في جلسة بين وزارة الصحة وأطباء الاختصاص (الجدد)، تناولت توزيعهم في مراكز عملهم بين الجهات الداخلية ذات الأولوية من أجل تدارك النقائص الحاصلة في مستشفيات هذه الجهات، تقرر تخصيص ما بين 6 و20 طبيبا في كل من جهات قفصة وسيدي بوزيد والقصرين... لكن المثير للاستغراب ودون سابق إعلام او وجه حق استثنيت ولاية القيروان من هذا الاتفاق واستبعد اطباء الاختصاص عن عاصمة الأغالبة ومثوى الطبيب ابن الجزار، اذ لم يتم تخصيص أية مراكز اختصاص بالجهة رغم تأكيد رؤساء الأقسام والمسؤولين على وجود نقص فادح في هذا المجال. والأغرب من ذلك ان وزيرة الصحة زارت الجهة واستمعت في لقائها بالإطارات الطبية بالقيروان الى نداءات الاستغاثة والنقائص التي تعاني منها المستشفيات ومن بينها معضلة نقص أطباء الاختصاص والصعوبات والخسائر البشرية المترتبة عنه. وقد تحركت نقابة الأطباء في هذا الاتجاه للتأكيد على الحاجة الاستعجالية لبعث اطباء اختصاص وتذليل النقائص الفادحة التي لا تتوافق مع المقاييس الوطنية. وفي إحصائية أعدتها النقابة التي لوحت بإضراب قطاعي بسبب هذا الإشكال آخر الشهر، فان جميع الأقسام الطبية بالقيروان تشكو من نقص في أطباء الاختصاص، ففي مستشفى ابن الجزار الجهوي وحده فان قسم جراحة العظام ينقصه طبيب اختصاص واحد. كما يشكو قسم التوليد من نقص (3 أطباء) أمام العدد الكبير لحالات الولادة (8 آلاف حالة ولادة في العام) و13 ألف حالة فحص و2500 تدخل في العام. وهو ما مثل عبءا ثقيلا وتأثيرا سلبيا في الخدمات، الشيء الذي يفسر بعض أسباب ارتفاع حالات الوفاة أثناء الولادة في صفوف الرضع والأمهات بجهة القيروان رغم تراجع النسب. قسم التصوير بالأشعة و»«السكانار» بدوره يحتاج الى 3 أطباء اختصاص. خاصة وان هذا القسم الذي يشهد نقصا في أطباء الاختصاص، يقدم خدماته لمستشفى ابن الجزار وقسم الأغالبة كما يتحول أطباء القسم يومين في الأسبوع للإشراف على التصوير بالرنين المغناطيسي في مستشفى سهلول بسوسة. وهو ما يؤخر مواعيد المرضى الى بضعة اشهر. وعلى سبيل المثال فان مريضا بالقلب طلب منه الانتظار لمدة 3 أشهر للحصول على موعد للتصوير بالأشعة. من جهة ثانية فان قسم الاستعجالي وقسم الانعاش يحتاجان الى 6 أطباء اختصاص إضافيين(4 استعجاليين و2 انعاشيين)، علما وانه لا يتوفر اي طبيب استعجالي (اختصاص) بالقسم ويشرف عليه طبيب عام يبذل قصارى جهده لتشخيص الحالات وتعويض النقص وتوفير الخدمات للجهة...وهي كارثة حقيقية دون الحديث عن نقص التجهيزات بهذا القسم. قسم المعدة بدوره ليس استثناء، ويتوفر به طبيب واحد بينما يحتاج القسم الى 3أطباء إضافيين. فهذا القسم يجري 5 آلاف فحص في السنة ويشرف طبيب واحد على 25 سريرا علاوة على عمليات الكشف بالمنظار. وهذا النقص يؤثر في جودة الخدمات. ويحتاج قسم المجاري البولية بدوره الى طبيب اضافي كما يحتاج قسم الأنف والحنجرة الى طبيبي (02) اختصاص. نظرا للنقص الفادح الحاصل في القسم. حيث يشرف على 22 سريرا طبيبان فقط. و50 مريضا في كل عيادة في اليوم. ويحتاج قسم الرئتين الى طبيبي اختصاص. وافتقار قسم القلب لتعزيز جهود 3 أطباء من اجل الإشراف على 30 سريرا و25 ألف مريض سنويا. تهميش ونقائص وتجدر الإشارة الى ان ولاية القيروان التي تعد نحو 600 ألف ساكن، لا يتوفر فيها سوى مستشفى جهوي واحد و10 مستشفيات محلية. والحال انه يفترض بعث مستشفى جامعي وتحويل المستشفيات المحلية الى مستشفى جهوي مع تدارك النقص في اطباء الاختصاص. كما يطلب الإطار الطبي وشبه الطبي عودة قسم الأغالبة الى أحضان مستشفى ابن الجزار حتى لا يكون هذا القسم عبءا ثقيلا بسبب البعد والذي تسبب في حالات وفاة اثناء نقل مرضى من قسم الأغالبة الى وحدة الاشعة الى جانب بعد بنك الدم عن قسم العمليات الجراحية بشكل مثير للاستغراب والسخرية. الأمر الآخر الذي يطالب به عدد من المربين هو توفير ممرض لكل مؤسسة تربوية مع توفير أطباء يتنقلون بين هذه المؤسسات من اجل التدخل لدى الحالات المتكررة من الإغماء والإصابات المتكررة بشكل يومي خصوصا وان بعض المؤسسات التربوية يؤمها مئات التلاميذ تتجاوز الألف تلميذ في معظم المؤسسات. هذا النقص يبدو انه صادف عينا غير مبصرة لوزارة الصحة التي استمعت (الوزيرة) الى مشاغل القطاع. واذا كانت الحكومة تسعى الى إقامة التوازن والعدالة بين الجهات وتسعى الى القضاء على البطالة...فلم لا تتدخل الحكومة وتقضي على النقص...ام ان للأمر علاقة ب«هيبة الدولة».