هل يتحقّق فعلا حلم المدخّنين في الانقطاع عن التدخين بمجرّد حقنة صغيرة؟ ذلك ما تداولته أمس وسائل الإعلام في شتى دول العالم بناء على تقرير نشرته جريدة «لوفيغارو» الفرنسية وأكدت فيه توصّل مجموعة من الباحثين الأمريكيين بمخبر «نابي» (NABI) بالتعاون مع مجمع دواء بريطاني إلى تحضير دواء في شكل حقنة تكون كافية لقطع شاهية الدماغ للنيكوتين الذي توفّره له عادة السجائر.. وقد أبرم مجمع الدواء البريطاني (GSK) اتفاقية مع المخبر الأمريكي الذي ينتمي إليه الباحثون المذكورون (مخبر NABI) تمكنه من ترخيص مطلق لصنع وترويج هذه الحقنة التي يتلقاها المدخن الراغب في الانقطاع عن التدخين مرّة واحدة ممّا يساعده على تحقيق رغبته.. وذكر تقرير إعلامي صادر أول أمس في نشرية تابعة لمخابر NBI الأمريكية أنه تم الاتفاق بين الطرفين على اسم (NICO VAX) لهذا المستحضر وأن الصفقة فاقت 500 مليون دولار أمريكي.. وتحدثت هذه المصادر أمس عن امكانية الشروع في ترويج هذا اللّقاح بسوق الدواء الأمريكية والأوروبية في غضون الأشهر القليلة القادمة بعد موافقة إدارة الأغذية والدواء الأمريكية خاصة إذا ما ثبتت النجاعة النهائية للتلقيح بعد إجراء المرحلة الأخيرة من التجارب عن طريق المجمع البريطاني GSK. منافسة تجدر الإشارة إلى أنه منذ سنة 1999، انطلقت 3 مصانع دواء مختلفة في اجراء التجارب على لقاحات مختلفة مضادة للتدخين وكانت التجربة الأولى عن طريق شركة الدواء البريطانية «سالتيك فارما» من خلال تجربة اللّقاح على جرذان مدخّنة كلّلت بالنجاح ثم على 60 متطوعا من المدخنين وغير المدخنين في سنة 2001 وأكدت أيضا نجاعة اللّقاح. وفي سنة 2005 قام طبيب سويسري مختص في التدخين بتجربة لقاح آخر على 300 من كبار المدخنين أعمارهم بين 18 و70 عاما وانقطعوا عن التدخين بعد 8 أسابيع. لكن في الوقت الحاضر يبدو أن لقاح مخبر GSK هو المسيطر على ساحة النجاحات خاصة بعد التجربتين الأولى والثانية في انتظار التجربة الثالثة المزمع إتمامها هذه الأيام. مضاعفات كغيرها من المضادات واللقاحات لن يمرّ تلقيح التدخين دون مضاعفات صحية على متلقّيه.. وفي هذا الصدد تحدّثت بعض المصادر القريبة من مجمع الدواء البريطاني GSK عن امكانية تسبّب هذا اللّقاح في ظهور علامات «ڤريب» حادّة إضافة إلى التخوف من «العمر القصير» لفاعلية اللّقاح وهو يحتم تكراره في كل مرة تبرز فيها حاجة المعني بالأمر إلى التدخين، ويمكن أن يؤدي تكرّر اللّقاح إلى مضاعفات أخرى. 5 ملايين حالة وفاة يقتل التدخين سنويا أكثر من 5 ملايين مدخن في العام ويتسبّب في أغلب الاصابات بالسرطان.. وتقول الأرقام الطبية إن 90٪ من المنقطعين عن التدخين يعودون إلى العادة السيئة بعد أقل من عام من انقطاعهم ولم تنفع مع الإدمان الوسائل العلاجية الأخرى التي توصّل إليها المخترعون مثل اللّصاق المعوّض للنيكوتين أو غيره. وأكيد ان اللّقاح الأخير في صورة ما إذا ثبتت نجاعته سيلقى إقبالا كبيرا من كل من عجز عن الصمود أمام السيجارة. سيكون اللقاح المذكور NICO VAX عبارة عن مضاد للنيكوتين يمنع تحوّله من الرئتين إلى الدماغ عبر الدّم ويخفّف بالتالي من حاجة الدّماغ إليه بمرور الأيام. وبالتالي فإن تناوله من قبل غير المدخنين على سبيل الاحتياط من الوقوع في فخ التدخين لا معنى له، وهو ما لم يتضح بعد في هذا اللّقاح الأخير. وستبقى الأيام القادمة وحدها كفيلة بإثبات نجاعة اللّقاح وبإمكانية استيراده من كافة الدول بما فيها تونس التي تسعى إلى محاربة هذه الآفة.