سعيّد: 'مشروع تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية لم يعد يحتمل التأخير'    العثور على سلاح ناري من نوع "كلاشنيكوف" وكمية من الذخيرة ومخزنين معبأين    ليبيا: إختفاء نائب بالبرلمان.. والسلطات تحقّق    عاجل/ القسّام: أجهزنا على 15 جنديا تحصّنوا في منزل برفح    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    بطولة الجزائر- الجولة ال26: مولودية الجزائر تتوّج باللّقب الثامن    طقس اليوم : هل ستتواصل الأمطار ؟    قفصة: 241 حاجا وحاجة ينطلقون من مطار قفصة القصر الدولي يوم 28 ماي    مدنين: القبض على شخص استولى على 40 ألف دينار من أجنبي    ترامب يحذّر من اندلاع حرب عالميّة قبل الانتخابات الأمريكية    والدان يرميان أبنائهما في الشارع!!    بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الإعاقة: التونسية سمية بوسعيد تحرز برونزية سباق 1500م    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    ضمّت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرا في السينما العربية في 2023    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    مدرب الاهلي المصري: الترجي تطور كثيرا وننتظر مباراة مثيرة في ظل تقارب مستوى الفريقين    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    قابس: تراجع عدد الأضاحي خلال هذه السنة مقارنة بالسنة الفارطة (المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية)    إرتفاع قيمة صادرات المواد الفلاحية البيولوجية ب 24،5 بالمائة    مدير معهد الإحصاء: كلفة انجاز التّعداد العامّ للسّكان والسّكنى لسنة 2024 تناهز 89 مليون دينار    وزير التشغيل والتكوين المهني يؤكد أن الشركات الأهلية تجربة رائدة وأنموذج لاقتصاد جديد في تونس    تفكيك شبكة لترويج الأقراص المخدرة وحجز 900 قرص مخدر    رئيسة مكتب مجلس أوروبا بتونس تقدّم خلال لقاء مع بودربالة مقترح تعاون مع البرلمان في مجال مكافحة الفساد    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    كاس تونس لكرة القدم - نتائج الدفعة الاولى لمباريات الدور ثمن النهائي    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    رسميا.. سلوت يعلن توليه تدريب ليفربول خلفا لكلوب    الخارجية الألمانية.. هجمات المستوطنين على مساعدات غزة وصمة عار    اكتشاف جديد قد يحل لغز بناء الأهرامات المصرية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    أولا وأخيرا ..«سقف وقاعة»    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    دقاش: افتتاح فعاليات مهرجان تريتونيس الدولي الدورة 6    وزير الفلاحة: المحتكرون وراء غلاء أسعار أضاحي العيد    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    خلال شهر أفريل : رصد 20 اعتداء على الصحفيين/ات من أصل 25 إشعارا    570 مليون دينار لدعم الميزانيّة..البنوك تعوّض الخروج على السوق الماليّة للاقتراض    حادث مرور قاتل ببنزرت..وهذه حصيلة الضحايا..    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    اتحاد الفلاحة: أسعار أضاحي العيد ستكون باهضة .. التفاصيل    النائب طارق مهدي يكشف: الأفارقة جنوب الصحراء احتلوا الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    روعة التليلي تحصد الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    فرنسا: الشرطة تقتل مسلحا حاول إضرام النار بكنيس يهودي    بطاقة إيداع بالسجن في حق مسؤولة بجمعية تُعنى بمهاجري دول جنوب الصحراء    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنوب السودان: بقاء مع الشمال... أم انفصال؟
نشر في الشروق يوم 23 - 06 - 2010

تتعاظم هذه الأيام المؤشرات التي تؤكد أن خيار انفصال جنوب السودان في طريقه لأن يتحول الى حقيقة وأن جنوب السودان لن يبقى ضمن الدولة السودانية الموحّدة.. فالتجاذبات والخلافات السياسية في هذا البلد ذي التركيبة القبلية والسياسية المعقدة يبدو أنها وصلت الى حدّ لم يعد فيه من مجال لتعايش الجنوبيين والشماليين في إطار دولة سودانية واحدة أو على الأقل هذا ما «ينضح» من تصريحات ومواقف مسؤولي ما تسمّى «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي أوفدت منذ أيام قليلة أمينها العام للترويج لسيناريو انفصال الجنوب وذلك عشية الاستفتاء المرتقب في مطلع العام القادم فيما استبقت الولايات المتحدة موعد الاستفتاء للترحيب بالدولة الجنوبية السودانية حتى قبل ولادتها أصلا..
والحقيقة أن الدور الأمريكي في ما يدبّر لجنوب السودان لم يقف عند حدود الترحيب بل ان واشنطن لم تتردد من خلال مبعوثها الخاص الى السودان سكوت غرايشن في التمهيد لهذا السيناريو منذ فترة طويلة.. فاتفاقية «مشاكوس» و«نيفاشا» قد صبغتا بتدخل أمريكي مباشر استخدمت فيه دول «الإيغاد» لتحقيق هدف انفصال جنوب السودان عام 2011.
ولا يخفى على أحد الهدف المزدوج أمريكيا وإسرائيليا لتحقيق انفصال جنوب السودان بما يفضي في النهاية الى تمزيق هذا البلد وضرب كل مقومات استقراره ووحدته..
«الشروق» تسلّط الضوء في هذا العدد الجديد من الملف السياسي على احتمالات وخلفيات وتداعيات انفصال جنوب السودان..
ويتحدث في هذا العدد السيدان:
الدكتور أشرف بيومي (مفكّر وعالم مصري)
الأستاذ عبد الرحمان ابراهيم (محلّل سياسي سوداني)
د. أشرف بيومي: انفصال جنوب السودان وارد... وما يجري حلقة من مخطط «تفتيت المفتت»
تونس «الشروق»
أكد المفكر المصري الدكتور أشرف بيومي في لقاء مع «الشروق» عبر الهاتف في القاهرة أن مخطط انفصال جنوب السودان تحول الى حقيقة محذرا من أن ما يجري هو حلقة من خطة جهنمية تهدف الى تمزيق كل الوطني العربي...
السيد أشرف بيومي دعا مختلف الأطراف السودانية الى التنازل من أجل مصلحة الوطن وتجنب المهاترات التي قد تقود البلاد الى حروب مدمرة... وفي ما يلي هذا الحوار:
كيف ترصدون وتحللون، بداية التوقعات المتصاعدة في هذه الفترة بانفصال جنوب السودان... ثم ما هي مخاطر مثل هذا السيناريو؟
يجب ألا ننظر الى القضايا بطريقة منفصلة لأن هذا الأمر هو أحد أهداف القوى الاستعمارية... نحن هنا نتحدث عن قضية واحدة هي في النهاية قضية الأمة بأكملها.. فما يحدث في السودان هو حلقة من مخطط تمزيق الوطن العربي... اننا إزاء تفتيت المفتت وتجريد المواطن العربي من الشعور بأهمية الوحدة... الآن يراد من السودان أن يكون بمثابة «رأس الحربة» الثاني بعد العراق للزحف بقطار التقسيم الى أقطار عربية أخرى لقد كنا نسمع منذ سنوات طويلة أن الانفصال هو خط أحمر للسودانيين لكننا اليوم نجد أن هذا الخط لم يعد موجودا... بل ان انفصال جنوب السودان تحول اليوم الى شبه أمر واقع وحقيقة والجميع اليوم في انتظار ظهور دولة وليدة في جنوب السودان.
ما تقولونه دكتور هو كلام عام لكن هل لديك مؤشرات ودلائل ملموسة في تحليلكم وتوقعاتكم بهذا الشأن؟
بلا شك هناك عديد المؤشرات فالنظام المصري بات اليوم يثير مسألة انفصال جنوب السودان أكثر من أي وقت مضى ولم ينتظر حتى اجراء استفتاء تقرير المصير فقد نقل الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان باقان أموم عن السفير المصري في أمريكا قوله ان القاهرة ستقبل بنتيجة استفتاء تقرير المصير في جنوب السودان بما في ذلك خيار الانفصال... كذلك نفس الشخص (باقان أموم) صرح بأن الصين وروسيا ستقبلان بهذا الخيار، الولايات المتحدة صرحت أكثر من مرة على لسان مبعوثها الخاص الى السودان سكوت غرايشن انها تتمنى أن تكون نتيجة الاستفتاء المرتقب الطلاق بين الشمال والجنوب... في الأثناء تبدو الحكومة السودانية بدورها غير مكترثة وأصبحت بعض العناصر القريبة من السلطة تعرف أن فرضية الانفصال قائمة... وهذه المؤشرات تعطي في الحقيقة دليلا واضحا على حقيقة ما يجري وما سيجري خلال استفتاء جانفي القادم... وهذا التاريخ سيدشن في رأيي مرحلة جديدة في السودان... مرحلة لن تكون بالتأكيد كسابقاتها...
وحتى استفتاء جانفي القادم... الى أي مدىيمتلك النظام الرسمي العربي القدرة برأيكم على احتواء الموقف وانتاج حلول معينة ترجح كفة الوحدة بين الشمال والجنوب على كفة الانفصال؟
نحن نعيش اليوم مرحلة الانحطاط الشامل... ومرحلة غياب الحلول بالفعل نحن اليوم عاجزون عن انتاج الحلول نحن اليوم في مرحلة دفاع... والمقاومة العراقية والفلسطينية هي خط الدفاع الأول... وما عدا ذلك ليس لنا من خيارات أخرى... والرهان على الجامعة العربية لم يعد مجديا لأن الجامعة العربية لم يرافقها سوى الفشل ولم تنجح في ادارة أي ملف من الملفات العربية الحارقة... اليوم حل أزمات السودان يجب أن تبدأ من السودانيين أنفسهم الذين يجب أن يتعالوا عن الصراعات والخلافات التي تتهدد بإدخال السودان في فوضى شاملة وفي حريق مدمر.
جنوب السودان... في سطور
تونس (الشروق)
جنوب السودان هو إقليم حكم ذاتي له حكومته وجيشه..
جوبا هي عاصمة جنوب السودان وكبرى مدنه.
تحد جنوب السودان من الجنوب شرق أثيوبيا وكينيا وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى من الغرب ومن الشمال باقي ولايات السودان.
يعتنق سكان جنوب السودان في الغالب المسيحية وتحديدا الكنيسة الأسقفية والكنيسة الكاتوليكية الرومانية.
يحتوي جنوب السودان على مجموعات عرقية ولغات أكثر من الشمال.. تسكنه قبائل افريقية مثل الدينكا والشيرلوك والشلوك وباري والأشولي بنحو 7 ملايين نسمة وعموما يعتقد أن أكبر مجموعة عرقية هي الدينكا والنوير والشلوك وأتباع ديانات مختلفة.
توجد في جنوب السودان مجموعات قبلية ولغات أكثر من الشمال.. لغة التعليم والحكومة والأعمال هي الانقليزية وهي اللغة الرسمية لجنوب السودان وقد تمّ منذ عام 1928 الاعتراف بها كلغة أساسية لجنوب السودان.
اللغة العربية في جنوب السودان والتي تعرف باسم عربية جوبا ظهرت في القرن 19 بين أحفاد العساكر السودانيين.
جوبا، مدينة الأكواخ والحرارة والملاريا عاصمة أحدث دولة في العالم؟
تونس (الشروق)
توقّعت مجلة «تايم» الأمريكية أن يصوّت الجنوبيون بشكل كاسح لمصلحة تقسيم أكبر دولة إفريقية خلال الاستفتاء الذي سيتم في التاسع من جانفي القادم وكتبت المجلة الأمريكية تقول انه إذا لم تتدخّل الحرب والمجاعة والابادة الجماعية لتحول دون ذلك فإن جوبا مدينة الأكواخ التي تشتهر بالحرارة العالية والملاريا قد تُصبح أحدث عاصمة لأحدث دولة في العالم.. لكن الصحيفة تساءلت في هذا الاطار قائلة كيف يمكن لجنوب السودان أن يصبح دولة مستقلة في الوقت الذي لا يمتلك من مقوّمات الدول سوى القليل؟..
وأجابت «الكثير من عمال الإغاثة وخبراء التنمية في مدينة جوبا يشكّكون في امكانية حدوث هذا الأمر بل ابتكروا مصطلح «دولة دون الفاشلة» لوصف الوضع الفريد من نوعه لجنوب السودان.
وتابعت تقول «مع أن المجتمع الدولي يحاول أن يظهر بمظهر المتفائل فإن التفاؤل يبدو صعبا جدا في هذه المرحلة وخاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن المدة الزمنية المتاحة للتحضير للانفصال قصيرة جدا.
وقالت: أي ولادة في غير أوانها مرشحة لمواجهة بعض المضاعفات لكن في حالة جنوب السودان ستكون هذه المضاعفات شديدة الخطورة وخاصة أن السودان يصنّف كواحد من أقلّ البلدان استقرارا في العالم.
محلل سياسي سوداني: «الحركة الشعبية» معزولة شعبيا...والانفصال مستبعد
تونس (الشروق) أمين بن مسعود
قال الكاتب السوداني عبد الرحمان ابراهيم انّ تحرّكات قيادات الجبهة الشعبية لتحرير السودان الحالية للدفع نحو تقسيم السودان ستسقط كلها في الماء.
وأشار في حوار مع «الشروق» من الخرطوم عبر الهاتف الى أن السودان لن يتأثر بهذه الدعوات مؤكدا أن الخرطوم تعول كثيرا على وعي الأهالي في الجنوب وعلى حسهم الوطني الصادق نحو الوحدة والوئام لا سيما وقد تحققت لهم عدة مكاسب معتبرة شعبيا وسياسيا.
وأكد الباحث والمحلل السياسي السوداني عبد الرحمان ابراهيم أن ما تقوم به بعض الأطراف من داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان بعضها نتاج منطلقات قبلية نظرا لحجم التباينات القبلية الموجودة في الجنوب والبعض الآخر تجسيد لتمثل موجود لدى بعض القيادات الجنوبية التي ترى في اتفاقيات السلام المبرمة طريقا نحو تغيير البنية الثقافية والحضارية والاجتماعية للسودان وبالتالي اسقاط الحكومة وليس جسرا نحو الوحدة في البلاد.
وأضاف أن الحركة الشعبية مرتبطة بقوى أجنبية غربية لها أجندات محددة ولها أطماع في السودان والحكومة منذ 1989 لم تسمح لهذه القوى بوضع يديها على موارد السودان , لذا فهي تتدخل حاليا عبر الحركة الشعبية ساعية بذلك الى خلخلة الوضع الداخلي واستنزاف الموارد الطبيعية للبلاد.
وأردف أن الحركة الشعبية وان لم تكن طوال السنوات التي أعقبت امضاء اتفاق السلام الشريك النزيه لحكومة السودان فقد كانت دائما مشاكسة ومثلت مع المحكمة الجنائية قوة ضغط سلبي على الحكومة.
ابتزاز... ونشاز
واعتبر المحلل السوداني أن الدعوة الى الانفصال هي محاولات لابتزاز الحكومة ودفعها لتقديم التنازلات مشيرا الى أنه ليس بيد الحركة أن تقرر فصل الجنوب عن الشمال ومؤكدا في المقابل تمسك الجنوبيين بالوحدة بفضل المكاسب التي تحققت لهم في ظل حكومة البشير.
وحول مدى تأثير هذه الدعوات التي اقترنت بتأكيدات وجود تأييد من بعض الدول الغربية للانقسام , أكد ان الحكومة واثقة في الرأي العام الجنوبي وتعتبره صمام الأمان وتراهن عليه وعلى وحدة النسيج الاجتماعي وأن وعود بعض الدول بقبول التقسيم هي وعود للاستهلاك الاعلامي لا أكثر ولا أقل.
ووصف ابراهيم الأصوات التي تنادي بين الفينة والأخرى بالتقسيم ب«النشاز» مبينا أن قبول بعض العواصم الغربية بانفصال الجنوب لم يصدر الى حد اللحظة من جهة رسمية فهي اذن مزاعم لا يعتد بها ولا تصدق وهي مجرد «مفرقعات اعلامية».
وأضاف أن الوعود الخارجية لفائدة الجنوب تبقى دائما محل شكّ فنفس الدول التي نقل عنها قبولها باقامة دولة في الجنوب هي ذات الدول التي وعدت ابان اتفاقية 2005 بتقديم الدعم المالي لاعمار الجنوب بقيمة 5 مليارات دولار بيد أنها لم تقدم الى حد اللحظة سوى خمس المبلغ الذي وعدت بدفعه فيما قدمت الحكومة أضعاف أضعاف الأموال الغربية.
ارتباط بالأجندا الغربية
ولاحظ الكاتب السوداني امكانية وجود علاقة بين هذه الدعوات والمخطط الغربي للنيل من حصة مياه النيل التاريخية لكل من السودان ومصر باعتبار أن نشأة دولة ترفض الشكل الحضاري والاثني للمنطقة العربية والاسلامية سيشكل تهديدا ليس فقط لمياه النيل وانما لكل العالم العربي موضحا في المقابل أنه عمليا تبقى قضية قضم الحصص التاريخية معقدة وشائكة جدا..
وانتهى الى أن الشعب السوداني واع وقادر على التفريق بين التهريج السياسي والمصلحة الوطنية وأن هذه المهاترات ليس لها أي تأثير على الشعب السوداني وعلى الرأي العام الجنوبي الذي سيختار في الأخير طريق الوحدة والتطوير.
دراسة صهيونية: جنوب السودان نقطة الانطلاق ل «خنق» مصر
٭ تونس «الشروق»:
صدرت مؤخرا دراسة اسرائيلية عن «مركز دايان لدراسات الشرق الاوسط وافريقيا» تحت عنوان «اسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان: نقطة البداية ومرحلة الانطلاق» أعدها موشي فرجي العميد المتقاعد وكشف فيها الدور الاسرائيلي في دعم حركات التمرد في الجنوب وتغذية النزعة الانفصالية.
وأكد معدّ الدراسة أن الايادي الصهيونية تعبث بأمن السودان واستقراره بدعمها لحركات التمرد بالمال والسلاح، وأن الهدف من وراء كل ذلك التمدد في القرن الافريقي هو محاصرة مصر والسيطرة على منابع النيل، مع الحرص على ابقاء بؤر التوتر والقلاقل في محيطها.
ويشير موجي فرجي الى أن السودان لا يعتبر دولة مواجهة مع اسرائيل حتى يستدعي كل هذا الاهتمام لكنه في المنظور الامني والعسكري الاسرائيلي تهديد للكيان الصهيوني في المستقبل وأن وضعه شبيه بوضع العراق من حيث كثافة السكان وتصاعد موجة العداء فيه لاسرائيل.
أما الرؤية التي استقرت عليها قيادات وزارة الحرب وأجهزة الاستخبارات والمهمات الخاصة، فتقول بأن السودان يشكل عمقا استراتيجيا لمصر، وبالتالي كان لابد من صيغة مشتركة لفتح العين على الداخل السوداني ومراقبة ما يجري فيه واستثمار القلاقل على غرار ما تم في العراق.
اليد الاسرائيلية عبر البوابات الافريقية
إن الدراسة الاسرائيلية وإن لم تكن الوحيدة التي رصدت الدور الصهيوني الخطير في افريقيا عموما والسودان على وجه الدقة وقفت على جملة عوامل سهلت امتداد اليد الاسرائيلية الى جنوب السودان عبر البوابات الافريقية المحيطة به.
وذكرت أن تل أبيب وعبر دول مجاورة للسودان أجرت اتصالات بقيادات في حركة التمرد في الجنوب بمن فيهم الراحل جون غارنغ، لكن الاخير وبعد تفاهمات مع القيادة السودانية بدأ يتخلى عن فكرة الانفصال، فما كان منها أي اسرائيل، إلا أن استغلت اختلاف الرؤى في حركة التمرد بين جناح غارنغ وقتها والجناح الداعم للانفصال، فناصرت الجناح الثاني.
وتقف الدراسة الاسرائيلية مطولا عند المراحل الاساسية للتغلغل الصهيوني في الجنوب، حيث أكّدت أن أجهزة الموساد نجحت في المنطقة تحت غطاء المنظمات الانسانية، تماما كما فعلت المنظمات التبشيرية في الجنوب وفي اقليم دارفور.
وأضافت أن أثيوبيا كانت مركزا حيويا لانطلاق أنشطة الموساد، وكانت المحطة الأهم لاستقطاب قادة التمرد والأمر ليس حديثا وإنما يعود الى نهايات خمسينات القرن الماضي.
وبالنسبة للسلاح تقول الدراسة إنه بدأ يتدفق على جنوب السودان عبر أوغندا. كما أمدت اسرائيل حركة التمرد بضباط من جيشها لتدريب المتمردين على القتال.
وأكّدت الدراسة أن مراحل الدعم امتدت من عام 1956 الى يومنا هذا، موضّحة ان زعيم التمرد (الراحل) جون غارنغ أبرم في عام 1989 صفقة أسلحة مع الكيان الصهيوني تضمنت أيضا تدريبات عسكرية لمقاتليه.
واللافت بحسب معدّ الدراسة أن القيادة العسكرية والاستخباراتية الاسرائيلية أدركت أهمية حلقات التواصل مع قيادات التمرد في جنوب السودان، مستفيدة من تجربتها في شمال العراق أي من تجربتها مع الأكراد الذين سهلوا لها اقامة قواعد تجسس ومراكز لأنشطتها التخريبية والاجرامية.
ضغوط دولية
وفي السنوات الماضية تعرضت القيادة السودانية إلى حملة ضغوط دولية منظمة منها اتهام السودان بدعم الارهاب وانتهاك حقوق الانسان، وما الى ذلك من الادعاءات التي انتهت باتهام رأس السلطة الرئيس عمر حسن البشير بالمسؤولية عن مجازر مزعومة في إقليم دارفور.
والدراسة الاسرائيلية وان لم تشر الى ذلك صراحة إلا أنها توقعت ان يتم تضييق الخناق على السلطة المركزية في شمال البلاد بهدف تشتيت اهتمامها بالقضايا الداخلية وإرباكها وإغراقها في متاهات لا حصر لها.
واللافت أن انفصال جنوب السودان الذي يمثل ممرا لنهر النيل، قد يكون تمهيدا لانفصال أقاليم أخرى ليتحول السودان بوصفه عمقا استراتيجيا لمصر الى مجموعة كنتونات متناحرة عرقيا وطائفيا.
ومن ثمة يمتد لهيبها الى دول الجوار وفي مقدمتها مصر. هذا فضلا عن اضعاف مصادر الطاقة المصرية على اعتبار أن السيطرة على منابع النيل، ستدخل القاهرة في أزمة مياه وطاقة وسيتضرر قطاع الزراعة.
ويخلص معدّ الدراسة العميد المتقاعد موشي فرجي الى التأكيد على أن التدخل الاسرائيلي السافر في الشأن السوداني الداخلي وتحديدا في الجنوب «هو امتداد طبيعي لاستراتيجية اسرائيل الأمنية تجاه منطقة القرن الافريقي التي صاغها بن غوريون وأرسى قواعدها أوري لوبراني، والقائمة على دعم وتقوية حركات التمرد الاثنية المعارضة للسلطة في شمال البلاد».
وقد أثبتت استراتيجية تغذية النزعة الانفصالية وتحريك النعرات الطائفية والعرقية، نجاعتها في استنزاف الدول المعنية أمنيا وعسكريا واقتصاديا، وهي الوصفة الناجحة لاضعاف الدول او تقسيمها والنماذج الحيّة، وضع بعض دول القرن الافريقي، وأيضا ما يحدث حاليا في اليمن او في العراق ولبنان وفلسطين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.