بطاقتا إيداع بالسجن في حقّ فنان‬ من أجل العنف والسرقة    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    المركب الثقافي بمدنين يحتضن فعاليات الملتقى الجهوي للمسرح بالوسط المدرسي    محاميتها تتحدث عن كواليس ليلة القبض على الإعلامية حليمة بولند    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    "سلوكه مستفز": الافريقي يطالب بتغيير هذا الحكم في مباراته ضد الصفاقسي    حالة الطقس هذه الليلة    سوسة: ايقاف مروج مخدرات وحجز 500 قرصا مخدرا    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    مجلس وزاري مضيق: رئيس الحكومة يؤكد على مزيد تشجيع الإستثمار في كل المجالات    بتهمة التمييز... أربع صحافيات يقاضين "بي بي سي"    أسعار المعادن في العالم: الذهب والفضة الملاذات الآمنة والنحاس مقياس للصحة الاقتصادية    فاو: ارتفاع مؤشر أسعار الغذاء... اللحوم والزيوت النباتية والحبوب    تونس تحي اليوم الوطني للدبلوماسية    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    نتائج قرعة الدورين ثمن وربع النهائي لكاس تونس لكرة القدم    ألكاراز ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة بسبب الإصابة    لجان البرلمان مستعدة للإصغاء الى منظمة "كوناكت" والاستنارة بآرائها    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مقابلات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    كرة اليد: بن صالح لن يكون مع المنتخب والبوغانمي لن يعود    مراسلون بلا حدود: تونس في المرتبة 118 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2024    الرابطة الأولى: النادي البنزرتي يستضيف الأولمبي الباجي في حوار فض الشراكة في الصدارة    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    جندوبة: 6 سنوات سجنا وغرامة مالية لممثّل قانوني لجمعية تنموية    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه.    مدنين: حجز 50 طنا من المواد الغذائية المدعّمة    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    188 قتيلا في فيضانات جراء الأمطار بكينيا..#خبر_عاجل    قرعة كأس تونس 2024.    الحمامات: اختتام فعاليّات الصالون المتوسّطي للتغذية الحيوانيّة وتربية الماشية    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    اليونسكو تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين الفلسطينيين    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    عاجل/ اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية بهذه الولاية..    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاطف بن حسين ل «الشروق»: ما ينقص الثقافة والمسرح الرجل المناسب في المكان المناسب
نشر في الشروق يوم 12 - 04 - 2011

مسرحية «أنتوكس» هو العمل المسرحي الجديد الذي أطلّ به الممثل عاطف بن حسين مؤخرا ولم تكن إطلالته أكثر إثارة من إطلالته في برنامج «شارع الحرية» حيث كلفه تعبيره عن رأيه في الحبيب بورقيبة تهديدات خلفت له أسفا برتبة استياء، حول تفاصيل العودة المسرحية وتبعات آرائه دارت محاور هذا الحوار الذي جمع «الشروق» بهذا المبدع بمدينة سوسة بعد عرض من تنظيم جمعية الصم بالمدينة والذي لم يتخل فيه عن جرأته وصراحته المعهودة واعتزازه بثوابته وهذه التفاصيل.
ماذا أردت أن تقول بمسرحية «أنتوكس»؟
في البداية أودّ أن أوجّه تحية ل «الشروق» وكل قرائها، انطلقنا في التحضير لهذه المسرحية منذ شهر سبتمبر الفارط والفكرة راودتنا منذ شهر جوان واعتبرها مسرحية مخضرمة لأنها عاشت قبل الثورة وانتهت كتابتها بعدها ولأول مرة أعرضها أمام الجمهور دون المرور عبر لجنة التوجيه المسرحي وهذا مكسب مهم طالما طالبنا به لإلغاء فكرة الرقابة والتوجيه في حد ذاته وأنا بدوري بصدد الاستمتاع في هذه المسرحية بالحرية كلما صعدت على الركح وأشعر أن الثورة ستخلق وسائل تعبير جديدة ستقرّبنا أكثر من الجمهور ومن فكره وتصوراته وأطوار هذه المسرحية تعتبر غريبة لأننا كنا خائفين قبل الثورة من مسألة الحذف والرقابة وكنا دائما نختار ما سنعرضه امام اللجنة وما سنعرضه أمام الجمهور وجدنا بالصدفة أشياء تناسب حوادث الثورة فتركناها واضطررنا الى تغيير اشياء اخرى لمواكبة الأحداث وتعتبر هذه المسرحية تحديا وتعبيرا عن خوفنا من أن لا تتحقق مكاسب الثورة ونحن كمسرحيين خائفون من السياسيين ومن السياسة خائفون لو ترجع المشاهد التي كنا فيه في «انتوكس» «دعوة الى تغيير العقلية بأن لا ينظر المواطن الى السلطة بنفس المنظار في السنوات السابقة وأيضا كي لا تعود السلطة الى ممارستها القمعية والاستبدادية.
ألا ترى أن هذه المسرحية في أكثر من موضع تبعث نوعا من الشك في نفس المتفرج يمس ربما ما يعتبر من مكاسب الثورة ذاتها وتجعله يتخلى عن بعض المسلمات؟
نعم بالتأكيد هذه قراءة صحيحة فنحن نحب الحيرة والشك الذي يولّد أشياء صحيحة فالثورة تحققت والرئيس الفار فرّ ولم تعد هناك سرقات يهمنا مستقبل تونس الذي ممكن أن يفتك منا الحلم الذي نعيشه اليوم النابع من التخلّص من المافيا التي كانت تكبلنا ونخاف أن يكون الوضع مهيئا لرجوع مافيا جديدة وهذا امر سهل في ظل مواطن حالم يعتبر أن الثورة حدثت وانتهى الأمر فالعمل لازال متواصلا والمواطن مطالب باليقظة ولا العيش على الذكريات والأحلام، فسهل جدا أن نجدهم يؤسسون ذكرى 14 جانفي وانشاء شارع البوعزيزي وساحة الشهداء وتنتهي الحكاية عند الذكريات فنحن نريد التحيين بأن المستقبل أهم فحتى نكون أوفياء للشهداء ولمن قبلهم لابد من تأسيس دولة مثل التي حلموا بها ومثلما يحلم بها الجميع ديمقراطية عادلة لماذا سيدي بوزيد لا تصبح مثل سوسة والقصرين مثل صفاقس وقفصة مثل تونس العاصمة وغيرها.
من خلال عدة لقاءات كنت تدافع عن فكرة «المسرحية» بمفهومها الجماعي وكانت لك احترازات على المسرح الفردي الذي لم يفعّل مفهومه الحقيقي في تونس ولكن نجدك اليوم تجسّم هذا المسرح؟
يبقى هذا العمل في نهاية المطاف مسرحية ولكن لو خيّروني بينه وبين المسرح الجماعي لاخترت الثاني و«أنتوكس» هي جزء من مشروع متكامل ستتبعه مسرحية أخرى بعنوان «مسبق الدفع» سيمثل فيها فؤاد لتيم وسأقوم باخراجها وبعد ذلك سأصطحب فؤاد في التمثيل بمسرحية ثالثة فهي لعبة في نهاية المطاف فأنا لست ميالا بطبعي الى هذه النوعية المسرحية ولكن عندما أجد الظروف الملائمة لا أرى مانعا واحتضان شركة انتاج لثلاثة أعمال متتالية ليس بالشيء الهيّن وعندما وجدت من يؤمن بالمشروع المسرحي اقتحمت هذه المغامرة قصد التجريب رغم التخوّفات التي لازلت أشعر بها بحكم عدم تعوّدي على التواجد بمفردي على الركح تجاه الجمهور فهي تجربة «حلوة» لا تخلو من صعوبات حرصنا على عدم استسهال هذه المسرحية فلا زالت تتطلب المزيد من العمل فهي بصدد النضج شيئا فشيئا فموضوعها ليس فلسفيا هي مسرحية لا غير دائما أحرص على الفكرة والطرح الذي يجب ان أكون وفيا له سواء كانت مسرحية فردية أو جماعية.
كان لك موقف ضد الظهور التلفزي وشاءت الاقدار أن تكون الشاشة الصغيرة سببا في شهرتك فهل تغير موقفك بمجرد هذه الشهرة؟
صحيح قضيت عشر سنوات لم أدخل الى التلفزة وكان لي موقف صارم رغم أنني تلقيت عدة عروض لم أكن ضد التلفزة ولكن ضد جهاز الانتاج التلفزي وضد تقزيم الممثل بتلك الطريقة حتى كانت التجربة مع سامي الفهري التي وجدت فيها كل الاحترام للممثل مما جعلني ارجع الى التلفزة وهناك من لم يكتشفني الا في مسلسل «مكتوب» رغم تجربتي المسرحية السابقة بحكم أنني خريج المعهد العالي للفن المسرحي منذ 1998 وأعمل أستاذ مسرح بالمعهد إضافة الى تجاربي المحترفة ورجوعي الى التلفزة كانت الفرصة الحقيقية التي مكنت الجمهور العريض من معرفتي.
هناك من يعتبر سامي الفهري محسوبا على «الطرابلسية» وعاطف محسوبا على سامي فهل ذلك يشرع علاقتك بهؤلاء؟
محسوب (يكررها مرتين) «تي محسوب» (يضحك) أنا ديما يحسبونني: سبع سنوات في «التياترو» اعتبرونني محسوبا على توفيق الجبالي ثم علمت مع سامي جعلونني محسوبا عليه ثم اعتبرونني محسوبا على «ألكزار».
لكن كان «الفضل» لسامي الفهري في ظهورك التلفزي؟
نعم أعترف بذلك فقد أعطاني الفرصة مثلما وفرها للعديد، فقد عملنا مع سامي أكثر من مئتين وخمسين مثلا.
وكنت الممثل المدلّل لسامي؟
لا، ولكن كنت الأكثر إيمانا بالمشروع ربما يرجع ذلك الى طابع الصدق الذي أحرص على تفعيله في عملي، فلم أتخاذل مع أي أحد قمت بواجبي كما ينبغي والعلاقة الخاصة نتاج العمل المخلص، فلا قرابة دموية تجمعني بسامي الفهري ولست شريكا له حتى يعاملني معاملة خاصة، فالعديد من الممثلين كانوا مقربين من سامي بحكم اجتهادهم وانضباطهم وطبيعي بمثل هذه الصفات أن يكونوا مقرّبين له فأنا فنان أبقى حرا، من يحسبني على فلان يعتبر من الذين يصطادون في الماء العكر وأقسم بأني لم أقابل أحدا من الطرابلسية ومن له دليل على ذلك فليتقدم به فأنا أستاذ تربية مسرحية مدخولي عادي لا أملك منزلا فلو كانت لي علاقة مشبوهة لكانت لي أملاك مشبوهة أيضا لوجدتني أنتظر في لجنة للمحاسبة ومرحبا بهم لو أنهم يشكون في شيء. كل الناس يعرفون أني مواطن عادي.
هل تعتبر أن علاقة سامي الفهري بالطرابلسية أضرّته في الصميم؟
سامي هو شريك بلحسن الطرابلسي، ولم يكن له خيار بأن يرفض سمّ لي شخصا في تونس كان يرفض التعامل مع بلحسن أو مع أحد أقارب الرئيس الفار، هكذا كانت سياسة الدولة المرتكزة على أساليب استغلال المشاريع الناجحة.
هل تعتبر أن سامي تورّط في ذلك؟
مما لا شك فيه لقد تورط فعلا فبلحسن الطرابلسي لم يكن مبدعا ولا مشاركا في حصص سامي، بل كان يتواجد في مكتبه ينتظر الأرباح مثلما كان يتعامل مع العديد من الشركات وهذا يعلمه كل التونسيين ولا أعرف طبيعة العلاقة التي تربط سامي ببلحسن.
سبق دعوتك الى برنامج «شارع الحرية» قبل الثورة من طرف سمير الوافي ولكن لم تتم الحصة بسبب ظهور بعض الاحترازات على السطح لانتمائك الى شركة «كاكتيس» وأنت نفسك تراجعت عن قبولك الدعوة وحضرت في هذا البرنامج مؤخرا وكلفك هذا الحضور غاليا بسبب تعبيرك عن رأيك في الحبيب بورقيبة، كيف تفسر كل ذلك؟
قبل كل شيء، لو وجدت احترازات على حضوري في قناة حنبعل لم تكن من طرفي ولا من طرف سامي الفهري، لقد تلقيت دعوة من طرف سمير الوافي وهو صديقي وأعزّه وأحترم عمله كثيرا وأحييه على ما كتبه عني مؤخرا في خصوص ما حدث لي في المنستير ومن أكثر المقالات التي أعجبتني حول حرية التعبير ولم نتفق في الموعد لأني كنت خارج تونس العاصمة في تلك المدة، وبالتالي وجدت صعوبة كبرى في التنقل، وفي خصوص حضوري مؤخرا في هذا البرنامج فذلك يرجع الى مبدئي في الاستجابة لكل من يدعوني، فالعديد من أصدقائي يلومونني على ذلك ولكن أنا لا أرى مانعا في الحضور في مختلف البرامج دون تمييز وكلفني حضوري في العديد من المرات ثمنا باهظا.
ممكن يرجع ذلك الى طبعي الانفعالي وصراحتي الجريئة وفي «شارع الحرية» قلت رأيي في بورقيبة وأتحمل مسؤوليتي في ذلك ورأيي واضح فأنا أرفض الزعامة والأبوّة لأي شخص كان كمواطن، كفرد تونسي حرّ فأنا ابن أبي وأمي ولست ابن لأحد مثلما أربي ابني أن يكون لي وحدي وابن تونس يحب مدرسته ومعلمه والشارع.
هذا موقفي وهذه تربيتي التي نشأت عليها ولا أرى مبرّرا لمحاسبتي على ما صرحت به بمثل ذلك العنف مما يحيلنا على خطر محدق وأنت نفسك تعرضت الى عنف بسبب مهمتك الصحفية فهناك حالة من الفوضى والصمت من طرف الناس والمسؤولين والأحزاب المعارضة التي كنا نتوسم فيها الكثير من الخير ليساندوا الفنان والثقافة لكن للأسف ظهر بالكاشف أنهم لا يملكون أي برنامج ثقافي ولا يعرفون حتى الفنانين لا أدري ماذا سيحدث في المستقبل.
كيف تصف ما حدث لك في المنستير؟
ما حدث في كل الحالات يعتبر خطأ، وأخذ أكثر من حجمه، فالفراغ العاطفي والروحي والأمني يولد أشياء مثل هذه، فوجدوا إنسانا معروفا فأرادوا أن يفرغوا فيه شحناتهم، فكل واحد كانت له خلفية هناك من أتى ليغسل تاريخه الوسخ والآخر يريد أن يؤسس لشيء جديد الى جانب أشخاص يكرهونني وآخرين يحبونني حبا عنيفا فيختفون وراء «الفايس بوك» لتفريغ مختلف هذه الشحنات. ففي المنستير تهجم علي أفراد متعصبون لفكرة ردّوا الفعل بطريقة عنيفة فأنا لست مسؤولا سياسيا وليست لي توجهات سياسية وأنا بطبعي معارض لأي سياسة ويمكن لك أن ترجع لمختلف أحاديثي الصحفية وتلاحظ ذلك، فأنا ابن معارض وسأبقى كذلك مهما كانت السلطة لأن هذا دور الفنان الذي يبحث عن مشاكل السلطة ليفضحها فأنا أريد أن يكون المواطن حرّا أكثر ما يمكن وعندما عبرت على رأيي حدثت تلك الشوشرة.
لو عبرت عن رأيك هذا في فترة لاحقة، هل تتوقع نفس ردّة الفعل؟
لا أتوقع ذلك، فالفئة التي هاجمتني فيهم من لا يعرف بورقيبة أصلا أعتقد أنها حملة وراءها غايات سياسية فأنا مع ردّ الاعتبار الى بورقيبة ولكن ليس بمثل تلك الطريقة على حساب حرية الرأي وتصبح «بروباقندا» وحملات اشهارية لبيع أفكار مزيفة قتصريحي كان في وقت حساس جدا، فهناك كتاب للباجي القايد سبسي بصدد البيع في المكاتب وهناك ملامح عودة الى البورقيبية لا أدري من الذي يقف وراءها ومن المسؤول عنها اضافة الى الاحتفالات بذكرى وفاته، فالعديد لا يعرف متى توفي بورقيبة فتاريخ الوفاة كان قبل 6 أفريل حيث وقع الاحتفاظ به قبل دفنه لتأمين جنازته أنا مع العودة الى الفكر البورقيبي ولكن ضد تأليه الاشخاص وشخصنة الافراد فرسالة تخرجي في نصفها كانت تتمحور حول علاقة بورقيبة بالثقافة وهذه المعلومة لا يعرفها العديد حتى من طرف المحتجين ذاتهم.
تصاريح أخرى أثارت بلبلة نوع ما صدرت من طرف ليلى الشابي وسلمى بكار حول ما حدث لهم في «بن قردان» عن الاحكام رغم ان اعضاء لجنة حماية الثورة ببن قردان كشفوا الحقيقة هل ترى ان الفنان يجب ان يركّز على الابداع وعلى فنّه ويتجنّب مثل هذه التصاريح القابلة للتأويل والتي قد تهمّش دوره الفني؟
بقدر ما كانت لنا قيمة مسرحية في العالم العربي بقدر ما كنا مهمشين في الداخل رغم الشعار الكبير الذي كان يرفعه الرئيس الفار «لا لتهميش الثقافة ولا لثقافة التهميش» في وقت كان كل شيء مهمشا كان الفنان بلا قيمة، مهرجانات بلا قيمة فكل شيء كان على الورق والكل يمضي ويقرّ بأن الثقافة سليمة وكل شيء «لا باس» وهكذا تغلق كل الملفات، اليوم الفنان بطبعه متسرع نوعا ما يريد ان يتمتع بالحرية بسرعة ويرفض ان يقمعه أحد، سمعت بتلك التصاريح مثل اي مواطن تونسي ولا أملك المعطيات الكافية للحكم وأنا ضد العنف بأنواعه فالفنان دائما يتكلم بعفوية وكل خوفي من ان تنتشر الدكتاتورية فنحن شعب عانينا من الكبت والقمع وليس من السهل الآن التكيف مع الاوضاع فلابد من التعلم والتدرب على الحرية كل من جهته ولابد ان يمر الفنان الى العمل والابداع بالامكانات المتاحة رغم أننا نعيش في فوضى وفي ظل العلاقة الضبابية بيننا وبين وزارة الثقافة ولا نعرف حتى القرارات التي اتخذتها والاحسن والاجدر ان يذهب كل فنان لتقديم تعبيرة فنية وهذا سلاحه الحقيقي الذي لا يجب ان يتخلى عليه ويذهب الى أشياء أخرى.
كفنان ما هو موقفك من عمل وزارة الثقافة رغم الصعوبات المحيطة وخاصة في ظل الاحتفاظ بمندوبين من بقايا التوجهات الثقافية السابقة؟
الاكيد ستحدث عملية غربلة فما كان ينقصنا في الثقافة والمسرح فكرة الرجل المناسب في المكان المناسب فكلنا يعرف كيف تعطى المناصب وكيف كانت تتم التعيينات ولابد من تغيير هذه العقلية فالشخص الذي تسند اليه مهمة في القطاع الثقافي يجب ان يعلم انها مسؤولية خطيرة في تلك الجهة فالمندوب الجهوي الذي يعين في اي ولاية كانت يجب ان يعلم ان تسيير الثقافة في تلك الجهة موكول اليه وانه مسؤول عن وضعه الفكري والذهني لذلك لابد من العودة الى فكرة الرجل المناسب في المكان المناسب دون مصالح شخصية او محسوبية او انتماءات حزبية فوزارة الثقافة الآن أمامها مختلف الكفاءات وسيرتهم الذاتية وقادرة على التغيير ووضع كل في مكانه فنحن عانينا في السابق من وزارة الثقافة والمحافظة على التراث كنا نتمنى ان تكون وزارة الشؤون الثقافية تسيّر الثقافة ولكن اليوم أظنّ أنها أصبحت مخصّصة للعناية بالآثار نتمنى أن يقع التأسيس لوزارة الثقافة والمحافظة على الثقافة ونلتمس من الوزير الحالي أن يهتم بالثقافة التي نحتاجها اليوم فلا بدّ للمواطن أن ترجع له الثقافة وتقع العناية بمختلف المؤسسات الثقافية وترجع الى العمل الحقيقي والرجوع الى فكرة النوادي وهناك العديد من المشاكل من السهل حلّها خاصة في ما يتعلق بتنظيم دور الثقافة مثلا.
تحدّثت عن التهميش في المجال الثقافي هل ترى أنك قد ساهمت في ذلك بمشاركتك في بعض الأعمال الدرامية التلفزية؟
بالعكس لقد ذكرت لك أني منذ أن لاحظت ابتذالا في التلفزة انقطعت ورجعت عندما وجدت الاحترام والكرامة التي تعتبر أهم شيء للممثل.
المقصود هو قيمة العمل ولا قيمة المعاملات؟
ردّة فعل المشاهد كانت طيبة.
وموقفك من هذه الأعمال كفنان؟
كفنان راض عن عملي ولي نقدي الخاص لذاتي الذي يجعلني أتقدم فالعمل في حدّ ذاته مناسباتي فعندما ألاحظ أن تلك العائلة التي تشاهد العمل في شهر رمضان سعيدة بما قُدّم هذا كاف وهو في نهاية المطاف مسلسل لمّة عائلية لا يمكن أن أقدم لهم «أرتو» أو «براشت» وحاولنا أن يكون في تلك المسلسلات شيء من الذوق وأقصد مسلسل «مكتوب» في جزءيه الذي كان خال من الاستسهال فأنا لم أنخرط في لعبة الرداءة وهذا مكسبي الوحيد الى حدّ الآن لأني أحاول دائما أن لا أكون رديئا على الأقل.
الأستاذ يوسف البحري بصدد طبع كتاب حول تجربتك المسرحية ماذا يعني لك ذلك؟
سيتناول فيه بالتحليل مسرحية يراها مهمة وله الحق في ذلك وهي «نسخة مطابقة للأصل» وسيتطرّق في جزء آخر الى مسيرتي المسرحية هي مسرحية نحن بصدد التفكير في إحيائها وقد تابع الأستاذ يوسف مختلف أعمالي وأعتبره من النقّاد المهمين بما يملكه من أدوات القراءة المسرحية لا أستطيع إلا أن أحيّيه وأشكره لأننا عانينا كثيرا من التهميش كجيل جديد عشنا في عهد الرئيس الفار لم تكن وراءنا دراسات نقدية فالفاضلان الجعايبي والجزيري كان وراءهما نقاد كبار ووضعت تجربتهما في الميزان وأصبحت من التجارب العالمية بفضل العملية النقدية التي كانت تتابع الأعمال الفنية وهنا تكمن العلاقة الجدلية بين الفن والنقد أما جيلنا فقد خصّصت له بعض المقالات الصحفية العابرة ولم نجد من يفكّك تجربتنا ويحلّلها بالقدر الكافي حتى جاءت تجربة يوسف البحري والكتاب في انتظار ناشر ومن خلال ذلك الكتاب سيتطرّق الى تجربة جيل كامل وهذا ما ينقصنا وكلما عرضنا في بعض الدول العربية يتساءلون عن غياب الاهتمام بنا على مستوى الدراسات النقدية المعمقة وأتمنى أن يحرّك عمل يوسف آخرين.
على الطريقة الاوروبية او الامريكية التي تعتمد في حملاتهم الانتخابية على الوجوه الفنية المشهورة فهل من الممكن ان تتواجد في احد الاحزاب اثناء الانتخابات؟
(يضحك) «وا& ما عنديش اجابة» أنا لا أحب التحزب بمعنى أني لا أنتمي الى اي حزب ولكني مع اي حزب يدعم الحرية والديمقراطية مع كل حزب له مشروع ثقافي وأدعو كل الاحزاب ان يكون لها مشروع ثقافي واعتقد أننا لم نصل الى هذه الدرجة ففي أوروبا يقع ضم الفنان في حملاتهم الانتخابية بحكم العقلية المتوفرة والمناسبة.
راجع لعقلية أصحاب الاحزاب أم الفنانين؟
عدد الفنانين في تونس قليل والاحزاب مازالت بعيدة على ذلك، تصوّر أبسط الاشياء بعد حادثة المنستير لم يتصل بي اي حزب حتى لابداء رأيه فيما حدث او يدعوني للتوضيح لأن ما حدث شيء خطير فنحن تعدونا لمدة ثلاثة وعشرين سنة على تهميش الوجه المعروف وفي المقابل الوجه المسيطر هو بن علي وزوجته وتلفزة كاملة مسخرة لهما فلم يكن هناك مجال للممثل الذي بكلمة واحدة قادر على تحريك السواكن لابد ان يتفطنوا الى قيمة الفنان والكل شاهد «انجيلينا جولي» جاءت الى «بني ڤردان» كسفيرة للنوايا الحسنة فهل من الممكن ان أذهب الى أمريكا لزيارة احدى مناطقها؟ فالفنان التونسي مازال مهمشا فلي عدة احترازات على علاقة الفن بالسياسة.
من وجهة نظرك الشخصية اي حزب تراه قادر على أخذنا الى بر الامان؟
(يفكر طويلا) سأتكلم بشجاعة «ما فماش علاش» لقد رأينا أشخاصا ولم نر أحزابا كمواطن تونسي أتابع الاحزاب من خلال التلفزة فكل المطالب اجتماعية وهذا مطلب أساسي ولكن اين بقية الاهتمامات فالرئيس الفار كان يحكم بالورق يكتبون له خطابات رنانة فيقولها ويصفق له الجميع الآن الشعب التونسي لا يعترف بحكاية الاوراق فلابد من التفكير في الاشياء الاخرى الهامة مثل الثقافة والبنية التحتية وغيرها وفي الحقيقة نحن مازلنا ننتظر هذا الحزب الذي يمكن ان يستجيب الى مختلف حاجيات المواطن فالعمل يمثل عشر اهتمامات المواطن لابد من التفكير في التسعة اعشار الاخرى.
سمعنا عدة مطالب من طرف المسرحيين ولكن لم نسمع بمطلب طالبت به انت في العديد من المرات وهو الحاق أساتذة التربية المسرحية بوزارة الثقافة؟
نعم هذا طلبي منذ سنوات لكن لا أدري لماذا لم يتم طرحه لأن هذا المشروع خاطئ بحكم اننا نتبع الثقافة ولا يمكن ان نكون تابعين لوزارة التربية فوزارة الثقافة قادرة على التنسيق بين أن نكون أساتذة وأيضا مبدعين فلنا مجالنا في المسارح أيضا مثل قاعة الدروس كذلك تسيير المعهد العالي للفن المسرحي لا يمكن أن يتبع وزارة التعليم العالي وهذا يعتبر نوع من أنواع التهميش والى حدّ الآن توجد مطالب في هذه المسألة والى متى سننتظر أن تحقق الحكومة جملة مطالبنا.
هي في النهاية حكومة مؤقتة؟
هناك مطالب استعجالية لا تحتمل التأجيل تتعلق بحياة الممثل فهناك من لم يملك قوت يومه فكل حكومة يجب أن تضع في اعتبارها أنها مؤقتة لذلك عندما أرى وزيرا في التلفزة يتكلم أحتار وأقول متى يلزم مكتبه ويعكف على حل المشاكل الاستعجالية فلم أكن أتصور أن الفقر ببلادنا بمثل تلك الدرجة فلو كنت في هذه الحكومة وأرى تلك الصور المزرية من خلال شاشة التلفزة أذهب من الغد لحلّ مشاكلهم.
الى جانب «أنتوكس» ما هو جديدك؟
تصوير فيلم مع نصر الدين السهيلي وبصدد تحضير مفاجأة كبرى سأترك للجمهور فرصة اكتشافها تتمثل في مسلسل تلفزي أخيّر أن يبقى مفاجأة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.