المتأمل في السيرة الذاتية لمحمد الجموسي ومسيرته الابداعية يقف على عنصر العصامية من حيث التكوين المعرفي الذي لم يتجاوز المرحلة التعليمية الثانوية، فمسيرته الابداعية حافلة بمختلف الفنون فهو فنان شامل نجده في المسرح والسينما والاذاعة والتلفزة نجده مطربا وملحنا، إذ قدم عديد الالحان منها ألحان فكاهية لمحمد الجراري الى جانب أنه شاعر غنائي أصدر ديوانه الشعري باللغتين العربية والفرنسية، لمع نجم الجموسي أثناء إقامته الطويلة بالعاصمة الفرنسية باريس في فترة الثلاثينات من القرن العشرين، بصماته واضحة على الاغنية التونسية سيما في مجال الغناء الدرامي المتصل بقضايا المجتمع وفي مجال تسجيلاته السينمائية بادر بتسجيل أغاني أول فيلم ثنائي بعنوان مجنون القيروان المقتبس عن مجنون ليلى أمير الشعراء أحمد شوقي والبطولة كانت للممثل المرحوم محيي الدين مراد، وسجل الجموسي عديد الالحان للمرحوم محمد التريكي عن طريق «البلاي باك» في فيلم مجنون القيروان الذي أخرجه الفرنسي: لين كرافسي ولم يتوقف الجموسي عند ذلك الفيلم الغنائي بل لعب عدة أدوار متخذا اسم: محمد التونسي في بعض الافلام المصرية التي تقاسم فيها دور البطولة مع المطربة شادية. ونذكر من هذه الافلام المصرية «ظلمت روحي» و«بنت الهوى» و«ناهد» وشجعه على الظهور في الافلام العربية عميد السينما المصرية يوسف وهبي محمد الجموسي لمع نجمه في فيلمين آخرين ايطالي وانڤليزي، وأنجز أعمالا أوبيرالية أثناء فترة إقامته بالجزائر منها أوبيرات «فاطمة وحمادة» التي بثت في عديد المحطات الاذاعية العالمية بباريس ولندن وموسكو والقاهرة والجزائر وليبيا كما لحن وغنى الثنائيات مع المطربة المصرية شافية احمد في أغنيته الشهيرة «وينك يا غالي» والتي أعاد تسجيلها مع المطربة التونسية نعمة، وكانت أول أغنية سجلها بباريس: «في الشط ما احلى خطوتها» لا غرابة في أن يؤلف الجموسي ويلحن جل أغانيه فنذكر «العذول التي أدتها المذيعة والمطربة ثريا الميلادي «ريحة البلاد» و«تمشي بالسلامة» و»«محلى قدك» التي غناها مع الراحلة صفية الشامية و«الليلة عيد» أداء صفوة كما غنى «عمري للفن» و«جانا الليل» و«حورية النساء» و«ارقص وغني» و«فلوكة البحور» و«أنا ولد البدوية» والاغنية الشهيرة «قهواجي» التي طربت لها سيدة الغناء العربي: أم كلثوم أثناء زيارتها لتونس سنة 1968 وقد ألفها ولحنها وغناها بطلب منها ويمكن القول بأن الجموسي فردا في صيغة الجمع فالى جانب التلحين والتأليف والاداء والتنشيط الاذاعي فهو يعزف على آلة العود التي صنعها وهو مازال تلميذا بالمدرسة الثانوية التقنية رحل الجموسي في 3 جانفي 1982 عن سن تناهز السبعين وترك إرثا فنيا هاما لابد من الحفاظ عليه وتدوينه في بحوث ودراسات تكون مرجعا من المراجع الهامة للاجيال القادمة.