لم تكن جملة الاجراءات الهامة التي أعلن عنها الرئيس بن علي في خطابه الاخير بمناسبة انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية والتشريعية والمتعلقة بقطاع السكن الا تتمة لاستراتيجية سكنية وطنية أقرّت منذ سنة 8 بهدف تحرير القطاع ليتمكن من آداء أشمل وأنجع وتوفير الموارد اللازمة لتمويله وبالنتيجة للتيسير على عموم التونسيين في امتلاك المساكن. والحقيقة ان هذه الاستراتيجية التي تعد من أبرز مظاهر تفعيل السياسة الاجتماعية وحقوق الانسان في تونس باعتبار الارتباط الوثيق بين توفر المسكن وتكريس كرامة الانسان، هذه الاستراتيجية كانت شاملة ومكنت من تحقيق الكثير من المكاسب للمواطنين على مر السنوات الاخيرة. ويكفي لإثبات هذه المكاسب ان نسوق ما تؤكده الارقام والاحصائيات الرسمية من أن الاعوام الاخيرة شهدت انجاز نحو 243 ألف وحدة سكنية وأن من العائلات التونسية أصبحت تمتلك مسكنها الخاص. شمولية وتبرز شمولية استراتيجية تونس في مجال تطوير قطاع السكن في تعدد مجالات الاصلاح التي شملتها والمتمثلة في المجالات التشريعية والمؤسساتية والمالية ومنها خاصة مراجعة القوانين المتعلقة بالتنمية الحضرية والبعث العقاري واعادة هيكلة المؤسسات العمومية وتشجيع القطاع الخاص على البعث العقاري ومراجعة الانظمة المتعلقة بتمويل قطاع السكن. ولقد تركزت جهود الدولة انطلاقا من الاستراتيجية السكنية على العمل على بلوغ التوجهات التالية : الترفيع في عرض الاراضي الصالحة للبناء من خلال تكثيف الانسجة العمرانية لبلوغ معدل بين 40 و50 مسكنا في الهكتار الواحد وتكثيف نسق اصدار وثائق التعمير والرفع من انتاجية الوكالة العقارية للسكنى واستنباط الطرق الملائمة للضغط على تكلفة تهيئة الاراضي وجعلها تتلاءم وامكانيات الفئات متوسطة الدخل ودفع القطاع الخاص ومراجعة الجباية قصد توفير الموارد لصندوق التدخل للتهيئة الترابية بهدف تمويل عمليات التحكم في التوسع العمراني وتكوين مدخرات عقارية واصلاح الآليات العقارية ومزيد احكام التنسيق بإحداث مجلس تنسيق للتهيئة والسكن. الترفيع في عرض المساكن وذلك بإعادة هيكلة الشركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية وتشجيع المبادرات الخاصة وتوجيه تدخل الباعثين العقاريين العموميين ومواصلة انجاز البرنامج الوطني للقضاء على المساكن البدائية ورفع الحواجز والعراقيل التي تحول دون اصدار وثائق التعمير التنفيذي المتمثلة في أمثلة التهيئة التفصيلية والتقسيمات. مراجعة وتحوير نظام تمويل السكن من خلال تحويل الصندوق القومي للادخار السكني الى بنك الاسكان وتعبئة الموارد عن طريق الادخار السكني وفتح البنك للخواص والقروض الخارجية. صيانة الرصيد العقاري القائم وذلك بمواصلة المشاريع النموذجية لتهذيب الاحياء العشوائية ووضع آليات قصد تشجيع المالكين الخواص على القيام بعمليات فردية لصيانة مساكنهم وتحسينها. بعد اجتماعي وتبين القراءة المتبصرة في هذه التوجهات الاصلاحية ان الدولة تركّز جهودها بالأساس في قطاع السكن على البعد الاجتماعي بنية النهوض بالفئات محدودة الدخل ومساعدتها على الحصول على المأوى. كما يتضح هذا التوجه من خلال بعض المؤشرات الدالة على تحسن ظروف عيش التونسيين بشكل عام من ذلك نسبة التزود بالماء الصالح للشراب التي بلغت 93 ونسبة الربط بشبكة الكهرباء التي وصلت الى 100 بالوسط الحضري و96 في الوسط الريفي ونسبة الربط بشبكات التطهير التي أدركت 73 في الوسط الحضري. وجاءت قرارات الرئيس بن علي الأخيرة القاضية بايجاد تمويلات جديدة ليكون السكن في متناول متوسطي الدخل وباقرار اجراءات جديدة لتوفير الأراضي الصالحة للبناء والضغط على الكلفة وبتوسيع دائرة المستفيدين من تمويل المساكن الاجتماعية لتشمل كل الذين لا يتجاوز أجرهم الشهري سقف الألف دينار، جاءت قرارات الرئيس لتؤكد العزم الثابت على المضي في النهج نفسه، نهج تنشيط بناء المساكن ونهج اسناد ضعاف الحال في هذا البناء. ويزداد التفاؤل بمستقبل القطاع السكني في تونس على ضوء القرارات والاجراءات الأخيرة التي أقرها الرئيس بن علي والتي استبشر بها الجميع وأولهم الباعثون العقاريون الذين يرون أنها ستمكن من تنشيط حركة البناء والبعث العقاري وستشجعهم على الاستثمار في قطاع السكن الاجتماعي وأنها ستسمح لآلاف المواطنين من الحصول على مسكن. كما يزداد التفاؤل على ضوء الاجراءات الرئاسية السابقة وأهمها قرار بعث ثلاث مناطق للسكن الاجتماعي بالمغيرة وجعفر روّاد والفجّة الذي سيسمح ببناء 18 ألف مسكن سيؤوي قرابة 100 ألف ساكن، وأيضا على ضوء التوجه العام للهياكل العمومية التي تعمل على مزيد الضغط على تكلفة البناء وقد شرعت وزارة التجهيز والاسكان في هذا السياق في اعداد دراسة الوقوف على العناصر المتسببة في غلاء التكلفة واتخاذ الاجراءات المناسبة في هذا الشأن. ويتجه العمل كذلك نحو بعث أقطاب عمرانية جديدة بكل من تونس الكبرى ونابل وسوسة وصفاقس وسليانة والقيروان والكاف وتوزر وإلى بعث نواة سكنية جديدة بمنطقة الروماني لاعادة ايواء المتضررين من فيضانات ماي 2002 بمدينة بوسالم ولاستيعاب التوسع العمراني للمدينة. ومن المشاريع السكنية الهامة المبرمجة ينتظر إقامة مشروع مجاور لسبخة السيجومي بالعاصمة كان تقرّر على اثر الزيارة الفجئية التي اداها رئيس الدولة الى منطقة سيدي حسين. وتتزامن هذه المشاريع مع البرنامج الوطني لتهذيب الاحياء الشعبية الذي شمل 490 حيا شعبيا تضم نحو مليون ساكن ومع التقدم في انجاز البرنامج المستقبلي للرئيس بن علي المتعلق بالقضاء على ما تبقى من المساكن البدائية وهو برنامج يهم قرابة 23 الف مسكن ويتوقع استكماله قبل موفى العام الحالي.