الاعلان عن موعد انطلاق الاستخراج الحيني لوثائق السفر    العاصمة: وقفة احتجاجية أمام سفارة فرنسا دعما للقضية الفلسطينية    نشرة متابعة: أمطار غزيرة غدا الثلاثاء    الكاتب العام الجهوي لنقابة التاكسي يروي تفاصيل تعرّض زميلهم الى "براكاج"    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    بعد النجاح الذي حققه في مطماطة: 3 دورات أخرى منتظرة لمهرجان الموسيقى الإلكترونية Fenix Sound سنة 2024    %9 حصّة السياحة البديلة.. اختراق ناعم للسوق    خطير/ منحرفون يثيرون الرعب ويهشمون سيارات المواطنين.. ما القصة..؟!    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    الدوري المصري: "معتز زدام" يرفع عداده .. ويقود فريقه إلى الوصافة    عاجل/ تعزيزات أمنية في حي النور بصفاقس بعد استيلاء مهاجرين أفارقة على أحد المباني..    منوبة: تقدّم ّأشغال بناء المدرسة الإعدادية ببرج التومي بالبطان    مدنين : مواطن يحاول الإستيلاء على مبلغ مالي و السبب ؟    17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    سليانة : اصابة 4 ركاب في إصطدام سيارتين    الحماية المدنية: 17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    فتح تحقيق في وفاة مسترابة للطبيب المتوفّى بسجن بنزرت..محامي يوضح    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تصل إلى 2000 ملّيم: زيادة في أسعار هذه الادوية    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    أخيرا: الطفل ''أحمد'' يعود إلى منزل والديه    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    كأس الكاف: حمزة المثلوثي يقود الزمالك المصري للدور النهائي    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    عاجل/ ستشمل هذه المناطق: تقلبات جوية منتظرة..وهذا موعدها..    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    تونس توقع على اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    قرار جديد من العاهل السعودي يخص زي الموظفين الحكوميين    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    السعودية: انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي ولا وجود لإصابات    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    كاتب فلسطيني أسير يفوز بجائزة 'بوكر'    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    50 % نسبة مساهمة زيت الزيتون بالصادرات الغذائية وهذه مرتبة تونس عالميا    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النقل المدرسي : اكتظاظ ومعاناة في المدن...ولا عزاء لتلاميذ الأرياف!
نشر في الشروق يوم 11 - 10 - 2010

إذا كان النقل المدرسي في ظاهره نعمة للتلاميذ والطلبة، وربما لأوليائهم أيضا، فإنه تحول إلى معاناة لكي لا نقول نقمة، وخاصة بالنسبة لتلاميذ الأرياف والمناطق البعيدة. سلبيات كثيرة ونقائص عديدة تتراكم، ويعيشها التلاميذ في مختلف جهات البلاد وتتمثل في توفير حافلة واحدة تقوم بسفرة صباحية تنطلق في الصباح الباكر وأخرى مسائية بعد السادسة، وهو ما يفرض على التلاميذ الاستيقاظ عند الرابعة فجرا للحاق بالسفرة الوحيدة وضمان الوصول إلى المعهد قبل الحصة الأولى.
وفي المقابل فإنهم يضطرون إلى البقاء أمام المعهد إلى السادسة مساء موعد الرحلة المسائية بغض النظر عن انتهاء ساعات دراستهم وهو ما يفرض عليهم قضاء ساعات طويلة تصل إلى 14 ساعة خارج المنزل في تماس خطير مع الشارع ودون تغذية صحية وبلا مراجعة وهو ما سينعكس على سلوكياتهم ومكتسباتهم العلمية. «الشروق» فتحت ملف النقل المدرسي وسمعت روايات وتذمرات من تلاميذ وأولياء دعت جميعها إلى تطوير القطاع ومزيد النهوض به.
القيروان : نقص الخطوط، تذبذب المواعيد، واكتظاظ دائم
القيروان-الشروق:
تزايد الطلب في السنوات الأخيرة على النقل المدرسي عبر الحافلة وذلك بسبب ارتفاع عدد التلاميذ والطلبة واتساع دائرة المؤسسات التربوية والجامعية. ويبلغ عدد المشتركين في شركة النقل الجهوية بالقيروان 28 الف مشترك من التلاميذ والطلبة. ولئن تخصص الشركة 104 حافلة من مجموع 119 حافلة أي بنسبة 90 بالمائة من أسطول الشركة، فان خدمات النقل المدرسي والجامعي لا تزال في حاجة الى التطوير والى متابعة مسؤولي الشركة وسهر السلط الجهوية التي عقدت مؤخرا جلسة بحضور مختلف الأطراف المتدخلة من اجل تذليل الصعوبات والعمل على تأمين تنقل التلاميذ من والى المؤسسات التربوية والحرص على تجنب الاكتظاظ وإيجاد ظروف أكثر أريحية للتلامذة والطلبة.
مخاطر...في انتظار الحافلة
ويعتبر الاكتظاظ وتذبذب المواعيد وعدم توفر الحافلة في بعض النقاط وعدم انتظام المواعيد والالتزام بالأوقات بوسط المدينة وضعف التغطية خصوصا بالمناطق الداخلية اهم ما يشغل بال المشتركين وأوليائهم علاوة على مشكل توقيت نقل التلاميذ الذين يقطنون بعيدا عن مؤسساتهم وتحديدا الذين يقطنون بالمناطق الريفية او احواز المدينة.
أمام معهد دار الأمان بالقيروان وبعد خروجهم عند الساعة الخامسة تجمع عدد من تلاميذ المعهد والإعدادية المحاذية في حالة انتظار الى غاية السادسة مساء، حتى يتسنى لهم العودة الى منازلهم لارتباطهم بموعد الحافلة التي لا تزورهم سوى عند السادسة ليلا. وبمجرد حضورها يتسارع التلاميذ للحصول على موطئ قدم وسرعان ما تغادر الحافلة غير مهتمة بتلميذة تهرول مثقلة بمحفظتها من اجل اللحاق بها دون جدوى.
هذا المشهد حسب تاكيد بعض التلاميذ انه خبزهم اليومي ويتكرر صباحا ومساء بنفس التفاصيل. وطالب عدد من التلاميذ تخصيص حافلة عند كل ساعة لنقلهم لتجنب ضياع الوقت ومخاطر التسكع والمتسكعين. ولعل الامر يحتاج الى تنسيق بين مندوبية التربية وشركة النقل لضبط المواعيد.
الأمر يختلف مع تلامذة إعدادية المنار. ليس تفاضليا وانما بشكل يدعو الى الانتباه. فتلاميذ هذه المدرسة الإعدادية الذين يأتون من مناطق الغابات والمتبسطة والذراع يضطرون جميعا مهما كانت ساعة انتهاء الدروس الى الانتظار حتى السابعة ليلا. لا ليس موعد العشاء وانما هو موعد قدوم الحافلة التي ستقلهم قريبا من مساكنهم ليتموا الطريق على الأقدام ليلا وسط المسالك الفلاحية.
وفي انتظار الحافلة يتخذ التلاميذ(بين 12 و15 سنة) من الطريق الإسفلتي ملعبا ومرتعا يتلهون فيه معرضين أنفسهم للخطر دون وعي. وهذا المشهد يستنسخ صباحا عند قدوم التلاميذ وتركهم امام المدارس منذ السادسة صباحا. علما وان هذا الحال هو عينه في المعتمديات وأحيانا بشكل أكثر كارثية ويضيع وقت التلاميذ (معهدي السبيخة في مؤخرة ترتيب الناجحين في الباكالوريا)وجهدهم وتعريض سلامتهم للخطر ليلا وفجرا.
خطوط المباشرة
مسألة تأخر الحافلة عن مواعيدها اصبح مشهدا مألوفا امام حالة الاكتظاظ المروري أحيانا وبسبب استعمال الحافلات في أكثر من خط. وبسبب دوران نفس الحافلة في خط واحد طويل يصل احيانا الى ما حول المدينة(حافلة الدورة).
ولئن يستفيد بعض التلاميذ والطلبة وسط المدينة من تواتر مرور الحافلات من مختلف الخطوط عبر وسط المدينة المكتظة والحصول على موطئ قدم بالحافلات المكتظة بما يمكنهم من تدارك التأخير بمشقة، فان الطلبة والتلاميذ المنتظرين باطراف المدينة لا عزاء لهم سوى الانتظار او اللحاق على متن تاكسي. بينما خير بعضهم اقتناء الدراجات النارية والهوائية.
من جهة ثانية اشتكى عدد من أولياء تلاميذ الإعدادية النموذجية الى الجهات المعنية من اجل توفير حافلات لأبنائهم ومراعاة بعد المدرسة عن وسط المدينة وأطرافها. مناشدين توفير خطوط مباشرة من والى المدرسة تغطي مختلف الأوقات. وذكر السيد زهير ان الحافلة المخصصة لنقل التلاميذ لا تقترب من الحي وتلقي بالتلاميذ في محطات بعيدة عن مساكنهم. وطالب هو وعدد من الأولياء بتوفير خطوط مباشرة لتلافي التأخيرات والتعطيلات في البحث عن الحافلة التي قد لا تأتي الا مكتظة او متأخرة وهذا ينسحب على الطلبة.
لا عزاء لتلاميذ الأرياف
الحديث عن عدم انتظام السفرات والتأخير والاكتظاظ (300 تلميذ لكل حافلة)، فان ذلك يعتبر نعمة وفضلا مقارنة بمن سواهم من سكان الأطراف(احياء البورجي ورياض سحنون وزيتون الحمامي والمنار) ومن اولئك المخلفين بالمناطق الريفية البعيدة مثل زعفرانة والرماضنية والخزازية والمتبسطة والغابات والباطن والشبيكة فطناسة وغيرها. حيث يضطر بعض التلاميذ الى قطع 5 كيلومترات على الأقدام من اجل انتظار حافلة قد لا تاتي او تتأخر زادها حالة التردد في فتح المبيت المدرسي بمعهد دار الأمان خشية على المستقبل الدراسي لعدد كبير من التلاميذ. ورغم قرار تشريك القطاع الخاص في النقل المدرسي، فان عدم مراقبة هذه الوسائل التي تغلب المصلحة الخاصة على مصلحة التلاميذ، لم يحقق الأهداف المرجوة منه.
وفي المقابل اكد مسؤول بشركة النقل سعي الإدارة الى تلافي النقائص المسجلة في النقل المدرسي وخصوصا في نقل التلاميذ بالأرياف والمناطق البعيدة ومراجعة توقيت نقلهم ذهابا وإيابا ولعل التعزيزات التي ستدعم أسطول الحافلات سيمكن من تدارك النقائص وتوفير خطوط إضافية وبرمجة سفرات جديدة. من جهة ثانية ينتظر إدراج التكنولوجيا الرقمية في مراقبة السفرات من تدارك حالات التأخير والأعطاب.
ناجح الزغدودي
توزر : نقص الحافلات عائق كبير للنقل المدرسي
توزر الشروق :
النقل المدرسي أصبح ضروريا خاصة أن المعاهد والمدارس الثانوية البعيدة عن مناطق سكن التلاميذ إضافة إلى تعميم المؤسسات الجامعية لكل الجهات لكن ورغم تطور هذا القطاع فمازال هناك بعض المعاناة خاصة في المناطق النائية والتي تبعد عن هذه المؤسسات بعشرات الكيلومترات.
الطالب محمد الرويسي يقول «كل صباح أتحول إلى معهد الدراسات بتوزر وأبقى هناك إلى وقت انتهاء الدروس لأن مواعيد الحافلات لا تتطابق وأوقات الراحة أما في فصل الشتاء فإني أعاني كثيرا من التنقل إلى توزر خاصة عند نزول الأمطار ففي العديد من المرات تأتي الحافلة قبل الوقت المحدد لها فتجدني أبحث عن وسيلة أخرى للالتحاق بالمعهد. نفس المشكل يعترضني في المساء عند العودة».
صالح بن محمود، موظف يعمل بتوزر، لكنه يتنقل في الحافلة المخصصة للتلاميذ لأنها الوحيدة التي تطابق أوقات عمله قال انه يصل إلى عمله متأخرا في بعض الأحيان وهذا بسبب النقص في عدد حافلات نقل الطلبة والتلاميذ الذين يجدون صعوبة كبيرة عندما تفوتهم الحافلة ويجبرون على التنقل بوسائل أخرى وبمصاريف زائدة تثقل كاهل العائلات.
ويضيف أن نقص الحافلات يمثل عائقا أمام نقل الطلبة والتلاميذ الذين يضطرون إلى الانتظار لساعات طويلة إلى غاية وصول احدى وسائل النقل الأخرى لأن أوقات حافلات النقل المدرسي معروفة وغير متواصلة. إضافة أنه في أكثر الأحيان تجد الحافلة مكتظة ليفوق عدد الركاب ال100 وهذا الازدحام أيضا مرده نقص الحافلات.
منطقتا دغومس وشاكمو تبعد عن دقاش ب10 كلم تقريبا وعلى توزر ب20 كلم تعاني نفس المشاكل والتي تختصرها الطالبة سناء محجوبي قائلة : أفيق حوالي السادسة صباحا من النوم قبل أن تأتي الحافلة على الساعة السادسة والنصف فهي الوحيدة التي تأتي صباحا إلى شاكمو لنقل التلاميذ إلى الحامة وتوزر ودقاش والطلبة إلى توزر وفي صورة التأخير فإني أجد نفسي مجبرة على المشي بكيلومترين لأصل الطريق الرئيسية الرابطة بين توزر والمتلوي للبحث عن وسيلة نقل ولذلك فإني اتغيب على الحصص الصباحية، أما في المساء وبعد انتهاء الدروس فهناك حافلة وحيدة أيضا تنطلق من توزر لتمر عبر دقاش وحامة الجريد قبل أن تصل إلى شاكمو حوالي السابعة ليلا. والذي تفوته الحافلة فإن أمله ضئيل في وجود وسيلة نقل أخرى وفي العديد من الأحيان أجبر على المبيت لدى أقربائي أو أصدقائي.
أما في حامة الجريد وبعد إحداث المعهد الجديد ووجود المدرسة الاعدادية فإن الأولياء يناشدون السلط للتدخل لدى الشركة الجهوية للنقل لتخصيص حافلة لمنطقة حامة الجريد لنقل أبنائهم من التجمعات السكنية بالعرق والنملات وحارب إلى معهدهم الجديد لتجنبهم معاناة التنقل اليومي والتعرض إلى بعض المشاكل خاصة الفتيات والأطفال.
محمد المبروك السلامي
سوسة: اضطراب في المواقيت واكتظاظ غير مقبول
الشروق مكتب الساحل :
المعروف عن مدينة سوسة أنها قطب جامعي وبها جميع الاختصاصات الدراسية الجامعية بالإضافة الى العدد المهول من المدارس الابتدائية والاعدادية وأيضا الثانوية ولمن يريد أن يتأكد بأم عينه لا بد أن يتحول إلى منطقة «حي الرياض» و«بوحسينة» ليشاهد ما ذكرناه بالإضافة الى عديد المنشآت الجامعية الأخرى المنتشرة بكل من حمام سوسة ووسط مدينة سوسة.
وبوجود هذا الكم الهائل من المؤسسات التربوية جعل طالبي العلم من أهل المدينة وأيضا من مختلف المدن التونسية الأخرى يخيرون الإقامة قريبا من محيطهم الدراسي مثلما خير آخرون الالتجاء الى وسائل النقل العمومي وخاصة أولئك القاطنون بالمدن المجاورة والأحياء المنشرة حول المدينة وبالتالي تعودنا على مشاهدة اكتظاظ محطات النقل التابعة لشركة النقل بالساحل مثلما تعودنا على إكتظاظ محطات النقل التابعة لشركة مترو الساحل وهو مشهد مألوف تعود عليه الجميع وأصبح أمرا عاديا.
لكن الملفت للانتباه هو ما يعاني منه التلاميذ والطلبة سنويا من مشاكل تهم قطاع النقل الخاص بهم وهي حقيقة وقعنا عليها عند محاورتنا للطالب وجدي السماوي الذي صرح ل«الشروق» أن الحافلات الخاصة بنقله وزملائه من كلياتهم الى المطاعم الخاصة بهم تكاد تكون منعدمة نظرا لإستحواذ الركاب العاديين عليها وأيضا لعدم قدرتها على استيعاب حتى نصف عدد الطلبة مما يجعل التنافس على أشده للفوز بمكان داخل إحدى هذه الحافلات حتى وإن كان وقوفا.
تلاميذ المعاهد الثانوية لم يسلموا بدورهم من«مشاكل» النقل المدرسي في سوسة، وإن أجمع أغلبهم على توفر حافلات شركة النقل بالساحل لنقلهم الى معاهدهم أو العودة بهم الى الأحياء التي يقطنونها فإن الأغلبية الساحقة منهم أجمعت على وجوب تدارك بعد النقائص أهمها مراجعة توقيت انطلاق هذه الحافلات ووصولها الى مختلف المحطات مع ضرورة تحسيس سائقيها بالتحلي بالضمير المهني حيث يعن لهم في الكثير من الأحيان تجاهل المحطات بمسافريها ولا يتوقفون لهم.
وبخصوص الملاحظات المتأتية من التلاميذ والطلبة المستعملين لمترو الساحل فإنها تهم تقليص الحيز الزمني بين السفرات والعمل على مضاعفة عدد هذه السفرات حتى لا تشهد عربات المترو اكتظاظا يرهق الجميع.
أنيس الكناني
سيدي بوزيد: تلاميذ من الظلمة الى الظلمة
سيدي بوزيد الشروق
رغم تدعيم أسطول النقل بجهة سيدي بوزيد ب 9 حافلات إضافية لتيسير نقل التلاميذ والطلبة ليبلغ عدد الحافلات المخصصة في الغرض (النقل المدرسي) 63 حافلة على امتداد 74 خطا دون اعتبار سيارات النقل الريفي والسيارات الخاصة المعدة لنقل التلاميذ والطلبة فإن القطاع لا يخلو من نقائص تؤرق المواطنين والتلاميذ على حد السواء وتعكس نقائص سلبية على التلاميذ خلال الإمتحانات وتحد من عملية التزود بالمعرفة خاصة على التلاميذ الذين ينحدرون من المناطق الريفية النائية.
«الشروق» بحثت في الموضوع مع عدة أطراف معنية من أولياء وتلاميذ بعد أن بلغتها بعض التذمرات من قطاع النقل خاصة في الأيام الأولى من العودة المدرسية وسجلت الآراء والمقترحات التالية:
السيد عز الدين ولي لثلاثة تلاميذ وطالبة قال «إن أبنائي يعانون من وضعية التنقل ويذوقون الأمرين في الإلتحاق بمدارسهم خاصة أيام تردي الأحوال الجوية التي يتخدها أصحاب النقل الريفي ذريعة لعدم التنقل في أعماق المناطق الريفية وخاصة إذا تعلق الأمر بوجود بعض البرك أو الأوحال في عدة نقاط من شبكة الطرقات أو المسالك الريفية عند حدوث سيلان كلما أمطرت الجهة».
ويضيف عز الدين «إن أبنائي يستيقظون من نومهم على الساعة الرابعة صباحا ليرتبوا أدواتهم ويقضون حوائجهم كسائر خلق الله ثم يتجهون نحو المعبد الذي يبعد عن مقر سكناهم حوالي ثلاثة كيلومترات وهناك ينتظرون أصحاب النقل الريفي الذين يتوافدون على المحطة فرادى أو جماعات لينقلوا من أطلوا عليهم من هنا وهناك ليعودوا بهم في ساعة متأخرة الى نفس المكان الذي يتجمعون فيه كل فجر ويشقون الظلمة من جديد ليصلوا إلينا في أحسن الحالات على الساعة الثامنة مساء منهكين بعد رحلة صراعهم مع البرد خاصة في أيام الشتاء القارسة وهكذا دواليك» لذلك فهو يناشد السلط المحلية دعوة أصحاب النقل الريفي الى مزيد العناية بأجيال تونس الغد وحثهم على ضرورة الإلتزام بخطوطهم المرخص لهم فيها دون سواها حتى يخففوا من معاناة فلذات أكباد أهالي المناطق الريفية وخاصة النائية منها».
ومن جهته يقول السيد الهادي «نحن لا ندّخر أي جهد على أبنائنا الذين يسعون الى طلب العلم أينما وجد... ولكنهم يعانون من وسائل النقل من و الى المؤسسات التربوية مما يجبرهم على مغادرة المنازل في أوقات مبكرة جدا يوميا ليفوزوا بمقاعد في سيارات النقل الريفي ولا يعودون الى البيوت إلا ليلا فأنى لهم أن يتناولوا وجبات غذائهم الأساسية؟ وأنى لهم أن يقضوا ساعات الفراغ؟ وأنى لهم أن يراجعوا دروسهم؟ وأنى لهم أن يحصلوا على نتائج متميزة في الإمتحانات؟...» ويواصل قوله «لابد للدولة والجهات المسؤولة أن تفكر جيدا في معاناة أبناء الريف من صعوبات التنقل والنقل الذي أضحى يضطلع بدور هام في الحياة اليومية وأضحى في ارتباط وثيق بالنتائج المدرسية وذلك بفك عزلتهم وتوفير أقل ما يمكن توفيره لتأمين نقلهم الى المؤسسات التربوية وربط أهم الطرقات الريفية بشبكة الطرقات المعبدة مادامت جهة سيدي بوزيد يغلب عليها الطابع الريفي أساسا ومادام التلاميذ يضطرون في كثير من الأحيان الى الإلتحاق بمقاعد الدراسة مشيا على الأقدام لعدة كيلومترات».
أما السيدة أحلام فترى أن قطاع النقل مازال محدودا حتى في المناطق الحضرية وذكرت أنها كثيرا ما ترى مئات التلميذات ينتظرن الحافلات حتى ساعة متأخرة على قارعة الطريق أو أمام الإعداديات والمعاهد وهذا ما يؤكد محدودية أسطول الحافلات في ساعات الذروة رغم مجهودات الدولة في تحسين خدمات النقل الأمر الذي سيؤثر كثيرا على مردود أغلبية التلاميذ الذين يطاردهم هاجس النقل المدرسي فضلا عن النقل العمومي الذي يغيب عن معظم الأحياء والمناطق التي يسكنونها.
محمد صالح غانمي
قابس : النقل المدرسي يفرض التأخير والغياب عن ساعات الصباح
الشروق: مكتب قابس
رغم ارتفاع عدد مستعملي النقل العمومي المشترك من سنة الى اخرى فان عدد الحافلات في مدينة قابس لم يتطور بالشكل المطلوب مما خلق عديد الاشكاليات من اكتظاظ وفوضى و تأخر التلاميذ عن الالتحاق بمدارسهم ومعاهدهم... تلك ابرز ملاحظات كل من التقتهم "الشروق" في هذا التحقيق.
كان ينتظر قدوم الحافلة وعليه علامات العجلة فينظر من حين الى آخر الى ساعة هاتفه الجوال ثم يطل برأسه عله يلمحها تتهادى مترنحة تحت وطاة العدد الزائد لراكبيها... تحدث حازم الخليفي تلميذ التاسعة من التعليم الاساسي عما يعانيه يوميا في تنقلاته بين "بوشمة" ومدرسته الاعدادية بوسط المدينة "فرغم ان المسافة لا تبعد اكثر من خمسة كيلومترات فانه قل وندر ان يصل الى المدرسة في الوقت المناسب فيضطر الى التوجه الى شركة النقل للحصول على بطاقة كتب عليها وقت التأخير وسببه لتقديمه لادارة المدرسة الاعدادية للحصول على اذن بالدخول وقد اصبحت هذه الطريقة عادة بين اغلب التلاميذ وهو ما يجعلنا نتغيب من حين لاخر عن الساعات الدراسية الصباحية."
الساعات الصباحية لم تعد اساسية !
التغيب عن الساعات الصباحية كان قاسما مشتركا بين اغلب من التقيناهم من تلاميذ كانوا يجلسون امام المعهد في الطريق العام يستمعون الى موسيقى غربية تنبعث اصواتها المصدية من هواتفهم النقالة في حين يحاول اساتذتهم داخل الاقسام الاسراع لانهاء برامج قل وندر ان تنتهي في الوقت المناسب فيؤكد "نضال" تلميذ السنة الثالثة من التعليم الثانوي "في هذا اليوم مثلا وكما ترى لم نتمكن من ادراك الساعة الصباحية الاولى والسبب في ذلك مشاكل النقل المدرسي فعادة ما تأتي الحافلة مكتظة براكبيها حتى تخالها علبة "سردين" خاصة اذا كانت صغيرة الحجم فتتجاوز محطتك وتتركك في انتظار اخرى لا تكون افضل حال من سابقتها فكيف لك ان تلتحق بالمعهد في الوقت المناسب في ظل هذه الظروف؟ وقد تعودنا يومي الجمعة والسبت مثلا على الا ننتظرها لعلمنا بانها قد لا تاتي فنضطر الى استعمال سيارة الاجرة للوصول في الوقت المناسب ولكن امكانياتنا المادية لا تسمح لنا باستعمال هذه الوسيلة يوميا في حين ان لنا اشتراكا مدرسيا في الحافلة ومن حقنا استعمالها بالكيفية المطلوبة."
الاكتظاظ والعنف
اسامة تلميذ السنة الثالثة علوم يؤكد من ناحيته بان "اكتظاظ الحافلات عادة ما يولد مشاكل جمة اولها واهمها عدم التحاقنا بمعاهدنا في الوقت المناسب وثانيها الشد العصبي لركابها فتكثر الخصومات مع القابض والسائق بسبب عدم وقوفه في المحطة وقد يصل الامر الى تبادل العنف اللفظي وحتى الجسدي في بعض الاحيان وكل يرى انه على حق فالسائق لا يستطيع الوقوف في المحطة حتى لا يزيد في اكتظاظ الحافلة والتلاميذ يودون الوصول الى مؤسساتهم التعليمية في الوقت المناسب وان اضطر البعض الى ان يبقى طوال المسافة محشورا بين الاجساد والحديد تكاد تنقطع انفاسه وقد ينشب عراك بين التلاميذ بفعل التدافع والاكتظاظ وشد الاعصاب فتسمع من الكلام البذيء الوانا... هذه الحالة تضطرنا الى البقاء وقت الظهيرة امام المعاهد وتناول اكلات سريعة تجنبا لمعاناة اخرى قبل العودة الى الدراسة في الحصة المسائية و عند العودة بعد نهاية الدروس وخاصة في السادسة مساء يتكرر صراعنا من اجل الحصول على موطئ قدم في الحافلة."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.