تعتبر قرطاج العتيقة ومدينة سيدي بوسعيد التاريخية موقعا ثقافيا متميّزا يحتلّ مكانة رائعة ضمن المشهد الطبيعي لخليج تونس فضلا عن مكانتهما في ذاكرة شعوب المتوسّط. وحرصا على مصير هذا الموقع الذي يمسح ما يقارب 400 هكتار والذي بات مهدّدا بالزّحف العمراني الذي أدخل خللا على توازنات هذه المنطقة، سعت وزارة الثقافة للجمهورية التونسية والمديرية العامّة لليونسكو إلى إطلاق حملة دولية لإجراء حفريات كشفت على عديد الآثار والمعالم التي ساهمت في معرفة أفضل للتاريخ العمراني والحضري للعهدين البونيقي والرّوماني. وقد كان لأهمية هذه الاكتشافات الكبيرة أثرها في اتخاذ اليونسكو قرارا سنة 1979 بإدراج منطقة قرطاج-سيدي بوسعيد ضمن قائمة التراث العالمي للإنسانية. وفي سنة 1985 خضعت هذه المنطقة إلى إجراءات تصنيفها كمناطق غير قابلة للبناء بحكم «الأهمية الأركيولوجية والتاريخية والجمالية والطبيعية». هذا الاعتراف القانوني الوطني والدّولي لم يمنع من تعرّض هذا الموقع إلى الخطر بسبب عدم المصادقة على مخطّط الحماية والإحياء الذي تمّت صياغته سنة 2000 رغم ما عبّرت عنه اليونسكو من قلق وما أبداه علماء الآثار ومهندسو التهيئة الحضرية من تحذيرات لم تحد دون حدوث عديد الاعتداءات على التّراث من قبل العائلات المرتبطة بالنظام السابق تمثّلت في: نزع صفة المنطقة الأثرية على مساحات شاسعة من الأراضي المصنّفة من أجل بناء مجمع سكني يعرف ب»إقامة قرطاج» لأغراض مضاربية الحصول على تراخيص استثنائية للبناء داخل المناطق المصنّفة كمنطقة غير قابلة للبناء. الاستحواذ على قصور ومنازل تاريخية فضلا عن القطع الأثرية والتراثية. هكذا توصّلت مجموعة من الأشخاص المتمتّعة بحماية النظام السابق من تحويل وجهة قطاعات من الملك العمومي إلى صالحها بتزكية من الإدارة متسبّبة بذلك في إلحاق أضرار جسيمة بالثروات التراثية للبلاد. وفي انتظار التحقيقات الإدارية والقضائية وما ستفضي إليه من نتائج وتحديد للمسؤوليات، نحن الممضين أسفله، نوجّه نداء إلى وزير الثّقافة لاتّخاذ التدابير العاجلة الآتية : عقلة جميع الممتلكات المستحوذ عليها في انتظار أن يبتّ فيها القضاء. الإيقاف الفوري لجميع أشغال البناء غير القانونية الجارية بالمواقع الأثرية بقرطاج ومدينة سيدي بوسعيد. الشروع في إجراءات المصادقة على مخطّط حماية موقع قرطاج وسيدي بوسعيد وإحيائه. كما نوجّه نداءنا إلى كلّ من يحزّ في نفسه التلاعب بالملك العمومي، وكلّ من به حرص على توريث هذا التراث الثقافي العالمي إلى أجيالنا المقبلة للانضمام إلى هذه العريضة بذكر اسمه وصفته وتوقيع إمضائه. جلال عبد الكافي مهندس التهيئة الحضرية عبد المجيد النابلي عالم آثار