كثيرة هي المفارقات التي فجّرها احتلال العراق.. ومن بينها أن يقال لنا بأن غزو هذا البلد واحتلاله هو «تحرير».. وبأن العراق مع بحار الدم التي تسيل يوميا ومع حجم الدمار الذي يلحقه يوميا قد أصبح «أكثر أمنا».. وبأن مقاومة المحتل هي «ارهاب».. وبأن حصد البشر الرافضين للاحتلال بصواريخ أعتى المقاتلات الحربية وبقذائف المدافع والدبابات هو «مقاومة للإرهاب».. وبأن دعم من أباحوا ظهورهم لدبابات الاحتلال هو حجر الأساس لبناء «العراق الجديد».. آخر هذه المفارقات ما باتت تفجره المواجهات المفتوحة بين شرفاء العراق وبين قوات الاحتلال وإن كانت «تتدثر» بما يسمى قوات شرطة أو جيش عراقية.. حيث أصبحنا نسمع عن وساطات عدة يقوم بها رموز وحركات يفترض أنهم «عراقيون لحما ودما» بين المقاومين الشرفاء وبين قوات الاحتلال.. وكأن هؤلاء قوم قادمون من كوكب آخر ولا يدركون أن الدم الذي يسيل يفترض أنه دمهم وأن القضية التي يدفع من أجلها الشرفاء ضريبة الدم هي قضيتهم.. فهل أن هؤلاءعراقيون بالصدفة أم أنهم يتحركون بالوكالة أم أنهم يريدون أن يعطوا صورة عن «عراقهم الجديد» الذي لا معنى فيه للانتماء ولا انحياز فيه للوطن.. ذلك أن من شروط الوساطة لتكون نزيهة ومقبولة أن تأتي من طرف ثالث.. فهل يعتبر طابور الوسطاء بين السيد مقتدى الصدر وقوات الاحتلال وان كان ذلك بالوكالة أنفسهم غير عراقيين وبالتالي غير معنيين بالأهداف التي يناضل من أجلها السيد مقتدى الصدر ومعه كل شرفاء العراق وفي طليعتها تحرير النجف الأشرف والعراق من قوات الاحتلال وإعادة السيادة والأمن والاستقرار للشعب العراقي؟