... كان في الحسبان أن احضر «قعيدة عربي» التي اعتاد المكتب المحلي للشباب الدستوري بعقارب تنظيمها كل عام بصفة متابع لأرصد للقراء عبر «الشروق» تفاصيل هذا الحدث الفريد والذي لم يسبق أن نال حظه إعلاميا ولكن لا أدري كيف وجدت نفسي مندهشا ومنخرطا بصفة غير مخطط لها في هذه التظاهرة الأنيقة فنسيت أوراقي وقلمي وانغمست متفاعلا منتشيا بملحمة شعرية غاية في الروعة جاءت مع نسائم الجنوب التونسي الجميل حاملة روائح الصحراء ولفح التاريخ وعبق النخيل من خلال قافلة من شعراء الجنوب الأفذاذ البشير عبد العظيم وبلقاسم عبهول ومنير نصر.. فحتى الجمهور الغفير الذي واكب الأمسية ورغم تهاطل الغيث النافع تفاجأ بمستوى «القعدة» التي تحوّلت في لحظات الى مهرجان بأتم معنى الكلمة فلم تنقطع الأكفّ عن التصفيق التلقائي الصادق طوال الأمسية من جمهور ذوّاق جدا جاء بقدميْه الى الشعر ساعيا متلمّسا شذى الماضي وعطر الحاضر متطلعا الى المستقبل الوضّاء خاصة وأن هذه التظاهرة كان وراءها شباب يتقد حيوية أراد لهذه التظاهرة أن تكون عنوانا بارزا لمحطتين هامتين في احتفالية تونس هذه الأيام وهما الذكرى 23 للتحول والسنة الدولية للشباب. وكما قلنا كان المكتب المحلي للشباب الدستوري الديمقراطي بعقارب وراء هذا الحدث متمثلا في الشاب المهوس بالمسرح والمملوء بالهم الثقافي ابراهيم الحفيان الذي نشط الأمسية بزيه التقليدي الأصيل وحضوره الأنيق كما ساهم بهندسة هذا الحدث الثقافي وجمع حوله الشباب والشيب مدعوما بحضور المثقفين والمسؤولين السياسيين بمعتمدية عقارب. الجميل في هذه التظاهرة أنها ذهبت الى الناس والجمهور حيث هم اذ انتظمت داخل حي شعبي بفضاء خاص بالأفراح. والجميل أيضا ان تبلغ هذه التظاهرة سنتها الخامسة دون انقطاع ودون كلل رغم تواضع الامكانات والأجمل ان تتمسّك بالتراث وتصرّ عليه وتشرّك فيها الفرقة الموسيقية لدار الثقافة بعقارب بقيادة المتميّز محمد البحري على آلة العود والفنانة الصاعدة نهاد بن سالم التي لها مشروع أغنية مع أحد نجوم الأمسية الشعرية: شاعر المليون (منير نصر). الأمسية ايضا شهدت تكريم بعض الفائزين في بعض التظاهرات التي انتظمت خلال احتفالية الذكرى 23 للتحول كما تم تكريم خاص جدا للمبدع ابراهيم الحفيان من قبل مجموعة من الشباب الذين ساهموا في إنجاح هذا العرس الذي أخذنا في الأخير الى عالم اشتقنا اليه ببساطة الأجداد وأصالة الأبطال وروح التجديد.