حوالي تسع مائة تلميذ وتلميذة وعدد كبير من إطار الإشراف والأساتذة من إيطاليا تحتضنهم بلادنا خلال شهر مارس الجاري في سياق زيارات سياحية وثقافية ترفيهية. مصادر مسؤولة من منظمي هذه الزيارات أعلمتنا أنها تهدف إلى جانب الغرض السياحي إلى مد جسور التواصل الحضاري بين شباب ضفتي البحر المتوسط من خلال عقد لقاءات احتفالية ثقافية بين شباب تلمذي من شعوب مختلفة. لذلك بُرمجت لكثير من هذه الوفود الإيطالية زيارات إلى مؤسسات تربوية تونسية. «الشروق» حضرت يوم الخميس 4 مارس الجاري نموذجا من هذه اللقاءات في إطار ما سمي «اليوم الإيطالي» بمعهد طه حسين بمدينة مقرين. التظاهرة أشرفت عليها الإدارة الجهوية للتربية ببن عروس وحضرها عدد هام من التلاميذ والأساتذة والإطارات الجهوية والمحلية إضافة إلى وفد إيطالي من 57 تلميذا وتلميذة وعدد من الأساتذة والمؤطرين من معهد «ڤيكوكورسيكو» من مدينة ميلانو الإيطالية. ربط الصلة التلاميذ الضيوف قدّموا أمام الحاضرين عروضا مفصلة لأنشطتهم وبرامجهم التي تهدف إلى ربط الصلة مع شباب العالم والشباب العربي والإفريقي تحديدا.. إجابة تلاميذ معهد طه حسين بمقرين لم تكن بعيدة عن منطلقات زملائهم الإيطاليين وإن اختلف أسلوب عرضها واتخذت صبغة فنية فرجوية من خلال الغناء والعزف ومن خلال عرض مسرحي باللغة الإيطالية. جدل بين الثقافة والترفيه في مجرى تعارف وحوارات عفوية جانبية وبدا الاستمتاع بالأمسية ظاهرا في سلوكات الشباب التلميذي الحاضر من الطرفين. التلميذتان سيرينا تالي وإريكا زڤورا والتلميذان آرثور وباولو والتلميذة أماني سلميان وهي إيطالية من أصول مصرية عبّروا جميعا عن سعادتهم بهذه الزيارة وإعجابهم بهذه التجربة يقول آرثور «لقد لاحظت أن التلاميذ هنا وفي إيطاليا يتشابهون، التونسيون في هذه المناسبة يبدون أكثر حركية وكلاما جانبيا.. لعلهم يعبرون بطريقتهم الخاصة عن اهتمامهم بنا». هذا الأمر أكده جمع من تلاميذ معهد مقرين فالتجربة بالنسبة إليهم هي الأولى من نوعها وهم مبتهجون بها وبمعانقة شباب من الضفة الأخرى من المتوسط.. تقول التلميذتان فرح المعروفي وريم السحيري. «الأمسية كانت رائقة جمعت بين الترفيه والثقافة وهي فرصة للتعارف والتواصل مع الإيطاليين». التلاميذ الذين حادثناهم من الطرفين التونسي والإيطالي عبروا عن رغبتهم في أن تتكرر مثل هذه الزيارات حتى تحقق أهدافها. تكثيف اللقاءات تقول سيرينا تالي «اللقاء ممتع ومفيد حقا لكن لا بد أن ألاحظ أن الغابات منه لا تتحقق إلا بتكثيفه فلقاء واحد في السنة هنا في تونس أو في إيطاليا لا يفي بالغرض.. يجب أن تتكرر الزيارات المتبادلة حتى تحدث عن تواصل حقيقي بين شباب العالم». السيدة أنطونيلا ماوري واحدة من الأساتذة الإيطاليين المشرفين علي الوفد لم تخف هي الأخر إعجابها بالأمسية وبما وجدته في تونس عموما. هذا ما أكدته لنا حنان الصرارفي وهي دليلة سياحية محترفة مرافقة للإيطاليين إذ قالت لقد أبدى أفراد الوفد الإيطالي جميعا حبا كبيرا لتونس واهتماما بثقافتها وتراثها وهم يكنون كل الاحترام للتونسيين لا سيما وهم قضوا بيننا حوالي أسبوع تمكنوا خلاله من زيارة العديد من المواقع السياحية على غرار توزر والحمامات وتونس العاصمة وسيدي بوسعيد كما اطلعوا على معالم أثرية كثيرة في بلادنا. وأضافت أنها مع زملائها التونسيين يدركون جيدا أهمية ما تتركه مثل هذه الزيارات في نظرة شباب تلمذي يافع إلى تونس لذلك فهي تدعو إلى الحرص على حسن تنظيم هذه الزيارات والنأي بها عن الجانب التجاري الصرف». تضيف محدثتنا لا بد أن يعهد تنظيم هذه الزيارات الحساسة إلى مؤسسات أو أشخاص يؤمنون حقا بحوار الحضارات وتكاملها بعيدا عن الانتهازية الربحية أو مركب الاستعلاء من هذا الطرف أو ذاك..». أمسية رائقة أربع ساعات من الحوار والتواصل والتثاقف بين شباب تلمذي من ميلانو الإيطالية ومقرينالتونسية في رحاب مؤسسة تربوية بدت أكثر توهجا بالمناسبة رغم ضيق فضاء الاستقبال.. أمسية رائقة بشهادة المشاركين فيها وكانت نهايتها أكثر ودّا من البداية.. البناء ممكن إذن والأمل معقود في أن تتكرر الزيارات وأن تتمحض لها البرامج جديا ليتواصل التواصل من خلال صيغ مختلفة عبر التوأمات وعبر تبادل الوفود وعبر التراسل والتعاون والترفيه والمشاريع المشتركة وصيغ أخرى كثيرة تتيح التفاهم بين شباب من مراجع حضارية مختلفة على نحو نراه ترياقا حقيقيا ناجعا لسموم الأفكار المسبقة المتجنية ولكل عنصرية وتعصب أعمى أو سوء فهم يستغله صيّادو المياه العكرة في الشمال كما في الجنوب لنشر الحقد والكراهية بين الناس... تلك بعض وجاهة التواصل يبن شباب العالم وما حصل في معهد مقرين يوم 4 مارس الجاري هو وجه من وجوه هذا التواصل وصيغة ممكنة للاحتفال في الوسط المدرسي بالمبادرة التونسية السنة العالمية للشباب.