تحدثنا سابقا عن ثلاث محطات يتوقف عندها العريس بمدينة سوسة. هذه المحطات هي «الخطبة»، فالصداق ووصولا الى القفة.. وما أدراك ما «القفة» هدية العريس لمولاة الجمال والزين وشعرها الطويل.. ومنطقها الحلو الجميل. تصل القفة المتمثلة في «صاغة» وثور أو عدد من الخرفان إلى دار العروس. وهنا يقول الأستاذ حسين الحاج يوسف في دراسته «عادات وتقاليد الزواج بمدينة سوسة»، وإذا وصل أهل العريس وأحبابه دخلوا الى دار المحروسة ووضعوا القفّة على الأريكة (البنك) وليس على الأرض وغطوها بشال فضي وتزغرد الحاضرات. بعدها تضيف الماشطة غطاء آخر لكيد العدو والتفاخر ثم تخرج الصاغة وتعرضها على المدعوات وتنطلق الصانعات في الغناء والصلاة على النبي. الطريف هنا ارتداء الماشطة لصاغة العروس والتظاهر بالافلات والهرب والاستحواذ على الحلّي فتصيح الحنّانة «امسكوها الخوّانة هربت بصاغة السلطانة». التكبيس بعد ثلاثة أيام تأتي صاحبات العروس فتعطيهن أمها إناء به الحنّاء والقبقاب وحضور حمام السكات وفي القدم كانت الماشطة الحنانة تصبغ للعروس شعرها. القلاع والكاملة يقول الأستاذ حسين الحاج يوسف عن هذه المناسبة: «يوم الأحد يكون كل أحد قد بلغه الخبر بالسماع بأنه سيقع تركيب القلاع». يلتئم الموكب ليسير نحو دار العروس فيرفعون القلاع تحت صوت «الزكرة» و«الطبلة».. ثم يحملون الكاملة الى دار العريس وهناك ينصبون تلك القلاع والطبلة دائما في اندفاع. وعن «الكاملة» يعرّفها الأستاذ الحاج يوسف بأنها أربع قصاع ملأى بالحلويات، قصعة «بالغريّبة» والثانية «بالبقلاوة» والثالثة «بالتركي» والرابعة «بالمقروض». وتشدّ «القصاع» على حمار يقوده أربعة شبّان صناديد يذهبون به من دار العروس الى منزل العريس. الحمام يقع حجزه بأيام وتنطلق إليه «الحضرة» ويبقين هناك في انتظار العروس التي تأتي على عربة خفيفة وعندما تدخل الحمام يبدأ العزف فتتصدّر تحت أغاني من مألوفنا. وعندما تدخل العروس الى «وسطية» الحمام تنهض الماشطة وتغير العروس الكسوة مع التاقية والسروال والبلوزة والقبقاب المنقوش بالفضّة لتغطي بفوطة من الحرير منتعلة قبقاب الحمام، فتتعالى الزغاريد ويكون الاستحمام والتعطّر.