تمخضت ثورة 14 جانفي وانجبت مولودا بهي الطلعة لطالما انتظرناه، وقد هلّل له كل التونسيين فرحة وابتهاجا الا أن سرعان ما ساد الاختلاف بين مكونات المجتمع المدني حول تسمية هذا المولود وطريقة الاحتفال بقدومه ففيهم من أطلق عليه تسمية اسم الزيادة في الشهرية وتحسين ظروف العيش وهذا حسب اعتقادنا غريب عن ثقافتنا ولا يرتقي الى مستوى فرحتنا بهذا المولود الذي قدم بعد عقم طال زمنه وفي نفس الوقت هو اسم غير متداول الا إذا أردنا أن نغلّب العاطفة على العقل، وهناك من اختار لهذا المولود اسم ثورة عقول وليست ثورة بطون وهو اسم معبّر جدا ويحمل في طياته معاني كثيرة لأن كل شيء يقترن بالعقل هو هادف وواع وفعال. أما الشق الثالث فقد اختار اسم الحرية والكرامة وكلتا المفردتين هما من الاسماء العربية الكريمة إلا أن احداهما وأعني بذلك الحرية لا يخلو من اللبس فهذا المصطلح لم يتسن للبعض الوقوف على معناه الحقيقي، وهو ما أفرزته بعض ردود الفعل في طريقة الاحتفال بهذا المولود غريبة نوعا ما فهناك من فضّل التعدي على أملاك الغير تحت غطاء مصطلح الحرية وآخر اختار ركوب مجاني للأحداث وثالث عمد الى بث الفتنة بين أطراف المجتمع الواحد وذلك من خلال تكريس مبدإ الجهويات والفوارق القائمة بين مختلف الجهات ولعل ما حدث في اعتصام القصبة الشهر أبرز دليل وما حدث في سوق سيدي بومنديل وبعض الانهج المجاورة في أرجاء المدينة في الأيام القليلة الماضية يعد هو الآخر دليل قاطع لوأد هذا المولود الفتي، نظرا لما وصلته الأحداث وما خلفته من خسائر بشرية وأخرى مادية والتي نحن في غنى عنها خاصة في هذه الفترة العصيبة. فما يمليه عليه واجبنا تجاه هذا البلد هو أن تترك كل أشكال العنف التي من شأنها أن تؤدي بنا الى ما لا يحمد عقباه فنحن شعب واحد دين ولغة واحدة فلماذا كل هذه الاختلافات فهل يعقل أن يتحوّل مجرد شجار في حانة الى حالة فوضى ونخسر عددا من شبابنا الذين نحن في حاجة ماسة لهم، صحيح أن الاختلافات موجودة ففي بعض الاحيان الفرد يختلف مع نفسه لكن وجب الحذر وتفادي التهويل لنسعى جميعا الى نبذ العنف ونتجنب قدر الامكان كل ما من شأنه ان يحدث ا لبلبلة والتناقض بيننا ونحاول سويا اعادة ترتيب البيت على الشاكلة التي نريد.