أكدت العديد من الأبحاث في مجال علم النفس أن أكثر الأمراض النفسية انتشارا هي حالة الاكتئاب حيث أنه وحسب الاحصائيات تأكد أن امكانية تعرض الإنسان في حياته لهذا المرض تقدر ب20٪ وتأتي أمراض الخوف والوسوسة بنسبة 3 و10٪ ثم حالات الانفصام في الشخصية ما بين 1 و3٪. كما أفرزت الأبحاث النفسية بروز عدة أمراض كمرض التوحد بالنسبة للأطفال وأمراض الشيخوخة مثل الزهايمر. وللوقوف عند أسباب هذه الأمراض، أنواعها وكيفية معالجتها اعتمدنا آراء بعض المختصين في هذا المجال. الأستاذ عطيل أبينوس طبيب نفساني ومختص في علم النفس يقسّم الأمراض النفسية إلى نوعين منها الأمراض ذات العوامل الداخلية والخلقية وهي اضطرابات المزاج Les troubles de l'humeur وهذه الأمراض مزمنة إذ تتسبب في حالات هيجان وانفعال. حالات الكآبة الدورية وتظهر عوارضها عادة بعد سنّ المراهقة، هذه الحالة لا تساهم في انفصال الانسان عن الواقع رغم حدتها. ثم تأتي حالات الانفصام في الشخصية ويكون الإنسان خلالها في حالة هذيان كما تكون علاقته مع محيطه الخارجي مضطربة وهذه الحالة مزمنة. في المقابل هناك حالات الهذيان دون انفصام في الشخصية وفي هذا المستوى يشعر الانسان بأنه مستهدف من الجميع ويكون دائما في حالة استعداد لردّ الفعل (أحيانا يصل إلى ردّ الفعل العنيف). وتوجد أيضا الوسوسة وتكون إما حالة تكرار متواصل أو التثبت الدائم من الأشياء (النظافة) كما تكون أيضا في شكل وسوسة وجودية ميتافيزيقية ونجد أيضا حالات الخوف العميق وهو ما يعبر عنه ب la phobie وهو الخوف من الأشياء والوضعيات (الصعود إلى مكان شاهق) مثلا. أو التواجد في أماكن مظلمة وتتسبب هذه الحالة في عدة عوارض بدنية مثل دقات القلب المتسارعة وهو ما يؤدي إلى اضطرابات في الشخصية. أمراض نفسية ذات عوامل خارجية ويضيف الأستاذ عطيل أن الحالات المرتبطة بالعوامل الخارجية هي الكآبة وتكون عادة ناجمة عن المشاكل العائلية أو حالات الحزن كحالات الحداد.. وهي من الحالات النفسية القابلة للعلاج. هناك أيضا حالات نفسية مرتبطة بالعوامل الخارجية والداخلية معا مثل حالات الادمان عند توفر أرضية ملائمة لنفسية الانسان، إضافة إلى الضغوطات المادية أو حالات البطالة، ويضيف الأستاذ عطيل أن هنالك مهنا تعرض الإنسان إلى الإصابة بالكآبة وهي مهن لها علاقة مباشرة مع المجتمع وهم عادة رجال التعليم، الموظفون، ومراكز النداء. ويمكن إدراج أمراض الوسوسة والخوف ضمن الأمراض النفسية التي لها علاقة بالعوامل الخارجية وذلك إما عن طريق الوراثة أو الطفولة (ما يمكن أن يتعلّم الطفل عن والديه). من أمراض الشيخوخة: الزهايمر يؤكد الأستاذ أبينوس ان أمراض الشيخوخة أصبحت متطورة لأن أمل الحياة عند الولادة أصبح متطورا بدوره وهذه الأمراض تتسبب في عدة عوارض خطيرة جدا عند المسنّ بحيث يصل الأمر إلى درجة نسيان المريض وظائف الأشياء، أو عند الخروج من المنزل ينسى هذا المريض طريق العودة. وفي هذا المجال يؤكد الأستاذ عطيل أبينوس على ضرورة أن تتوفر ظروف علاج ملائمة خاصة هذا المرض بالذات (بعث مؤسسات صحية). الكآبة تصيب الرضيع أيضا السيدة ابتسام طبربي أخصائية نفسانية في طب الأطفال تقول بأن حالات التوحّد أصبحت متزايدة وهذا المرض هو حالة انعزال عن المحيط الاجتماعي يصاب بها الطفل في الثانية من عمره. ويكون للطفل ردّ فعل عنيف مع الآخرين. كذلك من الملفت إلى الانتباه أن حالات الاكتئاب التي اعتدنا أن نجدها عند الطفل في سن المدرسة أصبحنا نلاحظها على مستوى الرضيع وذلك مردّه لظروف عائلية (كخروج الأم للعمل فيكون هذا الطفل في حالة فقدان للحنان وتترجم حالته النفسية في كثرة البكاء، توتر في النوم، حالات تبول لا إرادي، عنف وهنالك أمراض أخرى مثل كثرة الحركة، الافراط في الأكل وهو ما يعبّر عنه la boulimie أو العكس الابتعاد عن الأكل l'amoréxie. وعلى الرغم من نجاعة الطب النفسي في تونس فإن اقبال المريض النفسي يبقى محتشما ولا يقبل المريض على معالجته النفسية إلا عندما تشتدّ الحالة وتصل أحيانا إلى الانهيار العصبي الشديد.