أيا كانت نهاية خوارزم شاه ودواعي هربه من المغول فقد كان لذلك تأثير مدمر على معنويات المسلمين في تلك البلاد. أصبحت خراسان وما يسمى آنذاك «عراق العجم» بلادا سائبة بلا حاكم ولا جيش ولا من يقيم فها القانون، لا مانع لها ولا سلطان يدافع عنها. وفي المقابل كان المغول يتقدمون في وحدات تجوس البلاد نهبا وقتلا، وكلما دخلوا مدينة قتلوا رجالها واستباحوا نساءها وأرقوا ما تعذر عليهم نهبه. لقد ألقى الله الرعب في قلوب المسلمين من المغول حتى كان بضعة مئات منهم يغلبون الآلاف من المسلمين. استمر المغول على طريق الغرب والشمال، يزرعون الرعب لا يبقون على صغير أو كبير أو امرأة، يقول ابن الأثير عنهم «حتى إنهم يشقون بطون الحبالى و يقتلون الأجنة، وكانوا يفجرون بالمرأة ثم يقتلونها». مدن ذات عراقة كبيرة في أذربيجان انهارت أمام فظاعاتهم: سراو، بيلقان، كنجة... يوضح ابن الأثير واصفا رعب المسلمين من المغول: «وكان الإنسان منهم يدخل الدرب فيه الجماعة فيقتلهم واحدا بعد واحد حتى يفرغ من الجميع لا يمد أحد منهم إليه يدا». وجد جنكيس خان نفسه بعد موت خوارزم شاه يحكم قبضته على أهم ممالك ذلك العصر وعلى مدن عريقة فقسم جيوشه وأرسل سراياه تنهب وتخرب ما بقي من القرى. لكن همه لم يكن منصرفا إلى أوروبا بل نحو بغداد، عاصمة عالم ذلك العصر وكان لا بد من اخضاع الممالك الصغيرة في همذان وخراسان. وإزاء هذا الزحف المدمر تجمعت فلول المسلمين من العرب والترك والفرس وغيرهم ممن نجا من القتل في مدينة مرو فتوجه نحوهم المغول. كانت تلك المعركة واحدة من أكثر المعارك غرابة إذ كان المغول أقل عددا من المسلمين الذين جمعوا ما لا يقل عن مائتي ألف مقاتل، لكن قلوبهم كانت شتى وفيها رعب لا مبرر له من عدوهم فانهزموا بطريقة تدفع إلى الاستغراب وكثر فيهم القتل والأسر. وحاصر المغول من لجأ إلى قلعة مرو من المقاتلين والنساء والشيوخ والصبيان فسارع أميرها إلى طلب الصلح ظنا منه أن العدو سيبقي عليه، لكن المغول قتلوا كل أصحابه ورجال المدينة وأضرموا النار فيها ثلاثة أيام، فيقول ابن الأثير إن عدد القتلى بلغ سبع مائة الف. وسار المغول نحو مدينة نيسابور فحصروها خمسة أيام ثم أخرجوا أهلها إلى الصحراء وقتلوهم وسبوا نساءهم. ثم ساروا نحو مدينة طوس وبعدها هراة وغزنة، يتتالى الانهيار الذي لا يصدق للمدن بين أيديهم وهم يتقدمون في المنطقة الواقعة بين إيران وشرق تركيا. وفي موفى سنة ستة مائة وسبع عشر للهجرة كان المغول قد خربوا خراسان وخوارزم في ظروف تدعو إلى الحيرة حتى أنهم فتحوا سد نهر جيحون فأغرق ما بقي في المدينة التي ستحتاج إلى عصور طويلة لتستعيد الحياة.