قال الدكتور هيثم مقنم منسق البرنامج الوطني لمكافحة التدخين أن القوانين والتشريعات الخاصة بالحد من مخاطر التدخين لا يمكنها ان تكفي لوحدها للقيام بهذه المهمة مؤكدا على أهمية الدور المطالب به غير المدخن وبأهمية التحسيس والتوعية من قبل المجتمع المدني والاعلام والأطباء ... وأضاف د. مقنم في تصريح ل «الشروق» أن برنامج مكافحة التدخين يستهدف نظريا 30% من التونسيين (وهي تقريبا نسبة المدخنين) .. لكن على أرض الواقع، يستهدف هذا البرنامج كل التونسيين بلا استثناء، اذ أن غير المدخنين سيكون لهم دور بارز في انجاح الحملة.. الزوجة والأبناء كيف يمكن لغير المدخن أن يساهم في مكافحة التدخين؟ عن هذا السؤال يجيب الدكتور هيثم مقنم ان دور غير المدخنين سيكون بارزا خاصة في العائلة وفي مواقع العمل وفي الأماكن ذات الاستعمال الجماعي.. ففي العائلة يجب ان يلعب الأبناء والزوجة (طبعا اذا كانوا غير مدخنين) هذا الدور من خلال التذمر باستمرار من كل سيجارة يدخنها الأب حتى يكوّنوا داخله شيئا فشيئا شعورا بالملل من السجائر قد يدفعه الى مقاطعتها نهائيا. زملاء العمل بعد المنزل، تأتي مواقع العمل في المرتبة الثانية للأماكن التي تشهد تدخين السجائر بكثرة .. وهنا يأتي الدور على زملاء العمل غير المدخنين اذ أنهم مطالبون أيضا بالتذمر باستمرار من زملائهم المدخنين وب «الاطناب» في ذلك ان لزم الأمر ومطالبتهم بالتدخين خارج موقع العمل واجبار الادارات على منع التدخين داخل أماكن العمل عبر معلقات رسمية وفي هذا الاطار تجدر الاشارة الى أن عدة مؤسسات خاصة انخرطت في هذا التوجه وتجاوبت مع الحملة ومنعت منعا مطلقا التدخين داخل أسوارها، ومنها خاصة مؤسسات أجنبية وأحد المصانع المعروفة للمواد الغذائية وهو ما لقي استحسانا حتى من المدخنين بما ان بعضهم اضطر بذلك للانقطاع نهائيا. وفي هذه الحالة، وحسب ما أثبتته التجربة في الدول الأوروبية، فإن الموظف او العامل الذي يضطر للخروج باستمرار قصد تدخين سيجارة في البرد القارس أو تحت أشعة الشمس يتكون لديه شيئا فشيئا شعور بضرورة الانقطاع عن هذه العادة بما أنها أصبحت تسبب له المتاعب، وهو ما قد يساهم في الحد من مخاطر التدخين السلبي وفي عدد المدخّنين.. عيادات شغليّة... تمّ خلال سنة 2009 تكوين حوالي 35 طبيب شغل تابعين لمعهد الصحة والسلامة المهنية وذلك لحثّهم على برمجة عيادات المساعدة على الاقلاع عن التدخين داخل المؤسسات والتي من شأنها أن تحدّ من المخاطر وتشجع كثيرين على الاقلاع نهائيا عن التدخين.. فالمدخن قد لا يتشجع من تلقاء نفسه على التوجّه لعيادات الاقلاع بالمستشفيات، لكن عندما تأتي العيادة إليه (الى موقع العمل) سيتشجّع ويُقبل عليها.. وقال أحد المختصين أن منع التدخين داخل مواقع العمل يجب أن يكون نابعا من قناعات شخصية للمسؤول الأول عن المؤسسة، وأكد أن حظوظ نجاح هذا التوجه قد تكون أوفر في المؤسسات التي يكون فيها المسؤول الأول غير مدخّن.. مقاه ومطاعم يرى أهل الاختصاص أن منع التدخين في المقاهي والمطاعم لن تكون الغاية الأولى منه انقطاع رواد المقاهي عن التدخين نهائيا أو حرمان المدخنين من ارتياد المقاهي، بل ستكون الحدّ أكثر ما يمكن من مخاطر التدخين السلبي على غير المدخنين الذين يطالبون باستمرار بهذه الحماية وبحقهم في هواء نقي وبيئة سليمة خاصة بأماكن الاستعمال الجماعي. كما سيكون لهذا المنع غاية أخرى وهي حماية الشبان والأطفال من التعود على التدخين والتي عادة ما تبدأ وتتطور في المقاهي.. فإذا تمّت حماية الأجيال القادمة من هذه الآفة فإنه بذلك تتحقّق نتيجة إيجابية جدا لهذا التوجّه. ومن جهة أخرى فإن المدخن لن يحرم نهائيا من التدخين في المقاهي والمطاعم، إذ ستوجد أماكن خاصة بالمدخنين، لكن ذلك قد يدفعهم بدوره الى الانقطاع، لأن هذه الأماكن ستكون ضيقة ومغلقة الى درجة الاختناق بدخان السجائر والشيشة، وحول التأثيرات المادية السلبية لهذا التوجه على المقاهي والمطاعم، ذكر د. مقنم أنه توجد اليوم بعض المقاهي الخاصة بغير المدخنين (في حي النصر بالعاصمة) وتشهد إقبالا كبيرا الى درجة الاكتظاظ.. لذلك فلا داعي للتخوف من هذا الأمر حسب رأيه..