وزير التشغيل والتكوين المهني: الوزارة بصدد إعداد مشروع يهدف إلى التصدي للمكاتب العشوائية للتوظيف بالخارج    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    241 حاجا وحاجة ينطلقون من مطار قفصة الدولي يوم 28 ماي    شركة النقل بصفاقس تتسلم 10 حافلات جديدة بقيمة 7 ملايين دينار    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    بطولة روما للتنس: أنس جابر تستهل اليوم المشوار بمواجهة المصنفة 58 عالميا    مقتل 10 أشخاص وإصابة 396 آخرين خلال ال24 ساعة الماضية    عاجل/حادثة اعتداء أم على طفليها وإحالتهما على الانعاش: معطيات جديدة وصادمة..    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    مدير مركز اليقظة الدوائية: سحب لقاح استرازينيكا كان لدواع تجارية وليس لأسباب صحّية    61 حالة وفاة بسبب الحرارة الشديدة في تايلاند    دائرة الاتهام ترفض الإفراج عن محمد بوغلاب    نادي ليفربول ينظم حفل وداع للمدرب الألماني يورغن كلوب    الكشف عن توقيت مباراة أنس جابر و صوفيا كينين…برنامج النّقل التلفزي    بشرى للتونسيين :'' القطيع المحلي يفي بالحاجة''    وزير أملاك الدولة: تصفية بعض عقّارات الأجانب أمر صعب    طقس الجمعة: امطار متفرقة بهذه المناطق    اليوم: طقس ربيعيّ بإمتياز    تسجيل 10 وفيات و396 مصاب خلال 24 ساعة في حوادث مختلفة    بسبب خلاف مع زوجته.. فرنسي يصيب شرطيين بجروح خطيرة    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    شركات تونسية وأجنبية حاضرة بقوة وروسيا في الموعد...صالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس يصنع الحدث    ولي يتهجم على أعضاء مجلس التأديب بإعدادية سهلول...القضاء يتدخل    مدنين.. مشاريع لانتاج الطاقة    بنزرت...بطاقة إيداع بالسجن في حق عون صحّة والإبقاء على 5 بحالة سراح    المهدية .. تم نقلهم إلى المستشفى لتلقّي العلاج.. إصابة 5 تلاميذ في حادثة رشق حافلة بالحجارة    اليوم «السي .آس .آس» «البقلاوة» والمنستير الإفريقي...معركة مفتوحة على المركز الثاني    بلا كهرباء ولا ماء، ديون متراكمة وتشريعات مفقودة .. مراكز الفنون الدرامية والركحية تستغيث    أحمد العوضي عن عودته لياسمين عبدالعزيز: "رجوعنا أمر خاص جداً"    معاناة في البطولة وصَدمة في الكأس .. الترجي يثير مخاوف أنصاره    بلاغ هام للنادي الافريقي..#خبر_عاجل    قوات الاحتلال تمنع دخول 400 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين على سفينة في خليج عدن عبر زورق مسلحين    اليوم: تصويت مرتقب في الأمم المتحدة بشأن عضوية فلسطين    ممثلة الافلام الاباحية ستورمي دانيلز تتحدث عن علاقتها بترامب    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    حالة الطقس اليوم الجمعة    بعد معاقبة طلاب مؤيدين لفلسطين.. رئيسة جامعة كورنيل الأمريكية تستقيل    نبات الخزامى فوائده وأضراره    استدعاء سنية الدّهماني للتحقيق    وزير الخارجية: تونس حريصة على المحافظة على العلاقات التّاريخية والطّبيعية التّي تجمعها بالاتّحاد الأوروبي    أولا وأخيرا...شباك خالية    تونس تفوز بالمركز الأول في المسابقة الأوروبية لزيت الزيتون    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    وزارة الرياضة: سيتم رفع عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في أجل أقصاه 15 يوم    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    تونس تستقطب استثمارات خارجية بقيمة 517 مليون دينار خلال الثلاثي الأول من 2024    الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج – كلاسيكو الجولة السابعة) : الترجي للابتعاد بالصدارة والنجم لاعادة توزيع الاوراق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحاليل «الشروق»:تونس في مفترق طريق خطير
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2018

تمرّ بلادنا بأزمة سياسيّة خانقة وذلك باعتراف مختلف الفاعلين والمتابعين للشأن السياسي، وهي الوضعيّة التي تبدو أنّها مرشّحة لمزيد التعقيد في حال لم يتمّ الإسراع بإنقاذ الوضع وإيجاد الحلول اللازمة والضرورية لكسر جدار القطيعة وإعادة الوئام بين مختلف الأطراف الوطنية ومكوّنات الدولة والمشهد الوطني.
لقد أبانت تطورات ما بعد تعليق مشاورات وثيقة قرطاج 2 عن مشهد مفكّك يتعاطى فيه الجميع بنوع من المكابرة والعناد وتستغلّ فيه كلّ الوسائل للإطاحة بالخصوم والمنافسين وتحقيق بعض الربح السياسوي الضيّق الذي اتضّح أنّه على علاقة بترتيبات ما بعد الانتخابات العامة، الرئاسية والتشريعية، المنتظرة نهاية العام القادم.
إنّ الوضعية التي أصبحت عليها السلطة التنفيذية، وأساسا منها الحكومة، تُثير الكثير من الريبة في طريقة تصريف شؤون الدولة وإدارة الشأن العام للبلاد وتُثير أيضا مخاوف فعليّة عن مآلات خطيرة تستهدف تماسك أجهزة الدولة التنفيذية، وأساسا منها وزارة الداخلية التي عادت الى مربّع الاستقطاب ومحاولات الهيمنة من قبل مختلف الفاعلين، بعد الاتهامات التي وجَّهها رئيس الحكومة للمدير التنفيذي للحزب الحاكم وفي ظل ما يُروَّج من معلومات حول واقع الأداء الأمني وإشاعات عن انقلاب وخلافات عميقة بين رئاسة الحكومة ووزير الداخلية المُقال لطفي براهم، وما تؤكّده سلسلة الاقالات والتعيينات في مختلف الأسلاك الأمنيّة، على نحو يُعطي الانطباع بأنّ أمرا جللا قد حدث وأنّ الوضع يتطلّب أشبه ما يكون بعملية تطهير أو إعادة ترتيب شاملة لأهم جهاز تنفيذي في الدولة.
وفي ظل غياب مبادرات جادّة لإعادة الوئام ورصّ الصف الوطني والحدّ من الجموح الفياض للتموقع والذي استحكم في ذهنيّة أكثر من شخصية سياسية وحزبيّة، فإنّ الأوضاع آيلة الى مزيد التشعّب والغموض، مع العودة إلى سياسة تصفية الحسابات وانتهاج مسارات الاغتيال المعنوي عبر نشر الإشاعات وتسريب الوثائق الرسميّة للدولة، وهي سياسة ومسارات على غاية من الخطورة لأنّها ستكون الأداة الاسهل والمتاحة التي يُمكن للجميع استخدامها من زاوية الهجوم والتنكيل والتشويه وأيضا من زاوية ردّ الفعل والدفاع عن النفس.
تذهب الأوضاع مسرعة إلى غير ما توقعه البعض، وتزداد الصورة ضبابية وتداخلا إلى الدرجة التي بات فيها المنجز السياسي للثورة منفتحا على الخيبة والانكسار والتراجع، ففي ظل وضع مفكّك وتعطّل سياسة التوافق ستُصبح الاستحقاقات الديمقراطية القادمة محلّ شكّ، من ذلك التهديد الفعلي الذي يقع فيه حاليا المسار الانتخابي بسبب الأزمة التي تواجهها الهيئة المستقلّة للانتخابات وانتفاء امكانية تعديل القانون الانتخابي قبل موعد 2019، وأيضا استحالة استكمال مسار تركيز الهيئات الدستوريّة المستقلّة وعلى رأسها المحكمة الدستوريّة وإيجاد بديل قادر على إنهاء مسار العدالة الانتقالية وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.
يتمترسُ أطراف العملية السياسيّة كلّ في موقعه بعناد كبير ونهم غريب على السلطة ومراكز الحكم وبرغبة في المضي قدما في تصفية الحسابات الضيّقة والمحدودة ويدفعون بسلوكهم ذلك الحياة الوطنية الى المزيد من التشابك والحيرة وفي تجاهل خطير لحجم التحديات والضغوطات الماثلة اقتصاديا واجتماعيا وخاصة تلك التي تضرب المالية العموميّة والموازنات الحسابية للدولة في وقت تشرع فيه مختلف الوزارات في الإعداد لميزانية سنة 2019، والتي لا أحد يعلم مرتكزاتها الموضوعيّة في ظل مؤشرات سلبيَّة جدا على جميع المستويات.
البلاد، وكأنّها اليوم في مربّع النقطة الصفر أو مفترق طرق، وضع يُشهر فيه الكل مختلف الأسلحة والعتاد على قاعدة الغاية تبرّر الوسيلة، وضع انتقل فيه الصراع الى داخل الدولة بحكم الخلاف بين رئيس الحكومة وحزبه، وضع يتواصل فيه التجاذب بين مختلف مكوّنات ما يُسمّى حكومة الوحدة الوطنيّة ويتباعد فيه الحزبان الأغلبيان وتغيب فيه طروحات معارضة بديلة جادّة.
كلّ الدلائل تُثبت اهتزاز الثقة في المشهد السياسي الحالي وعجزه عن توفير اجابة مقنعة وممكنة لانقاذ الوضع المتدهور على جميع الأصعدة والمستويات والذهاب بالبلاد الى آفاق جيّدة.
بعد انقضاء عطلة العيد، تعود الاتهامات في انتظار تحرّك عاجل من كبار الفاعلين السياسيّين والاجتماعيين لحلحلة واقع الصمت الراهن (وهو صمت رهيب ومُخيف) وإذابة جليد الخلافات العميقة وتوفير مناخات هادئة للنقاش والتحاور وإيجاد أرضيّة تلاقي تضعُ في اعتبارها أوّلا وأخيرا المصلحة الوطنيّة وعاجلا انقاذ الدولة ممّا بات يتهدّدها من صراعات اللوبيات ومجموعات المصالح ومراكز النفوذ داخلها وخارجها.
وفي كل ذلك، مخطئ من يعتقد أنّه بإمكانه الانفراد بتقرير مصير البلاد في مفترق طريق صعب، ومخطئ أيضا من يتصوَّر مسالك للانقاذ والنجاة بعيدا عن سياسة التوفق بما فيها من تفاهمات وتنازلات متبادلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.