اعترضني في ساحة احدى الادارات تائها بين سيارات مسؤوليها وزوارهم من ذوي القربى الاولى بالمعروف والصرف والمصروف، وهو يضحك ملء شدقيه ضحكة سخرية ربما مني، أو من نفسه أو من الناس أجمعين وربما من الدنيا برمتها. سألني ان كان في استطاعتي أن أصغي اليه بأذني وعقلي وقلبي؟ وقلت هات ما في صدرك فثلاثتها لك. فافرغ من أرشيف حسك وشعورك فيها ما استطعت شريطة أن تصدقني القول عمّن كنت تضحك ملء حنكيك وخديك وعينيك؟ قال: فرحا يا ولدي. قلت بماذا؟ قال بالذكرى السابعة عشرة لطلب كنت قد قدّمته للادارة ولم أتلق عليه الردّ الى اليوم. ومع ذلك مازال الأمل يراودني في أنني سأجد في هذه الادارة من يسمعني بأذنه وعقله وقلبه. قلت سبعة عشر عاما وأنت تترقب من يسمعك بالثلاثة ولم تجد له أثرا في هذه الادارة؟ قال نعم حتى أنني من فرط المواظبة على تحقيق مطلبي أصبحت بحكم سكني صباحا مساء في الادارة أدرى بشؤونها الادارية من رئيس مصلحة شؤونها الاداريةورؤساء دوائرها الفرعيةوأعوانهم. أعوان أعوانهم قلت: ما مطلبك؟قال: رخصة بناء. قلت: لقصر الخورنق في القمر أم في المريخ؟قال بناء «قاريطة» في قرية ريفية. قلت: أما نصحك أي كان بنصيحة ما لتحقيق أمنيتك؟ قال كل المسؤولين نصحوني بالصبر، ولا شيء غير الصبر. قلت: ومع ذلك مازلت حريصا على «القاريطة» وتطالب بها؟ قال نعم ولكن قبل ذلك أطالب بالتقاعد عن الصبر.