يرافق الازمة السياسية الحالية تضخم في الازمة الاجتماعية بشكل يكاد يهدد المنجزات السياسية ما بعد الثورة. بل إن مراقبين يحذرون من انفجار جديد قد يعيد المسار الى الصفر ! نسبة الفقر تفوق 28 ٪. في الشمال الغربي وتبلغ 5 ٪ في إقليم العاصمة 320 ألف تونسي عاجزون عن توفير حاجياتهم الغذائية بسبب الفقر المدقع تونس الشروق: يتفق الجميع في تونس بان الازمة التي تعيشها البلاد حاليا متعددة الاوجه وهي تهدد جدّيا المسار فالصراع السياسي مرشح للزيادة بشكله الممسرح حاليا وذلك بالتزامن مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي المزمع تنظيمه نهاية العام القادم. كما ان الاقتصاد التونسي لم يلاق الطريق الى التعافي بالشكل الذي يمكن ان يمتص نسبة البطالة وبالتوازي يتزايد التدهور الاجتماعي لعموم التونسيين ومن ابرز ملامحه انهيار القدرة الشرائية والارتفاع القياسي لنسبة التضخم الاقتصادي وزيادة نسبة الفقر وعدم تحقيق التنمية في المناطق المهمشة. هذه المؤشرات السلبية كان الامل الجماعي قائما ما قبل الثورة على تعديلها وتغييرها بمؤشرات ايجابيّة تتحقق من خلالها الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية. فقر وبطالة طريق وعرة تشقها البلاد هذا ما يشعر به عموم التونسيين وما يرددونه في مجالسهم وتزداد مخاوفهم من الضبابية تجاه السيناريوهات المحتملة المقبلة عليها البلاد مع اشتداد الازمة الاقتصادية وتواصل الجدل السياسي وعودة البروز للارهابيين خاصة بعد استشهاد ستة من اعوان الحرس الوطني في كمين غادر بالشمال الغربي خلال شهر جويلية المنقضي وتعمّد ارهابيين سرقة سيّارة في وضح النهار بعد تقييد صاحبها والاعتداء عليه ثم تنفيذ عملية سطو مسلح على بنك في الڤصرين امس الاول. كما ان الاحصاءات الرسمية تجود على التونسيين بنِسَب سلبيّة فالبطالة ما تزال تفوق نسبة 15 ٪ والتضخم (بسبب ارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية) بلغ حدود 7.9 ٪ كما ان ما لا يقل عن 320 الف تونسي يعيشون حالة الفقر المدقع اي هم غير قادرين على توفير حاجياتهم الاساسية الغذائية وفقا لتقديرات الفقر التي نشرها قسم الدراسات والتوثيق في الاتحاد العام التونسي للشغل. ذات التقديرات تشير الى ان تدهور حاد في الوضع الاجتماعي اذ تقدر نسبة الفقر في البلاد ب15.2 ٪ ونسبة الفقر المدقع ب2.99 ٪. وتقدر نسبة الفقر في المناطق الحضرية ب10.1 ٪ والفقر المدقع ب1.2 ٪ فيما تقدر نسبة الفقر ب26 ٪ في المناطق الريفية وتبلغ نسبة الفقر المدقع في تلك المناطق 6.6 ٪. وتصل نسبة الفقر الى 28 ٪ في الشمال الغربي و17.6 ٪ في الوسط الغربي والجنوب الغربي و18.6 ٪ في الجنوب الشرقي. نسب يبدو انها لا تجد طريقها الى ملفات الساسة وتشخيصهم للواقع المعيشي اليومي للتونسيين الامر الذي عمّق الهُوّة بين الطبقة السياسية والشعب. مؤتمر وطني هذا الواقع الاجتماعي المتدهور والمنفتح على سيناريو احتقان جديد لا تخفيه المنظمات المشتغلة في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية اذ حذّر مسعود الرمضاني رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية من احتقان جديد قائلا ل»الشروق» «إذا لم تتغير اوضاع الناس اجتماعيا لن تمثل بقية الإنجازات شيئا بل ان هذا الاحتقان الاجتماعي يهدد ما بنيناه». واضاف الرمضاني ان ما حصل في تونس قبل ثماني سنوات من تغيير سياسي كبير وأي كانت القراءات هناك مهمشون قادوه وأحدثوا التغيير ولديهم انتظارات كبرى الا أن حصاد سنوات ما بعد الثورة قادنا الى مؤشرات سلبيّة ومنها انهيار القدرة الشرائية وكافة متطلبات الحياة انهارت كما ان المنظومة العمومية كالتعليم والصحة في طريقهم للانهيار واذا ما أضفنا الوضع الدولي والاقليمي الضاغط على تونس نقول اننا سنواجه الخطر ما لم يتم الالتفاف حول مبادئ معينة سواء بالنسبة للوطن او بالنسبة لأوضاعنا وذلك بالتعويل على حلول وطنية بدل الارتهان للمانحين الدوليين واملاءاتهم». واكد الرمضاني على ضرورة ترجمة هذا الالتفاف عبر وثيقة تلزم مختلف الاطراف بالحد الادنى ووفقا لتشخيص واقعي ودقيق للاوضاع وذلك في شكل لقاءات او مؤتمر وطني فالفائز في انتخابات 2019 لن ينجح في ادارة الوضع اذا لم يكن هناك تشخيص واقعي ومشترك لمجمل الصعوبات فالأوضاع الاجتماعية خطيرة وحل المشاكل لا يكون سوى بالاتفاق بين جميع الاطراف. في المحصلة هناك قناعة لدى نشطاء الحراك الاجتماعي والمنظمات الحقوقية وايضا لدى عموم التونسيين في الشارع بان الاوضاع تسير نحو الاحتقان من جديد لتنسف المسار برمته وذلك بعد غرق النخبة السياسية في صراعاتها وغرق المواطن في صراعاته اليومية مع متطلباته الحياتية واتساع الهُوّة بين الطرفان. فهل من سامع قبل ان يغمرنا الطوفان جميعا ونجد انفسنا مرة اخرى امام فوهة بركان هيمنة الحزب الواحد والدكتاتورية ؟