واصل مجلس المستشارين أمس مداولاته بخصوص مختلف أبواب ميزانية الدولة للسنة المقبلة، وتعرّض أعضاء المجلس بالمناقشة لتقرير اللجنة الثانية الّذي يشمل وزارات العدل وحقوق الإنسان والشؤون الدينيّة وأملاك الدولة والشؤون العقاريّة. تغطية: خالد الحداد وفي النقاش طالب المستشار محمّد إلياس مرزوق بإيجاد خطّة إعلاميّة تصحيحيّة قصد التصدي والردّ على محاولات التشكيك الّتي يعمُدُ إليها البعض من المناوئين في مجال الحريات وحقوق الإنسان، وانتقد رضا الملولي الخطاب الديني في تونس وقال إنّ بعض الوجوه التلفزية في هذا المجال «عبوسة» وتساءل عن إصرار وزارة الشؤون الدينية التمسّك بالمذهب المالكي في حين أنّ هناك مذاهب أخرى ومنها المذهب الحنفي، وقال الملولي إنّ هذا الخطاب يراوح مكانه كما نوّه بقرار الحكومة تعليق الحج هذه السنة، وانتقد الملولي كذلك حيازة المصلين للفضاءات المجاورة للمساجد بعيدا عن الضوابط القانونيّة لأنّ ذلك يمسّ من جماعية الفضاءات المدنية. أملاك أجانب وتحيّل من جهته تعرّض السيّد العيد الطرابلسي لما قال إنّه عمليات تحيّل بخصوص أملاك الأجانب وطالب وزارة أملاك الدولة بتقديم إحصائيات دقيقة في هذا الغرض على اعتبار أنّ هذه الأملاك هي أملاك للدولة. منذر ثابت وفي تدخّله ذكّر السيّد منذر ثابت بالتزامات الدولية لتونس في مجال حقوق الإنسان وقال إنّ من أهم هذه الالتزامات المصادقة على الاتفاقية الدولية لتجاوز كل أشكال التمييز ضد المرأة وتساءل ثابت عن خطّة الحكومة بخصوص مسألة الإرث، وفي حديثه عن المسألة الدينية قال ثابت إنّ «إذاعة الزيتونة» لا تردّ بما فيه الكفاية على ما تروّج له الفضائيات الخليجيّة بتركيزها على الجانب الطقوسي وهو ما قد يوجد أرضية دنيا تشترك فيها مع تلك القنوات المتطرّفة ودعا إلى تصفية أملاك الدولة في المجال الفلاحي، وقال إنّ دعم الاستثمار الخاص هو الأنجع بحكم التطورات الحاصلة اليوم. وتعرض للرابطة وضرورة إيجاد حل ينهي أزمتها المستفحلة منذ سنوات. أمّا السيّد فؤاد الحوات فقد تساءل عن مسألة حق العودة وطالب بمراجعة الطعن في قرار دائرة الإتهام لدى محكمة التعقيب عندما تكون القضية ما تزال في حالة نشر لدى المحكمة الجنائية وهو ما يتسبّب في بعض التعطيلات للموقوفين. كما تساءل الحوات بخصوص المحاكمة العادلة لأنّ البعض يدّعي أنّه في قضايا معيّنة ليس له الحماية الكافية بمعنى المحاكمة العادلة وعن تقييم الوزارة لبعث المعهد الأعلى للمحاماة. إساءة لصورة البلاد وانتقد السيّد عمر عبد الباري تعاون البعض مع الأجانب وتساءل عن إمكانية إقرار تتبّع جزائي ضدّهم لأنّ مثل تلك السلوكات تضر بمصالح البلاد، وتساءل المستشار الحبيب المسطوري عن النظام الجزائي الخاص والّذي جاء في البرنامج الانتخابي الرئاسي، وطالب السيّد شكيب الذوادي بالتصدي لظاهرة الشعوذة خاصة في مستوى الصحف ووسائل الإعلام. التكاري: «لا تسامح مع من يمسّ بهيبة القضاء... والقانون فوق الجميع» وفي ردّه على أسئلة أعضاء مجلس المستشارين قال السيّد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان أنّه لا يُوافق على على مصطلح حق العودة أو المغتربين لأنّه ليس هناك مغتربون والقانون التونسي يحرم تهجير المواطنين، وقال: «لذلك ليس هناك مغتربون وليس هناك حق للعودة، وكلّ ما هناك هم أشخاص مطلوبون للعدالة صدرت بشأنهم أحكام وآثروا الهروب من العدالة، هؤلاء الأشخاص الهاربون من العدالة والمطالبين من العدالة من حقهم الرجوع إلى وطنهم ولا يمنعهم أحد من الرجوع إلى بلدهم ولكن القانون يقتضي أنّ من صدر بشأنه حكم غيابي المثول أمام القضاء وهناك من رجع ومنهم من حكم عليه بالتخفيض ومنهم من حكم عليم بعدم سماع الدعوى أو إخلاء السبيل لانتفاء الدعوى بحكم الزمن». وقال الوزير بخصوص المحاكمة العادلة:» نحن نفتخر في تونس بأنّ جميع مقوّمات العدالة متوفرة حسب ما هو معمول به في العالم، ومن الغريب أنّ هناك من يعتبر أنّ بحكم صفته او ادعائه الدفاع عن حقوق الإنسان هو فوق القانون، القانون يطبّق على الجميع دون استثناء أو تمييز وهذا ما أكّده الرئيس مؤخرا، القانون يطبّق بقطع النظر إلى أي مهنة أو انتماء مع توفير الضمانات للجميع للمحاكمة العادلة التي تقتضي احترام هيئة المحكمة وهيئة السلطة القضائية الّتي بها جزء هام من هيبة الدولة»، وبلغة صارمة قال التكاري: «ليس هناك أي تسامح مع من يمسّ بهيبة الدولة». فروع جهوية للمحامين ولاحظ الوزير أنّه حان الوقت فعلا للتفكير في بعث فروع جهوية أخرى للمحامين، وفي هذا الصدد قال:«سنتحاور مع هيئة المحامين لبعث هذه الفروع، والأمر متّصل بموضوع قانون ونستشيرها وبعد ذلك نقرّر». وقال إنّ الهواجس الانتخابية لدى المحامين مشروعة ولكن لا يجب أن يتمّ توظيفها لغير خدمة المحاماة والمواطن وخدمة القضاء. ودعا الوزير المحامين إلى الالتزام بدفع طابع المحاماة بما يوفّر الموارد الضرورية للتغطية الإجتماعية ويمكّن لاحقا من التفكير في التخفيض في قيمته المالية . وبخصوص معهد المحاماة قال التكاري إنّ أوّل دفعة ستتخرّج في جوان المقبل وسنتبيّن عندها الإضافة الهامة لقطاع المحاماة وخاصة في ما يتعلّق بدعم المهنية. حقوق إنسان وإدعاءات وحول التشكيك في مجال مكاسب تونس في حقوق الإنسان قال الوزير: «هؤلاء الّذين يشككون هم من يجب أن نشكّك فيهم، هم مناوئون يمتطون حقوق الإنسان عبر الإدعاءات الباطلة لتحقيق مطامحهم، ونحن نشك في حيادهم والانحياز التام عن الانتماء السياسي، هم يتمعشون من حقوق الإنسان، وهؤلاء لهم انتماء سياسي معروف فيه تطرف وفيه رفض من المجتمع التونسي ومن المنظومة القانونية التونسية لذلك حاولوا أن يندسوا في منظومة حقوق الإنسان»، وواصل : «هؤلاء سواء أكانوا ضمن المنظمات غير القانونية أو غير الحكومية في العالم هم غير مستقلين» وتساءل: هل نشرت هذه المنظمات والجمعيات ميزانيتها للتأكّد من استقلاليّتها ؟، «هناك أشخاص يتمعشون من حقوق الإنسان عبر الادعاءات التي تضمن لهم موارد مالية، والكثيرون شاهدوا كيف يعيش أمثال هؤلاء في البلدان الأوروبية وهم يخلقون المشاكل لمواصلة التمعش والحصول على الأموال ونحن لا نلتفت إلى هذا التوظيف ومواصلون جهدنا لدعم منظومة الحريات وحقوق الإنسان». وفي موضوع الإرث قال الوزير إنّ القانون التونسي متأثر بالتعاليم الإسلامية ولكن ذلك لا يمنع توزيع الأملاك بحسب الرغبات وإرادة الأشخاص. وشدّد الوزير على أهمية ما تمّ اتخاذه من اجراءات استباقية لرفع التحديات الّتي تواجهها المؤسسة الاقتصادية وقال إنّ ما تمّ إقراره مكّن من المحافظة على ديمومة 950 مؤسّسة وحوالي 350 ألف موطن شغل. وزير الشؤون الدينية: لهذه الأسباب نتمسّك بالمالكية وهذا ردّنا على استهداف بناء المآذن في سويسرا جدّد السيّد أبوبكر الأخزوري وزير الشؤون الدينية انتهاج تونس لفكر ديني نيّر ولأسس التسامح والحريات الدينية، وفي هذا الصدد قال الوزير: «مؤخرا جاءتني مراسلة من سفيرنا في البرتغال جاء فيها حديث عن مقال صحفي نُشر هناك مفادهُ أنّ تونس أحسن مثال في احترام حريات الأديان حيث أن المسلمين واليهود والمسيحيين يمارسون شعائرهم بكامل الحرية». وقال الأخزوري إنّ الرد على استهداف بناء المآذن في سويسرا يكون بالحوار مع الآخر وإعطاء صورة مشرقة ومشرّفة للإسلام ويكون الرد برصانة. ولاحظ الوزير أنّ المذهب المالكي هو من خصوصيات تونس الّتي حافظت عليه ونشرته في المغرب العربي واعتبر أنّ التمسك بالمذهب المالكي هو تمسك بالهوية وبالانتماء. وأكّد الوزير أنّ «إذاعة الزيتونة» مكسب ولا يمكن أن تكون أبدا مصدرا للتطرف أو الإرهاب بل هي أداة لتربية الناشئة ونشر الفكر الإسلامي المستنير. وأفاد الأخزوري أنّ اللباس الطائفي أمر محسوم فيه ولا بد من التصدي ومقاومة كلّ ما يمسّ هويتنا وخصوصيتنا والتي من بينها اللباس عن طريق المؤسسة التربوية والعائلة، وفي موضوع اكتظاظ المساجد قال الوزير:«نسعى إلى توسعة المساجد لتجاوز ذلك عبر بناء المساجد الجديدة والتوسعة أو تحيين الخارطة المسجدية كلما اقتضى الأمر ذلك».