لم يرتق الدربي الثاني للعاصمة بين النادي الافريقي والملعب التونسي الى انتظارات الجماهير التي لم تحضر بالعدد الكافي في ملعب رادس كعادتها ولم نشاهد مباراة جميلة ذات نسق مرتفع إذ غلبت الحسابات التكتيكية الخاطئة لمدرب الافريقي بيار لوشانتر الذي ألغى وسط الميدان الهجومي من خطته وعزل مهاجمي فريقه رغم كثافتهم العددية لانه بدأ المباراة بأربعة مهاجمين. في المقابل بالغ مدرب الملعب التونسي باتريك لوفيغ في الحذر وجرد فريقه من أسلحته الهجومية حين لعب بمهاجم صريح وحيد هو فخر الدين ڤلبي محاولا استغلال طول قامته بإمداده بالكرات العالية خاصة عن طريق مروان تاج وبلال الرياحي لكنه نسي أن محور دفاع الافريقي يتقن جيدا رد الكرات الفضائية مما جعل مهاجم البقلاوة بلا أي فعالية مما اضطره لمغادرة منطقة الافريقي ليلعب متأخرا نوعا ما ولم يشكل أي خطر يذكر على الحارس النفزي. تباين في الخيارات وتناقض بين التشكيلتين من خلال مجريات المباراة لاح بوضوح أن المدربين الفرنسيين بيار لوشانتر بالنسبة الى الافريقي وباتريك لوفيغ بالنسبة الى الملعب التونسي كانت رغباتهما متباينة فلئن لعب مدرب الافريقي الهجوم المطلق باعتماده على أربعة مهاجمين وهي أول مرة نرى فيها الافريقي يدخل مبارياته بمثل هذه الطريقة إلا أنه لم يؤمن في المقابل التنشيط الهجومي بإقحامه للاعب وسط يحسن صنع اللعب وتركه للوحيد الذي يصلح لمثل هذه المهمة حاليا في نادي باب الجديد على البنك وهو خالد المليتي وذلك في غياب أسامة السلامي بداعي الاصابة هذه الطريقة جعلت حلقة الوصل في تشكيلة الافريقي تغيب ولم تصل الكرات بالشكل المطلوب إلى المهاجمين وزاد الطين بلة تثاقل لاعبي الافريقي في اخراج الكرة من مناطقهم مما جعل السرعة تنعدم في حبك الهجومات اضافة الى الضغط الذي مارسه خط وسط نادي باردو على كل من يملك الكرة لتنعدم الحلول امام ابناء لوشانتر ويفشلون في صنع فرص خطيرة يمكن أن تنبئ بقرب اهتزاز الشباك. في المقابل لعب مدرب الملعب التونسي بمهاجم وحيد وأعطى الاولوية لهدم هجمات الافريقي قبل بناء هجمات فريقه ولم يعتمد في ذلك الا على عكس الهجمات واستغلال الفراغات في دفاع منافسه لصنع الخطر وحتى تاج والرياحي جردهما من الكثير من صلاحياتهما الهجومية لتكون المهمة الاولى لهما منع ظهيري الافريقي العمري والعيفة من معاضدة الهجوم وقد نجحا في ذلك بنسبة كبيرة. انكماش دفاعي وجرأة هجومية الفريقان اذن دخلا المباراة برغبتين متناقضتين فالنادي الافريقي كان يطمح الى الفوز وسعى له سعيا حثيثا في حين كان الملعب التونسي متخوفا من منافسه ومحتاطا اكثر من اللازم في مناطقه لذلك كانت المبادرة بالهجوم لصالح نادي باب الجديد الذي عمل على مباغتة مضيفه منذ الدقيقة الاولى بعد تسرب من الذوادي وتوزيعة في عمق الدفاع لم تجد من يحولها الى شباك الحارس الجريدي ليدخل الافريقي بعدها في سيطرة مطلقة على مستوى امتلاك الكرة لكن دون خطر يذكر بفضل الوقفة الدفاعية الممتازة للاعبي الملعب التونسي انطلاقا من خط وسط الميدان الذي وضع فيه المدرب لوفيغ ثلاثة لاعبي ارتكاز يضاف اليهم تاج والرياحي للمساندة في التغطية مما حرم زملاء الذوادي من المساحات اللازمة لحسن التصرف في الكرة ولم نر الملعب التونسي في حالة هجومية خطيرة الا في الدقيقة العاشرة حين استغل ابراهيما با ارتباكا في محور دفاع الافريقي الذي رد الكرة أمامه بطريقة عشوائية فمرر الى مروان تاج الذي لم يستغل الموقف وسدد كرة عالية جدا. فلسفة غريبة للوشانتر رغم ان الموسم مرت منه الى حد الان ثماني جولات الا أن المدرب بيار لوشانتر أظهر أنه لم يستقر له قرار حول الطريقة المثلى التي ينبغي عليه اتباعها في كل المباريات ولم يعط بالتالي لفريقه طابعا خاصا به مثلما فعل سلفه عبد الحق بن شيخة أو أي مدرب مع أي فريق حين يمنح ناديه طريقة فنية معينة لا تتغيّر إلا جزئيا حسب طبيعة المنافس فمدرب الإفريقي جعل فريقه لأول مرة يلعب بأربعة مهاجمين لكن بلا أي فائدة تذكر ما داموا محرومين من لاعب وسط يحسن تزويدهم بالكرات في الوقت الملائم معوضا ذلك بتوغلات الذوادي وتراوري على الرواقين والتي لم تعط أكلها أمام المحاصرة والضغط المسلط على من يملك الكرة منهما من أكثر من لاعب إضافة إلى تثاقل المسعدي والعكروت في طلب الكرة وسوء تمركزهما في كل مرة مما جعل الذوادي وتراوري يعولان على فنياتهما وسرعتهما لصنع الخطر وقد نجحا في ذلك في الدقائق 21 و27 و35 و42. تنشيط هجومي أفضل في الشوط الثاني سعى مدرب البقلاوة إلى تنشيط هجوم فريقه أكثر من خلال منح الرياحي وتاج خاصة صلاحيات هجومية أوسع فتحرك هذا الثنائي وشكل خطرا على دفاع الإفريقي وهدد مرماه في الربع ساعة الأول من هذا الشوط أمام هذا الوضع تفطن مدرب الإفريقي إلى ضعف وسط ميدان فريقه وخاصة عجزه على إخراج الكرة بيسر من مناطقه فعمد إلى إقحام ألكسيس عوض المسعدي وهو تغيير غير مفهوم لأن الكامروني خاصياته الدفاعية أكثر من الهجومية وكان عليه إقحام المليتي عوضا عنه إلا أن الفرنسي أوصى لاعبه بلعب دور الوسيط بين الدفاع والهجوم وكان فضله الكبير أنه خلق توازنا في خط الوسط جعل الإفريقي يتحرر نوعا ما في هذه المنطقة من ضغط منافسه فصارت الكرات تصل إلى المهاجمين ليعود نادي باب الجديد إلى ضغطه من جديد على منافسه وقد خلق عدة فرص خطيرة خاصة في الدق54 حين ارتطمت كرة العكروت بالعارضة بعد تدخل من الحارس الجريدي وفي الدق62 حين صدت العارضة مرة أخرى كرة تراوري وزاد هجوم الإفريقي في ضغطه حين دخل يوسف المويهبي مكان تراوري وأوتورغو مكان العكروت لكن هذا الضغط كان عقيما ولم يسفر عن فرص خطيرة جدا. المدرب الملعب التونسي طمع هو أيضا في مباغتة منافسه لذلك قام بتغييرات في خط هجومه بإخراج قلبي وإدخال سلامة القصداوي وتعويض بلال الرياحي بمحمد الجديدي لكن هذا الثنائي لم يغير شيئا ولم يعط الخطورة المطلوبة لهجمات «البقلاوة». دقائق ساخنة الدق1 تسرب من الذوادي وتوزيعة في العمق لم تجد من يستغلها. الدق10: ارتباك في محور دفاع الإفريقي الذي رد الكرة أمام ابراهيما بطريقة اعتباطية وهذا الأخير مرر إلى تاج فسدد بقوة لكن كرته كانت عالية. الدق35: توزيعة في العمق والحارس الجريدي يضيع الكرة لتسقط أمام الذوادي الذي سدد كرة خفيفة أرجعها سيف الله حسني. الدق42: سلسلة من المراوغات من تراوري لكن غياب المساندة من زملائه وكثرة مدافعي الملعب التونسي جعلته يسدد كرة ضعيفة جدا. الدق47: تسديدة من دومبادو تمر جانبية الدق54: تسديدة العكروت الرأسية إثر ركنية تصطدم بالعارضة بعد لمسها من الحارس الدق62: كرة أخرى على العارضة من تراوري بعد لمسها من الحارس الدق76: تسديدة أرضية من أوتوروغو لم تأت بأي جديد. الدق88: أوتورغو في موقع مناسب لم يستغل توزيعة الذوادي. الدق 293 سوء تفاهم في محور دفاع الملعب التونسي كاد يستغله اوتوروغو لولا التدخل الحاسم للحارس الجريدي. نجم المباراة كان زهير الذوادي مبدعا كعادته ومصدر خطورة الافريقي بتوغلاته ومراوغاته المباغتة وشكل بمفرده مصدر خطر متواصل علىدفاع البقلاوة وذلك رغم المحاصرة المضروبة عليه. من جانب الملعب التونسي برز الشاب مروان تاج كأفضل مايكون وكان حاضرا دفاعا وهجوما بفضل لياقته البدنية وحماسه. ما تلفظه الذاكرة أمير العكروت لم يفعل شيئا حين كان فوق الميدان وبرز بضعفه الفادح مما دفع مدربه الى تعويضه وحين صار على البنك برز بتدخلاته ضد الحكم ومساعده وباحتجاجاته المتواصلة التي كان يمكنه ان تكلفه عقوبة ادارية وظهر وكأنه أراد تعويض ضعفه على الميدان بتحركه فوق البنك لكن شتان بين هذا وذاك. تشكيلة الفريقين الملعب التونسي: رامي الجريدي محمد الشارني جمال رحومة بلال يكن سيف الله حسني ابراهيما با تومبادو امين النفاتي مروان تاج فخر الدين قلبي (سلامة القصداوي) بلال الرياحي (محمد الجديدي). النادي الافريقي: عادل النفزي بلال العيفة انيس العمري خالد السويسي محمد باشطبجي انيس بوجلبان كريم العواضي زهير الذوادي أمير العكروت (اوتوروغو) حمزة المسعدي (الكسيس) محمد تراوري (يوسف المويهبي). الانذارات: الجريدي وحسني والنفاتي والجديدي من الملعب التونسي وكريم العواضي من النادي الافريقي. الحكم: قاسم بالناصر بمساعدة فتحي أمينة ومحسن بن سالم والحكم الرابع سليم بلخواص. قالوا بعد اللقاء بيار لوشانتر (مدرب النادي الافريقي): «البقلاوة» أرهقتنا لعبنا ضد جمعية كبيرة وأكدت انه ينبغي إنهاء الحديث عن الملعب التونسي كجمعية صغيرة لانها أثبتت انها تصنع المشاكل لكل النوادي مهما كان حجمها والبقلاوة لها وسط ميدان قوي لذلك سعينا الى إقحام «ألكسيس» لخلق التوازن في المنطقة كما لها لاعبان مميزان في الوسط هما ابراهيما با وتومبادو. بالنسبة الى اختياري اللعب بأربعة مهاجمين كان ذلك لرغبتي في منح الفرصة من البداية لتراوري مع الطلب من العكروت أن يلعب كجناح لكنه لم يوفق في مهمته لذلك أخرجته. باتريك لوفيغ (مدرب الملعب التونسي): حققنا المطلوب أعتبر أننا حققنا المطلوب منا، نعم نقطة أمام منافس صعب مثل الافريقي، المهمة لم تكن سهلة بالمرة لان المنافس يلعب الى آخر لحظة ويهدد بافتكاك اللقاء حتى في آخر اللحظات كما أن لاعبيه لهم لياقة بدنية كبيرة وفنيات عالية ومتعودون على لعب المباريات الكبيرة. لذلك هذا التعادل يرضينا خاصة أن مهاجمينا لا يمكنهم فعل شيء أمام مدافعي الافريقي الذين لم يقبلوا أي هدف في ست مباريات ومع مدافع ممتاز مثل السويسي.