شنّ الطيران الحربي الأمريكي غارات جوية مكثفة على مناطق مختلفة من الفلوجة في الوقت الذي تواصل فيه القتال ضاريا بين القوات الأمريكية والمقاومة العراقية التي أكدت أنها كبّدت الغزاة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. وجاء هذا التصعيد فيما بدا الغضب مسيطرا على عدد من الأهالي الذين سمح لهم بالعودة الى مدينتهم حيث أكدوا أنهم لم يجدوا الفلوجة التي غادروها قبل الاجتياح وإنما وجدوا «مدينة أشباح» حيث البيوت تحوّلت الى أنقاض والجثث ملقاة في الشوارع. وأكدت مصادر متطابقة أمس أن الوضع استمرّ متفجرا في الفلوجة منذ مساء أمس الأول حيث تواصلت الاشتباكات بين المقاومين والأمريكان في مناطق مختلفة من المدينة. قصف أمريكي وأكد شهود عيان أن الطائرات الأمريكية شنّت الليلة قبل الماضية وفجر أمس قصفا عنيفا على أحياء وتحصينات للمقاومين في وسط وجنوب شرق الفلوجة. وذكر الشهود ذاتهم أن سحب دخان كثيف غطّت فجر أمس سماء المدينة في الوقت الذي اندلعت فيه مواجهات عنيفة بين المقاومين و»المارينز». وأكدت مصادر صحفية أمس أن المقاومة نفذت هجمات جريئة على قوات الاحتلال الأمريكي خلال هذه المعارك مؤكدة أن الأمريكان تكبدوا عديد القتلى والجرحى في صفوف قواتهم. ووفق المصادر ذاتها فإن ضابطا أمريكيا كبيرا لقي مصرعه أثناء هذه المواجهات التي استمرّت لأكثر من ثلاث ساعات بصفة متواصلة. وأكدت المقاومة في بيان لها نشر أمس أنها كبدت القوات الأمريكية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد في معارك طاحنة تركزت خصوصا في حي الجولان وحي الضباط بالفلوجة. وأعلنت المقاومة في بيانها أنها تمكنت من اسقاط ثلاث مروحيات أمريكية اثنان من طراز «بلاك هوك» و»كوبرا» وأخرى لم يعرف نوعها مشيرة الى أن عددا كبيرا من اعلمقاومين استشهدوا وأصيبوا خلال هذه العمليات. كما أشارت المقاومة أيضا الى أنها تمكنت من إحراق سبع دبابات أمريكية وقتل جميع من كان فيها اضافة ا لى تدمير عربتين من نوع «هامر». وحسب البيان ذاته الذي نشره مجلس مجاهدي الفلوجة فى إن المقاومين استبسلوا خلال هذه المواجهات ولقنوا الغزاة درسا لا ينسى. مدينة... «أشباح» وفيما تشهد المدينة معارك متواصلة بدا الغضب ظاهرا على عدد من الأهالي الذين سمحت لهم القوات الأمريكية أمس الأول بالعودة الى منازلهم مؤكدين أن الفلوجة تحولت الى «مدينة أشباح». وروى علي محمود (35 عاما) المشهد في الفلوجة بعد دخوله إليها أمس الأول «لقد رأيت المدينة وقد دمرت تماما كما أن هذا الدمار طال مورد رزقي». وأضاف علي الذي يعمل مدرسا «منزلي دمر بالكامل ولم يترك لي شيئا مشيرا الى أنه يفضل العيش في معسكر «الخيام» خارج الفلوجة.. وأكد عدد من الأهالي الليلة قبل الماضية أنهم وجدوا عديد الجثث ملقاة في الشوارع. وقال ياسر عبد الستار وهو يعاين بيته المدمر «هل يرضي اللّه أن نعود الى مدينة لا يمكن للحيوانات أن تعيش فيها». واستطرد قائلا وهو يبكي «حتى الحيوانات التي لا تحسّ لا يمكن أن تعيش هناك». وتساءل قائلا «ماذا يريدون من الفلوجة.. هذه جريمة العصر.. إنهم يريدون تدمير المسلمين لكن غضبنا ومقاومتنا سيزدادان». وقال مسؤول بوزارة الصحة العراقية إن أكثر ما يقلقه هو الاستياء الذي يشعر به أهالي الفلوجة. من جهة أخرى قام الجيش الأمريكي صباح أمس بفتح منافذ جديدة لاستيعاب أكبر قدر ممكن من النازحين للعودة الى ديارهم في حي الأندلس، وفق الجدول الزمني الذي أعدته الحكومة العراقية المؤقتة. وقد شوهد المئات من الأهالي قرب هذه المنافذ التي تقع في منطقة الشجر شمال شرق الفلوجة وآخر على الجسر القديم بالقرب من مستشفى الفلوجة العام الذي يقول الجيش الأمريكي انه يسيطر عليه منذ شهرين.