أصدرت احدى الدوائر الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس خلال أحد الأيام القليلة الماضية أحكامها في قضية تكوين عصابة لسرقة نحاس إحدى شركات الاتصالات وتهريبه الى الخارج، وقضت بأحكام بالسجن تراوحت بين 6 سنوات و20 عاما. وحسب ملفات القضية، فإن وقائعها تفيد، بأن المتهمين، اتفقوا في ما بينهم على سرقة «كابلات» نحاسية تابعة لشركة اتصالات بإحدى المناطق المتاخمة للعاصمة حيث يتم تركيز مشروع ضخم، وتم الاستيلاء على كميات هامة من تلك الكابلات، قدّرت لاحقا بأكثر من مائة ألف دينار. وحسب نفس المعطيات، فإن المتهمين وزّعوا الادوار في ما بينهم واتفقوا على أن يتولّى أحدهم إدارة وتنظيم عمليات السرقة ثم استعملوا شاحنة لتنفيذ عملياتهم على مراحل. تفطن المشرفون على المشروع، الى وجود نقص حاد في كميات كابلات النحاس، فتم إبلاغ المحققين وتم إعلام ممثل النيابة العمومية، الذي أذن بالقيام بكافة التحقيقات والتحريات اللازمة للكشف عن كل ملابسات القضية وعن هويات المتورّطين فيها. انطلقت الابحاث والتحريات، الى أن تمكن المحققون من الكشف عن بعض تفاصيل الجريمة، وألقوا القبض على أحد المتهمين، وجرى نقله الى مركز التحقيق، حيث اعترف بكل ما نسب اليه، وأدلى بهويات عدد من المشتبه بهم الذين شاركوه الجريمة، وتمكن المحققون أثناء ذلك من إلقاء القبض على المتهم الرئيسي أو ما يوصف حسب الابحاث برئيس العصابة. اعترف المتهمون كلّ بما نسب اليهم، وبأدوارهم في تفاصيل الجريمة، وصرّحوا بأنهم فعلا استولوا على كميات هامة من كابلات النحاس وأنهم كانوا يقومون عن طريق الحرق بفصل مادة النحاس عن البلاستيك، ثم يقومون بعد تجميع الكميات ببيعها وتهريبها الى احدى الدول العربية المجاورة. بعد أن أنهى المحققون أبحاثهم واستنطاق المشتبه بهم، تمت إحالتهم على أنظار أحد قضاة التحقيق، الذي أصدر ضدهم بطاقات إيداع بالسجن بعد أن وجّه لهم تُهما في أربعة قضايا متعلقة بتكوين وفاق قصد ارتكاب جرائم ضد الممتلكات والسرقة في حين وجه لهم تهم السرقة في قضايا أخرى. دائرة الاتهام أيدت قرار ختم البحث الصادر عن قاضي التحقيق، وقررت إحالة المتهمين صحبة ملفات القضية على أنظار الدائرة الجنائية المختصة لمقاضاتهم من أجل ما نسب إليهم. مثل المتهمون الموقوفون أمام هيئة المحكمة حيث تراوحت تصريحاتهم بين إنكار بعض التهم والاعتراف بأخرى، وعاضدهم في ذلك الدفاع، الذي طلب القضاء بعدم سماع الدعوى بالنسبة الى بعض المتهمين واعتبار ما صدر من البعض الآخر من قبيل الجنحة وذلك لاتهامهم بالسرقة المجردة، وطلب على أساس ذلك التخفيف قدر الامكان القانوني في العقاب المستوجب. ممثل النيابة العمومية تمسّك بالمحاكمة طبقا لفصول الاحالة ونصوصها القانونية فرأت المحكمة بعد استماعها الى أطراف القضية حجزها للمفاوضة والتصريح بالحكم، وقضت بثبوت إدانة المتهمين وسجن المتهم الاول لمدة عشرين عاما وبقية المتهمين بين 6 سنوات وعشرة أعوام.