احتضن فضاء نادي خميس ترنان للموسيقى العربية والمتوسطية ببنزرت فعاليات اللقاء الاول من سلسلة الحوارات التي تنظمها فرقة مسرح الشمال بالتنسيق مع دار الثقافة الشيخ ادريس ببنزرت، وقد نزل ضيفا عشية السبت المنقضي المسرحي: المنصف السويسي الذي توقف، ضمن هذا الموعد عند بعض المحطات الأولى من مسيرته المسرحية والدور الحضاري المتبقي للفن الرابع في مواجهة أشكال الاستعمار الجديدة.. على حد قوله.. فيما أتى النقاش على عدد من إشكاليات الساعة منها حال المسرح التونسي اليوم في مجالي الاحتراف و«الوان مان شو» والمتغيّرات المرتقبة بالنسبة الى نشاط الجامعة التونسية للمسرح. وفي مستهل هذا اللقاء الذي كان تحت عنوان «دور الشباب في تطوير المسرح التونسي» أشار المخرج المسرحي المنصف السويسي انه لم يأت للفن الرابع من باب الصدفة بل دخله عنوة!! حيث مثلت متابعة تمارين العروض المسرحية التي كان يرافق إليها والده ضمن فرقة مدينة تونس المساحة الترفيهية الوحيدة التي كان مجبرا على متابعتها وهو طفل.. مضيفا في ذات الصدد أنه مدين لعديد الوجوه المسرحية آنذاك والتي ساهمت بدورها في تشكل غرامه ومن ثمة تكوينه وتوجهاته للقضية المسرحية عموما على غرار الشيخ محمد الحبيب عمر خلفة محمد عبد العزيز العقربي. العولمة و«الكوكا كولا»!! وفي إطار حديثه عن رمزية المسرح وعلاقته بكل من الهوية والثقافة اعتبر المتحدث بأن الغائية القصوى للمسرح هي انسانية وتاريخية بحتة رغم انه كفنّ لا يمكن ان يكون خارج السياسة بينما يجب ان يكون بعيدا عن «اللعبة السياسية».. وقد شدد في ذات السياق على أن الدور الحضاري للمسرح كفنّ شامل يكمن في التصدي لعدة ظواهر خطيرة تستهدف الثقافة والهوية وحتى جنسيات الشعوب ولاسيما ما أضحى متعارف عليه بالعولمة التي وصفها بالشكل الجديد للاستعمار التي تنمو في الخفاء وتسعى الى تنميط الجميع على شاكلة ال «Coca cola» .. ملاحظا في ذات المداخلة ان المسرح التونسي قاوم الاستعمار الفرنسي بضراوة عبر مسرحيات تذكر بالهوية وبأعلام من التاريخ على غرار «المعز لدين الله الفاطمي» و«زيادة الله الأغلبي».. «الوان مان شو» «تكوميك»... وعلى هامش النقاش الذي كانت قد اشتدت حرارته أثار عدد من الحضور من طلبة وهواة الفن الرابع ومراسلو وسائل الاعلام عددا من المسائل كان من أبرزها مدى العمل على إحداث نقلة بالجامعة التونسية للمسرح وانتشار شركات الانتاج و«ألوان مان شو» بالساحة الفنية بتونس على امتداد السنوات الأخيرة... وفي ردّه على مجمل التساؤلات اعاد الفنان المسرحي المنصف السويسي انتشار ظاهرة «ألوان مان شو» الى تفاقم قيم جديدة بالساحة المسرحية التونسية امام قلة الفرق الجماعية والمتمثلة في «الفردانية» و«الأنانية» وهي بما تحمل من مضمون عبارة عن «تكوميك» وليس بالكوميديا والتي لا يمكن ان تنجح على المدى الطويل في استقطاب الجمهور الذي عادة ما يشدّه سواء في قاعات السينما او المسرح الحاجة للفرجة الهادفة والرسالة النبيلة مضيفا ان المحترف ليس من هو بالمرتزق من المسرح. هذا وكان قد أبرز رئيس الجامعة التونسية للمسرح ان الفن الرابع بتونس اليوم «يضلع» بقامة واحدة معتمدا على الإبهار بالتقنيات الحديثة لا غير.. الفاضل الجعايبي وعن احتراف الممثل في تونس قال: «على مسؤوليتي ليس هناك محترفون في تونس بالمواصفات الحرفية العالمية الا قلة يعدون على أصابع الأيدي والأرجل.. كما ان هناك في حدود 20 هاويا للهواية فقط». وأضاف بأن «الفاضل الجعايبي يمثل أول فنان في نوعه بتونس.. وبأن اضافات حقيقية ستعيش على وقعها جامعة المسرح لانتشالها من الحضيض».