لم يبق عندي مجال للشك إطلاقا في أن تونس باتت تعج بمن يعدون في العلم فلسفة، وكل عالم فيلسوف في هذه المرحلة المجنونة يحمل «شعار» من راسي تقرع «لا تسألني عن رأسه ولا عن قرعه فهو في أغلب الحالات تماما كرأس الشهر عند «الشهارة» الذي ما أطل عليهم يوما إلا عاريا أقرع فرطاسا ماعدا من بعض الزغب ومع ذلك فهم متمسكون به تمسك «المساك» يحرز الفجائر طلبا للبركة وانتظارا لقيام السعد الراقد مع أهل الكهف السبعة وكلبهم الذي قد يكون إسمه سعدا فأين كان هؤلاء المدعون فلسفة في العلم أو في العلم فلسفة. هل كانوا في المريخ قبل 14 جانفي 2011 ونظموا منها رحلات على الأطباق الطائرة إلى هذا البلد تدعيما للسياحة السياسية في غياب كل السياحات الأخرى؟ هل كانوا فعلا نياما واستفاقوا مع كلبهم خاصة وأن الساحة يملؤها النباح؟ وهل جاؤوا على الاطباق الطائرة فعلا خاصة وأن كل منهم لاهم له سوى أن يجد الحكم خبزة «قاطو» تقدم له على طبق من ذهب مغارة علي بابا بقصر قرطاج، وأن يجد كرسي العرش المصنوع من عظام الشهداء البررة والمزخرف بدمائهم الزكية على طبق فرعوني فاحش الثقل والثمن؟ من هم هؤلاء المدعون في الحكم فلسفة والضاربون للأخماس في الأسداس المشرعون أحقية الحكم لهم في كل موقع وسكان؟ من هم هؤلاء الراكبون على الثورة في رحلتهم إلى كل المناصب على إختلاف مهامها ودواليبها؟ من هم هؤلاء المتأرجحون؟ أقسم لكم أن الأرجح عندي أنهم من أهل الكهف كانوا نياما في نومهم يغطون في الكهوف المظلمة، فلا لوم عليهم إن استفاقوا مسكونين بهاجس القناعة بأن الشعب مازال رعية ولا غرابة إن تعاملوا معه على أساس أنه قاصر فاستهواهم التحكم فيه، ومن أين لأهل الكهف أن يعرفوا أن الشعب بات حاكم نفسه؟ وأغلب الظن عندي أن كل واحد منهم كان نائما ومعه كلبه وحجة إثباتي على ما أقول أنهم لما استفاقوا جميعا لا نسمع في ساحتهم إلا النباح فهلا سمعتم معي أكثر من «كلب ينبح على طيّارة» إذن قولوا معي القافلة تسير دع الكلاب تنبح.