قلّما يطالب الحاضرون بأمسية شعرية ما، الشعراء أو أحدهم بإعادة قراءة قصيد أوبيت شعري أو اضافة قصيد، لكن هذا ما حصل، مساء أول أمس بالمركب الثقافي مدار قرطاج في الامسية الشعرية المعنونة ب«قراءات شعرية بلا حدود» والتي تندرج في اطار فعاليات الدورة الرابعة عشر لأيام قرطاج المسرحية .فالعلاقة المتينة بين الشعر والمسرح أبت الا ان يطغى سلطان الكلمة يوم أمس، فتدفقت قرائح ثلاثة شعراء عرب بأبلغ الصور الشعرية فحلّت الكلمة العربية في أبهى معانيها وحللها. ثلاثة شعراء من ثلاث دول عربية وهم على التوالي الشاعر اللبناني «زاهي وهبي» والشاعرة التونسية «آمال موسى» والشاعرة الاردنية «جمانة مصطفى». ثلاثتهم أعطى للأمسية الشعرية القصيرة رونقا خاصا جمع بين الشاعرية والطرافة وجمالية التعبير وتفرّد الصور الشعرية. الأمّ وأقلام درويش الانطلاقة كانت مع الشاعر زاهي وهبي فقرأ على طريقته قصيدته «أمّي» الى زوجته الحامل كما كان قد أهداها ألقى قصيدته «الى الأم الحامل» وجاء فيها «قلبه (الجنين) في قلبك..في قلبي.. في قلب ا&. كما قرأ الشاعر اللبناني قصائده «أحبّك أكثر» و«أضاهيك أنوثة» و«ضع ورقتك هنا». الشاعر أشار قبل قراءة قصيدته «أقلام محمود درويش» الى كونه قام بزيارة الى منزل الشاعر الفلسطيني الراحل، وهناك أهداه شقيق محمود درويش (احمد درويش) قلما من أقلام الشاعر الراحل. وهذه القصيدة أهداها الشاعر اللبناني الى صديقه الموسيقي التونسي «ظافر يوسف». حفيدة الشابي حفيدة أبي القاسم الشابي هكذا قدّمها الناقد المسرحي احمد عامر في الامسية الشعرية، لكن القرابة المتحدث عنها رمزية فيها إحالة على الوطن وعلى الاحساس والشاعرية، هذا التقديم خصّت به الشاعرة التونسية «آمال موسى» او «ابنة سقراط» كما اختارت شعريا ان تسمّي الذات الشاعرة فيها، حين قالت في قصيدتها «صغيرة واقفة على الأطلال»: عندما كنت صغيرة كان جميع التلاميذ أساتذة وأنا أخدش ورقتي يمرّ معلّمي ويقول: «ما سؤالك يا ابنة سقراط؟» وفي ذات القصيد ختمت قائلة: عندما كنت صغيرة وثقت في الزمن كثيرا انتظرتُ أن أظل كما كنت كبيرة! «آمال موسى»، كانت كعادتها حاضرة بنفسها الشعري الخاص فكانت حفيدة الشابي بحق، احساس أنثوي مميز، وثقافة شعرية كبيرة وإلقاء ممتع لقصائدها، كلها مؤشرها تؤكد معدن هذه الشاعرة التونسية التي ما فتئت تؤكد قيمتها الشعرية من مناسبة الى أخرى. طرافة ما يمكن ان يقال عن الأمسية الشعرية «بلا حدود»، أنها أمسية الامتاع والمؤانسة، فلئن كان كل من الشاعر «زاهي وهبة» والشاعرة «آمال موسى» معروفين بتونس، فإن الشاعرة الاردنية «جمانة مصطفى» مثلت الاكتشاف في تلك الامسية. فإضافة الى شاعرية الشاعرة تميز شعرها بالطرافة وبالتفرد، تفرّد فرضته طريقة آدائها لقصائد قصيرة فيها تجاوز للمألوف شعريا على غرار قصائدها «أكذوبة» و«لو كنت بعوظة»... جمالية الامسية، جعلت مجموعة من الحاضرين يطلبون اعادة بعض القصائد فكان لهم ذلك بعد تكريم الشعراء الثلاثة في آخر الامسية من طرف هيئة مهرجان «أيام قرطاج المسرحية».