الدفع مقابل الإستمتاع بالبحر: هذا ما ينصّ عليه القانون    أرقام "خيالية": هذه أسعار الدروس الخصوصية لتلاميذ الباكالوريا    كاس تونس لكرة القدم : تعيين مقابلات الدور ثمن النهائي    عاجل/ وزارة الرياضة: سيتم رفع عقوبات وكالة مكافحة المنشطات قريبا    وقفة احتجاجية أمام مقر الاتحاد الأوروبي بتونس    لطفي الرياحي: 3000 مليار كلفة الدروس الخصوصية في تونس !    حوادث مرور: 376 قتيلا منذ بداية سنة 2024    الزمالك المصري يعترض على وجود حكام تونسيين في تقنية الفار    القصرين: الاحتفاظ يشخص من اجل الاعتداء على محامي بالة حادة    أبطال أوروبا: دورتموند الأكثر تمثيلا في التشكيلة المثالية لنصف النهائي    زغوان: حجز 94 طنا من الأعلاف غير صالحة للاستهلاك منذ افريل المنقضي    يمنى الدّلايلي أوّل قائدة طائرة حربية مقاتلة في تونس    عاجل/ حادثة اعتداء امرأة على طفليها: معطيات جديدة وصادمة..    دراسة صادمة.. تناول هذه الأطعمة قد يؤدي للوفاة المبكرة..    السلطات السعودية تفرض عقوبة على كل من يضبط في مكة دون تصريح حج.    قفصة: المصادقة على بعث موارد رزق لفائدة 22 عائلة    الزغواني: تسجيل 25 حالة تقتيل نساء في تونس خلال سنة 2023    قضية مخدّرات: بطاقة ايداع بالسجن في حق عون بالصحة الأساسية ببنزرت    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    حماية الثروة الفلاحية والغابية من الحرائق في قابس....و هذه الخطة    الثلاثي الأول من 2024: تونس تستقطب استثمارات خارجيّة بقيمة 517 مليون دينار    مقارنة بالسنة الفارطة: تطور عائدات زيت الزيتون ب91 %    العالم الهولندي المثير للجدل ينفجر غضباً..وهذا هو السبب..!!    الفيلم العالمي The New Kingdom في قاعات السينما التونسية    على طريقة مسلسل "فلوجة": تلميذة ال15 سنة تستدرج مدير معهد بالفيسبوك ثم تتهمه بالتحرّش..    مائة ألف عمود إنارة عمومي يعمل فقط من بين 660 ألف مالقصة ؟    4 جوائز لمسرحية تونسية بمهرجان مفاحم الدولي لمسرح الطفل بالمغرب    الرابطة الأولى: الغموض والتشويق يكتنفان مواجهات مرحلة تفادي النزول    البطولة العربية لألعاب القوى للشباب: ميداليتان ذهبيتان لتونس في منافسات اليوم الأول.    عاجل/ نشرة استثنائية: أمطار متفرقة بهذه المناطق..    قفصة: القبض على شخص بصدد بيع تجهيزات تستعمل للغشّ في الامتحانات    كتاب«تعبير الوجدان في أخبار أهل القيروان»/ج2 .. المكان والزّمن المتراخي    نقطة بيع من المنتج الى المستهلك: هكذا ستكون الأسعار    آخر أجل لقبول الأعمال يوم الأحد .. الملتقى الوطني للإبداع الأدبي بالقيروان مسابقات وجوائز    «قلق حامض» للشاعر جلال باباي .. كتابة الحنين والذكرى والضجيج    هل انتهى القول في قضية تأصيل الأدب ؟    بطولة روما للتنس للماسترز : انس جابر تواجه الامريكية صوفيا كينين في الدور الثاني    بطولة الكرة الطائرة: نتائج منافسات الجولة الرابعة لمرحلة "السوبر بلاي أوف" .. والترتيب    كلمة أثارت'' الحيرة'' لدى التونسيين : ما معنى توطين و مالفرق بينها و بين اللجوء ؟    إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء...كيف تتصرف؟    محمد بوحوش يكتب...تحديث اللّغة العربيّة؟    مدْحُ المُصطفى    ستنتهي الحرب !!    يهم التونسيين : ما معنى التضخم ولماذا ترتفع أسعار السلع والخدمات؟    "ألقته في نهر التماسيح".. أم تتخلص من طفلها بطريقة صادمة    بعد التقلبات الأخيرة: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة بداية من هذا التاريخ    وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي تنبه من خطر قائم    عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين جراء قصف متواصل على قطاع غزة    سالفيني عن ماكرون بعد اقتراحه إرسال جنود إلى أوكرانيا: "يحتاج إلى علاج"    بدء تشغيل أكبر محطة في العالم لامتصاص التلوث من الهواء    أعوان الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية يهددون بالإضراب    يديمك عزي وسيدي ... أصالة ترد على شائعات طلاقها من فائق حسن    معهد باستور: تسجيل ما بين 4 آلاف و5 آلاف إصابة بمرض الليشمانيا سنوياّ في تونس    90 % من الالتهابات الفيروسية لدى الأطفال لاتحتاج إلى مضادات حيوية    عاجل/ فضيحة تطيح بمسؤولة بأحد البرامج في قناة الحوار التونسي..    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



35 سنة مرّت على رحيله: فريد الأطرش مازال خالدا بفنّه وعطائه... الفنان الانسان الذي وضع أجمل الألحان
نشر في الشروق يوم 24 - 12 - 2009

غيّب الموت منذ 35 سنة وتحديدا يوم 26 ديسمبر 1974 الموسيقار فريد الاطرش، وغدا يصادف ذكرى وفاته ولن نترك هذه المناسبة تمر إلا لنذكّر عشاق الراحل أنه مازال خالدا بفنه وعطائه في وجداننا.
خمسة وثلاثون سنة مرت على وفاته مازال يعيش بيننا من خلال أغانيه الخالدة وسنفونياته الرائعة وأعماله الموسيقية النادرة وأفلامه الاستعراضية، وللذكرى لابد من وقفة تأمل في حياة هذا الفنان العبقري الذي جعل من العود آلة ناطقة حيث لم يسبق لفنان مثله أن صادف الشهرة حيث تمكن من أن يستنزف دموع السيدات والمراهقات والعشاق، فإذا به يقف شامخا على قمة الاغنية العاطفية.
ما هي قصته مع الفن ورحلته مع الحب والغرام والمرض.
ولد فريد الاطرش عام 1915 (وهناك من يؤرخ له سنة 1917)، في جبل الدروز في سوريا وينتمي لآل الأطرش ووالده هو الامير فهد الذي كان يتميز بحدة الذكاء وكان أول رجل من الجبل يحمل شهادات جامعية من جامعة اسطنبول وقد تزوج الامير فهد الاطرش ثلاث مرات وكان الزواج الثاني بالاميرة علياء والدة فريد وفؤاد وآمال التي أصبح اسمها الفني اسمهان، وبعد انفصال والدة فريد غادرت سوريا واتجهت الى مصر حيث استقرت مع أبنائها الثلاثة سنة 1923 بعد توسط الزعيم سعد باشا زغلول.
التحق فريد بمدرسة الفرير الفرنسية لكنه طرد منها قبل حصوله على الشهادة الابتدائية بسبب حبه للفن فأدخلته والدته مدرسة الروم الكاتوليك في الفرع المجاني وبعد أن نال الشهادة الابتدائية بدأت تظهر مواهبه فقد كان مولعا بآلة العود منذ أن كانت السيدة علياء تعزف عليه لذلك التحق فريد بمعهد الموسيقى الشرفي سنة 1925، ويذكر أن فريد كان منذ صغره رخيم الصوت، مرهف الاذن، فتتلمذ على رياض السنباطي وفي سنة 1929 التحق فريد الاطرش بالعمل في فرقة بديعة مصابني وكان يعمل أيضا في محلات بلاتشي الى أن تعرف على الفنان اللبناني فريد غصن الذي شجعه ولحن له العديد من الاغاني مع شقيقته اسمهان.
والصدفة وحدها هي التي جعلت فريد ينضم الى فرقة الاذاعة، فقد تصادف وجود الموسيقار مدحت عاصم الذي كان يشغل منصب المدير الفني للاذاعة المصرية واستمع الى عزف فريد بمعهد الموسيقى وطلب منه أن يأتي الى الاذاعة وبالفعل لم يضع فريد الفرصة والتحق بالعمل في الاذاعة سنة 1934، فغنى أولى أغنياته «يا ريتني طير أطير حواليك» من تأليف وألحان الفلسطيني الساخر يحيى اللبابيدي ثم «باحب من غير أمل» و«أفوت عليك بعد نصف الليل» من ألحانه، ولمع نجمه كمطرب مما جعل شركة أفلام النيل تتعاقد معه على بطولة فيلمها الاول «انتصار الشباب» سنة 1941 بمشاركة اسمهان حيث قاما بالغناء والتمثيل وحقق الفيلم نجاحا كبيرا فبدأ في إنتاج الافلام على حسابه.
ألحان وأنغام في عالم الأحزان
نغم حزين كانت معظم ألحان وأغنيات فريد الأطرش مصبوغة بصبغة الحزن والشجن والألم والاحساس بالمرارة والعذاب. ولعل هذا الحزن يرجع الى ما شهده فريد في طفولته من مآس وأحداث مثل هروبه من جبل الدروز من الفرنسيين الذين اجتاحوا سوريا وما عاناه رفقة والدته وإخوته بعد أن ركبوا القطار من حيفا الى القاهرة وما لاقوه من شدائد مثل الاستقرار في مصر. وتواصلت معهم المعاناة في مصر مما أجبر والدته السيدة علياء المنذر الى الغناء في ملاهي السهر لتجمع ما تدفع به الجوع على أولادها والتغلب على ظروف العيش القاسية فحتى قصصه الغرامية انتهت كلها بالفشل ولعل ارتباطه الشديد بالفنانة سامية جمال التي كانت الحبيبة والصديقة والقاسم المشترك في كل أفلامه أهم دليل على ذلك وهذا ما جعله يعيش الحزن الدفين ليصاب بالذبحة الصدرية إثر الصدود الذي لاقاه من الملكة ناريمان التي تزوجت الملك فاروق بعد ابتعادها عن فريد.
ورغم ذلك فإن فريد الاطرش وصل بالموسيقى الشرقية الى القمة فهو أول من أدخل التجديد والمقدمات الموسيقية والاغنية العاطفية، لقد عمل مقطوعات موسيقية خالدة متناسقة مع الآلات الغربية مثل زمردة وكهرمانة وسوق العبيد. أعمال فريد تتكلم وتحكي للاجيال عما بذله للفن العربي فهو الفنان الانسان الذي أحبه كل من استمع الى روائعه أول همسة، الربيع، حكاية غرامي، بنادي عليك، لحن الخلود...
لقد وضع فريد الاطرش مئات الاغنيات في الافلام ال 31 التي مثلها ووضع مثلها للعديد من المطربين والمطربات واللغز يبقى قائما متى وكيف كان يلحن فريد الاطرش أغانيه وقد أجاب على ذلك: «ليس لغزا محيرا فأنا ألحن في القطار وأنا مسافر من القاهرة الى الاسكندرية وألحن وأنا بصحبة بعض النساء وحتى في الحمام وفي الشارع».
ذلك هو فريد الذي لا ينام ولا يهجع في فراشه إلا وقد استيقظ كل البشر ليستقبلوا يوما جديدا.
لو أمعنا النظر في جملة الأعمال الموسيقية التي خلفها فريد الأطرش طيلة اكثر من اربعين عاما لاتضحت لنا بجلاء هويته الدالة على غرامه الشديد بالموسيقى الشرقية.
أفلام واقعية وحقيقية
اشترك فريد الأطرش في 31 فيلما سينمائيا كان بطلها جميعا وقد انتجت هذه الافلام في الفترة الممتدة من سنة 1941 الى سنة 1975 قدم المخرج احمد بدرخان وجهين جديدين للسينما هما الشقيقان: فريد وإسمهان وقد شهد فيلم انتصار الشباب ظهور سامية جمال لاول مرة مع الراقصات وأحاطه المخرج بالعديد من النجوم وهم بشارة وكيم، حسين فايق، ماري منيب، علوية جميل، عبد الفتاح القصري، فؤاد شفيق والممثل الصاعد انور وجدي.
أما أشهر افلامه على الاطلاق والذي جنى ارباحا طائلة هو فيلم «حبيب العمر» لأنه مثل قصّة حب حقيقية، اما فيلم عهد الهوى المقتبس عن قصة غادة الكاميليا لالكنسدر توماس فقد أثار ضجة كبيرة خاصة فقد سبق ليوسف وهبي ان قدمه كعمل مسرحي مع روزاليوسف ومثل فريد دور ارمان ومريم فخر الدين مرغريت.
وكان فريد يختار القصص بعناية وبالذات القصص التي تتطابق ولو قليلا مع قصة حياته، ففيلم شهد الهوى يمثل فقدان الحبيب بعد ان غفر له كل زلاته وخداع الآخرين له وفيلم «حكاية العمر كله» يمثل ضياع العمر بالنسبة للموسيقار وعدم الجدوى للبحث عن الحبيب بعد ذلك، إضافة الى هذه الافلام فإن إنسانية فريد مشهود لها من الفنانات اللاتي شاركنه افلامه وقدم لهن خدمات فنية كبيرة وهذا ما صرحت به الفنانة صباح قبل عامين: «لا عيب ان أقول ان من رفعني ومن قدمني للجمهور هو الموسيقار فريد الأطرش رحمة الله عليه».
والحديث على سلسلة أفلام فريد الأطرش يجرّنا حتما الى حياته مع الراقصة سامية جمال التي مثلت معه أفلام «أحبك انت» «عفريته هانم» «آخر كذبة» «تعال سلّم» و«ماتقولش لحد» في أبرز ثنائي في تلك الفترة قبل ان يختلفا على الصعيد العاطفي ويفترقا الى الأبد.
فريد والحب والمرأة
اسئلة عديدة حول علاقات فريد مع النساء فهناك من اتهمه بالفشل العاطفي وهناك من سانده في قوله ان الزواج مقبرة للحب، ففريد في قرارة نفسه لا يفكر بالارتباط لانه يدرك ان كل من التفوا حوله كان لهم أغراض وهي طمعا في المال او الشهرة على عكس ما يحبه فريد ان الانسجام لن يكون الا بالحب.
فقد كثر الكلام حول موقف فريد من المرأة، وقد ادعى مرّة ان سبب عزوفه عن الزواج هو فاجعة مقتل شقيقته اسمهان غير أن هروبه من الزواج هو الخوف من عدم القيام بواجباته اتجاه شريكة حياته إلى جانب أن حياته الخاصة هي لعشاق فنه، لقد لخص فريد موقفه من المرأة في بعض أغانيه حيث كان يردد جملا مثل «باحب من غير أمل» وهو مقطع للأغنية المعروفة أو «الحب من غير أمل أسمى معاني الغرام» من رائعته بنادي عليك من فيلم لحن الخلود أو «قدام عينيه وبعيد عليه، مقسوم لغيري وهو ليه». كان اذن بطبعه البشري يتوق للأنثى لكنه لا يستطيع الاتحاد جسديا معها كي يواصل إدارة ورسالة الحياة، وهذا من بين أسباب حزنه المزمن وخوفه من الوحدة وحتى بعد أن قرر الزواج من سلوى القدسي أرملة أحد أصدقائه لم يمهله الموت.
من أقوال فريد الاطرش
هذه بعض الأقوال التي جاءت على لسان فريد الأطرش خلال لقاءات صحيفة معه :
هناك عدة ألحان ستبقى إلى الأبد والخمسة المراد مني تحديدها هي : «مجنون ليلى» لمحمد عبد الوهاب و«نهج البردة» لأم كلثوم من ألحان السنباطي، «هو صحيح الهواء غلاب» لأم كثلوم من ألحان زكريا أحمد و«رق الحبيب» من ألحان محمد القصبجي واحدى اغنياتي «الربيع» و«أول همسة»
أعتقد أن الموهبة هي العامل الأول لبناء شخصية الفنان يليها الذكاء وأخيرا الاصرار
هذه صدفة وانتهت ومن الصعب أن أرشح أحدا ليحتل مكان اسمهان ولا يوجد بعد من يسد هذا الفراغ..
بعدما استكمل فريد الأطرش آخر أفلامه «نغم في حياتي» 14 11 1974 رحل إلى لندن للعلاج وفي مستشفى (برومنتون) طلب من سكرتيرته دنيز جبر العودة لوطنه ليموت بين أحبائه وحوالي الساعة الرابعة بتوقيت لبنان لفظ أنفاسه الأخيرة بمستشفى الحايك يوم 26 ديسمبر 1971 ثالث أيام عيد الاضحى فتم تشييع جثمانه مرتين في لبنان ومصر فقد أوصى أن يدفن بجانب اخته اسمهان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.