هل يملك القطاع السياحي اليوم مقومات وأسس رفع التحديات المطروحة عليه والاهداف المسطرة له خلال الخماسية القادمة والتي حددها البرنامج الرئاسي ب10 ملايين سائح و5 مليارات دينار من العائدات في أفق 2014 ؟ قبل الجزم بالتأكيد او النفي نقول ان السنة المنقضية حملت مؤشرات لا تطمئن كميا ونوعيا اذ سجلنا تراجعا في اعداد الوافدين الأوروبيين والليالي المقضاة وهو تراجع يمكن قبوله باعتبار ان السنة الماضية عرفت تراجع ميزانيات السياحة والترفيه لدى السائح الاوروبي الذي تأثرت مداخيله بانعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية. لكن هذا التراجع المحدود والمفهوم قد لا يطمئن مستقبلا لان الإصلاح جاء من السياحة المغاربية (الليبية والجزائرية) التي حققت قرابة 40٪ من الوافدين مقابل تراجع مخيف للأسواق الأوروبية التقليدية الكبرى. ومرد هذا الخوف ان استعادة نسق النمو وحصتنا في هذه الأسواق تبدو صعبة و الدليل أننا كنا قبل حادثة جربة نستقبل اكثر من مليون سائح ألماني والآن بعد مضي أكثر من ثمانية أعوام عجزنا عن العودة إلى هذا العدد ولم نصل الا إلى نصفه. وقد تكون صعوبة استرجاع ما فاتنا من الأسواق الأوروبية عائدة الى ضعف سياستنا الترويجية والتسويقية رغم الزيادات المتكررة في الميزانية المرصودة لذلك و هو ضعف يبرز من خلال تنميط طرق و إشكال المشاركة في الصالونات والتظاهرات السياحية الدولية اذ نحضرها بنفس المشاركين من مهنيين وحرفيين ومجموعة الراقصات وهندسة الجناح وهو يخفي تكلسا واضحا في الابتكار والتجديد باعتبار بقاء نفس الموظفين يعيدون نفس التصور ويجسمونه بنفس الأشخاص و المكونات. ويبدو مطلوبا اليوم تأهيل ومراجعة الإستراتيجية التسويقية و الاتفاق على مكونات الصورة الجديدة التي نريد تسويقها للسياحة التونسية بمشاركة كل الأطراف ذات العلاقة بالقطاع. ولا يعقل ان تبقى تونس إلى اليوم بلا موقع الكتروني للحجز و تظل تحت إمرة وكالات الأسفار العالمية التي تضغط على أصحاب الفنادق وتجبرهم على التخفيض في أسعارهم على حساب جودة الخدمات و هو عامل اتسع وزنه ومثل نقطة جذب الى الوراء وإلى الأسفل ليس للمهنيين فقط بل الى الوجهة التونسية بشكل عام. وقد يكون ثقل مديونية القطاع وضعف مردودية التمثيليات السياحية في الخارج و تأثيرها على وكالات الاسفار الاجنبية من أسباب بروز ظاهرة التخفيض في الأسعار الذي يضطر أصحاب النزل إلى اعتماده بحثا عن السيولة ودفع دين البنوك. ان وزير السياحة الحالي وهو خبير دولي في التأهيل وأثبت نجاحه في تونس وعديد البلدان العربية التي عمل بها قادر مع التفاف المهنيين حوله على وضع خارطة طريق جديدة لا تقوم فقط على النزل باعتبارها حلقة من حلقات المنتوج السياحي الذي يضم في ما يضم فضاءات الترفيه والتنشيط والأسواق وبقية القطاعات الخدماتية ذات العلاقة والتي تمثل المحيط والمناخ التي يعمل فيها القطاع وهو ما يساهم في دفعه الى كسب الرهانات المطروحة عليه في ظل احتدام المنافسة و بروز أسواق جديدة كانت دون مستوى وجودة السياحة التونسية وسعيها الى تجاوزنا. إن قطاع السياحة التونسية كبقية القطاعات الاقتصادية ذات التشغيلية والمردودية العالية يحظى بدعم خاص من رئيس الدولة والذي وضع له إستراتيجية هامة والتمويلات الضرورية وعلى الجميع أن ينخرطوا فيها ويساهموا في انجاحها بكل قوة.