يقول الجاحظ «تعلّم للعقل أوّلا، وللأدب ثانيا» وفي حديث حسن رواه ابن ماجة عن أبي ذرّ «لا عقل لتدبير، ولا ورع كالكفّ، ولا حسب كحسن الخلق» فالعلم يرفع من شأن الإنسان، والأدب يجلب له الوقار، والعقل رأس التدبير ولهذا أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم في حديث حسن روي عن ابن عبّاس «عليك بالعلم، فإنّ العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل دليله، والعمل قيّمه، والرّفق أبوه، واللّين أخوه، والصّبر أمير جنوده» والمقصد بهذا العلم الشرعي النافع، «فالعقل غريزة في نفس الإنسان يدرك بها المعاني الكلية، ويحكم ببعضها على بعض وهو رئيس قوى الإنسان، وخلاصة الخواصّ النفسانية، ونور الله في قلب المؤمن» كما ذكر أحد العلماء، وكل من كان سببا لايجاد شيء أو اصلاحه أو ظهوره يسمّى أبا، ولذلك سمّي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أبو المؤمنين، وبفضل العلم النافع يعرف الإنسان خالقه حقّ المعرفة، فصار العلم يثمر الطّاعات كلّها، ويحجز عن المعاصي كلّها، ويجمع المحاسن، ويضمّ شملها فعليك بالعلم قبل كلّ شيء يا أيها الإنسان من كلّ جيل. وفي حديث حسن رواه مسلم عن عائشة «عليك بالرّفق فإنّ الرفق لا يكون في شيء إلاّ زانه ولا ينزع من شيء إلاّ شانه» وفي حديث آخر رواه البخاري عن عائشة وهو صحيح «عليك بالرفق وإيّاك والعنف والفحش». إذا العقل في حاجة إلى علم نافع وغزير، والآداب في حاجة إلى العلم الصّالح ليخرج الانسان الصّالح، وبفضل العقل السليم الحكيم، والأدب الرّفيع الجميل، يثمر الايمان بالله والتودّد إلى الناس واصطناع الخير كما ذكر خاتم المرسلين حسب رواية علي «رأس العقل بعد الدّين التودّد إلى النّاس واصطناع الخير إلى كلّ برّ وفاجر» وجاء في رواية أنس «ثلاث من كنّ فيه استوجب الثّواب واستكمل الإيمان : خلق يعيش به في الناس، وورع يحجزه عن محارم الله تعالى، وحلم يردّه عن جهل الجاهل» قال قاسم أمين «أقلّ مراتب العلم ما تعلّمه الإنسان من الكتب والأساتذة، وأعظمها ما تعلّمه بتجاربه الشخصية في الأشياء والنّاس»، فالعقل نور، والأدب جمال، والعلم صانعهما.