لم تكشف ثورة الكرامة عن الفساد السياسي والمالي للمخلوع بن علي وحاشيته فحسب وإنما دفعت كل من أحسّ بالظلم يوما الي تقليب دفاتر الماضي البعيد التي تمتدّ جذوره الى العهد البورقيبي لنفث الغبار عن قضايا لم تعرف النور مع بورقيبة الذي اتخذ من سياسة الاعدام حلا لكل من حاول التصدّي له ودفنه في قبور سرية ظلّت مخفية الى غاية اليوم. هذا الذي لم يكتف باغتصاب حياتهم بل تعدّاها الى اغتصاب أراضيهم واستغلالها دون موجب حق ولعل ما تعرّضت له عائلة السيد سمير الزغلامي أصيل منطقة جرزونة التابعة لولاية بنزرت خير دليل على ذاك الظلم الذ ي نشأ مع بورقيبة وتواصل مع بن علي لتستولي شركة الحديد «الفولاذ» بمنزل بورقيبة منذ سنة 1963 على عقار مسجل تابع لجدّ سمير وتحرمه وأحفاده من حرية العمل والاستثمار رغم تحوّزهم علي شهادة الملكية وكافة الوثائق الرسمية التي تؤكد ذلك ليظلّ هذا العقار المتمثل في قطعتي أرض مغتصبا على امتداد قرن. بالتعريف بقطعة أرضه المغتصبة استهلّ سمير الزغلامي حديثه معنا قائلا إن العقار يحمل اسم «حمزة» وهو مسجل بإدارة الملكية العقارية لفائدة ورثة المرحوم حمزة القفصي (جدّه) تحت الرسم العقاري عدد 31428 ببنزرت مساحته 59 ص و28 آرا و10 هك ويشتمل على 4 قطع مرقمة 06 و09 و20 و24 من المثال التقسيمي للعقار موضوع الرسم عدد 131262 تقع على بعد 3 كلم جنوب شرقي منزل بورقيبة من ولاية بنزرت على حافة الطريق 53 المؤدية من تينجة الى غار الملح. ويضيف أنه خلال 1963 اغتصبت شركة الحديد «الفولاذ» بمنزل بورقيبة قطعتي الأرض اعداد 09 و24 ومنعت المالك حينها المرحوم حمزة القفصي (جدّه) من المطالبة باسترجاع ممتلكاته بصفته ينتمي لعائلة تعارض الرئيس الحبيب بورقيبة في تلك المرحلة الدامية لكونه تسبّب في مجزرة بنزرت أنذاك. فقام ورثة المرحوم حمزة القفصي برفع دعوى كفّ شغب عن عقار مرسم قضت محكمة الناحية بمنزل بورقيبة بحكمها عدد 1413 «ج» بتاريخ 30 سبتمبر 2009 بكفّ شركة الفولاذ شغبها عن العقار محلّ النزاع وتسليمه لمالكيه ورثة المرحوم حمزة القفصي شاغرا من كل الشواغل رغم أن شركة الفولاذ أدلت للمحكمة بعقدة مفتعلة زعمت أنها عقدة تعويض أبرمتها مع المرحوم حمزة سنة 1980 معرفة بإمضاء وحيد للمدير العام للشركة في حين أن حمزة القفصي كان قد توفي منذ سنة خلت أي سنة 1979 وهو السبب الذي دفع القاضي الى إنصاف القائمين بالدعوى. وفي سنة 2008 قامت شركة الفولاذ بمطلب تحيين عدد 5026 محاولة تسجيل العقار الذي استولت عليه لفائدتها الشيء الذي لم تجرؤ القيام به منذ عقود خلت لكونها تفتقر لحجة قانونية ولكن دفعها الى هذا الصنيع المنكر أذيال الحاكم المخلوع فقضت المحكمة العقارية برفض المطلب يوم 14 جويلية 2010 فأقدمت شركة الفولاذ على استئناف هذا الحكم واستئناف الحكم المدني عدد 1413، لكن في هذه المرة قضت المحكمة بنقض الحكم عدد 1413 ورفض الدعوى بتاريخ 5 فيفري 2011 تحت عدد 27522 في حين أن شركة «الفولاذ» كانت قد اقترحت على المورثين (سمير وبقية المالكين) «هاتفيا» اشتراء هذه الأرض بالسعر الحالي للأرض دون اعتبار الحرمان لمدة 48 سنة فرفضوا ذاك الاقتراح والتجأوا مرة أخرى للتقاضي وهو ما يعني أن أعوان الشركة متيقّنون بأنه لم يقع تعويض الأرض المغتصبة. ويضيف «سمير الزغلامي» أن عائلة الطرابلسية كانوا يعتزمون التفويت في الشركة لفائدة رجل أعمال هندي صاحب شركة «MTTA2» والتمتع بثمنها فأعطوا التعليمات كي تسوى الوضعية العقارية للشركة بكل الطرق. تحالف ثلاثي أضرّ بأرضي والى جانب انتصاب شركة الفولاذ على أرض سمير الزغلامي وعائلته دون موجب حق فقد عمدت شركة الكهرباء والغاز والسكك الحديدية التي تنصيب أعمدة كهربائية ذات الضغط العالي داخل العقار المسجل والمرسم قبل استقلال البلاد متذرّعين بفصل قانوني مؤرخ في 1/10/1887 أي 6 سنوات بعد انتصاب الحماية والموجب بتاريخ 30 5 1922 أي قبل الاستقلال مدعين بأنه يبيح لهم تصرّفاتهم دون جبر أي ضرر لفائدة أصحاب العقار ثم تولت الشركة التونسية للسكك الحديدية مدّ سكك حديدية داخل العقار الخاص وذلك لفائدة شركة الفولاذ دون دفع معلوم المرور لمالكي العقار في حين أن شركة الفولاذ تتقاضى مبلغا ماليا مقابل جميع مبيعاتها بعنوان النقل بواسطة القطار. وأثناء محاولة شركة «الفولاذ» تصليح عطب بإحدى الأعمدة الكهربائية المنصبة غصبا على أرضنا يقول سمير انها تسبّبت في احداث أضرار قدّرت ب20.000 دينار ولكن الخبير لدى المحاكم قدّرها ب4340 دينارا فقط ورغم ذلك لم يتمتع أصحابها الا ب2.500 دينار أي تمّ حذف 1840 دينارا وبعد رفضهم شكوى لدى وكيل الجمهورية تحت عدد 54318 ضاع ملف الشكوى ولم يتم الحسم في ذاك النزاع الى اليوم. كل هذه الاعتداءات والمظالم بوّبها سمير الزغلامي صُلب الاجرام باستغلال النفوذ والاعتداء على عقار مسجل منذ زمن عريق والحرمان من التصرّف في الملك الخاص وتعطيل حرية الشغل. وختم حديثه بتساؤل «لماذا إلباس الحق بالباطل وكتمان الحقّ في حين علمه ؟».. السيد الزغلامي لم يطلب المستحيل ولام مطالب تعجيزية وإنما هو حريص على استرجاع حقه وحق أجداده الذين وافاهم الأجل المحتوم قبل الوصول الى مبتغاهم راجيا من السلط القضائية إنصافه والعدل في الحكم في قضيته التي دامت نصف قرن. حاولنا الاتصال بشركة الفولاذ لمعرفة موقفها من القضية ومن الاتهام الموجّه إليها ولكنه تعذّر علينا ذلك.