أكد الباحث والاعلامي المصري محمد حسنين هيكل ان العراق شكل محطة استراتيجية في غاية الاهمية للامبراطورية الامريكية التي وصفها بأغرب الامبراطوريات في التاريخ لكي تزيد تمددها وانتشارها في العالم. وأوضح هيكل في الحلقة الخامسة من برنامجه الذي تبثه قناة «الجزيرة» مساء كل خميس ان «احتواء» العراق كان من أول الاهداف التي عملت الولاياتالمتحدة وخططت لتحقيقها باعتباره (العراق) يقع في منطقة استراتيجية تكاد تكون مربع البحار الخمسة وفيه ما يقارب ال 70 بالمائة من نفط العالم. أطماع... «نفطية» ويلاحظ هيكل في سياق حديثه عن هذه النقطة المهمة قائلا: «العراق منطقة تقع بين بحار بعينها... منطقة تعتبر «قلب العالم» وبالتالي فإنه من الطبيعي أن يكون في مقدمة اهداف الادارة الامريكية الحالية التي طغى على «صقورها» التمسك بالمصالح الشخصية والمباشرة». وقال هيكل «انه لم يحدث في تاريخ السياسة الامريكية ان كانت المصلحة الشخصية ظاهرة بهذا الشكل كما هو الحال مع ادارة بوش». وأشار هيكل في هذا الصدد الى صناعة السلاح والبترول التي كانت تحرّك كبار المسؤولين في الادارة الامريكية من نائب الرئيس ديك تشيني الى وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وصولا الى الرئيس بوش نفسه الذي وصفه هيكل بأنه «رجل ليس مشهودا له بالذكاء». وقدّم الاعلامي المصري مثالا على ذلك باشارته الي منح جل عقود اعادة الاعمار في العراق الى شركة «هاليبرتون» العملاقة التي كان يرأسها نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني. وعرض هيكل في قراءته لما يسميه ب «الشأن الجاري» الى المرحلة التي أدركتها الامبراطورية الامريكية والتي وصفها ب «التاريخية» قائلا «نحن أمام امبراطورية تريد ان «تلتهم» كل ما هو حولها... امبراطورية بدأت التحضير للحرب على العراق بعد أن خططت لجرّ العالم بأسره وراءها». صناعة الذرائع ويقول هيكل ان الامر عندما يبدأ بالبحث عن الذرائع يؤشر على وضع خطير، فعندما يتعلق الامر بصناعة الذرائع يعني البحث عن غطاء اخلاقي يقنع الدول الاخرى والرأي العام الامريكي بضرورة الحرب ويقود الى جرّ العالم وراء المغامرة الامريكية وبدأت صناعة الذرائع بمكافحة الارهاب والديمقراطية وحقوق الانسان وفي النهاية ايجاد غطاء قانوني واخلاقي يحوّل القتل الى قتال وهذا ما حدث فعلا. أمريكا كانت تنفذ مخطط بناء الامبراطورية وهذا قد يكون مفهوما ولكن الشيء المستغرب كما يقول هيكل هو مشاركة اسبانيا في العدوان. وحسب المفكر والاعلامي المصري فإن اسبانيا كانت الوكيل الظاهر لاطراف غائبة، فبعيد الحرب كانت مدريد تعيش ازمات اقتصادية كبيرة ولم تنجح في تخفيف حدّة تلك الازمات الا بدخول استثمارات عربية فاقت قيمتها ال 100 مليار دولار. ويوضح هيكل ان اطرافا بترولية خليجية كانت لها مصلحة في وقوع الحرب وحرّضت عليها. وينتهي حسنين هيكل الى القول بأن اسبانيا لعبت دور الوكيل عن دول عربية غائبة ولكن ذلك الدور كان اكبر منها. حمدون وصدّام واللافت في قراءات هيكل ما ذكره عن قناعة الرئيس العراقي صدام حسين وادراكه بأن العدوان قادم قبل عامين من وقوعه. ويشير هيكل في هذا السياق الى تفاصيل وردت في رسالة ارسلها سفير العراق الراحل لدى فرنسا نزار حمدون الى احد اصدقائه قال فيها انه وفي آخر لقاء مع صدّام وتحدث معه في الازمة القائمة، اجابه الرئيس العراقي بعدم تضييع الوقت لأن العدوان بات قريبا. ويقول نزار حمدون في رسالته انه عندما سأل صدّام هل توجد لدى القيادة العراقية معلومات محددة وملامح مخطط العدوان اجابه بأنه لا احد لديه معلومات او مخطط ولكن الامريكان لا يعرفون العراق والعراقيين ولكني (أي صدام) اعرف الشعب العراقي. وأضاف حمدون نقلا عن صدّام حسين ان الاخير قال له أن العراق سينتصر وأن الحرب الحقيقية ستبدأ بعد الغزو وليس قبله.