شنّ الطيران الحربي الأمريكي الليلة قبل الماضية وصباح أمس غارات مكثفة على مناطق متفرّقة من مدينة الفلوجة في وقت استمرّ فيه القتال ضاريا بين المقاومة العراقية والقوات الأمريكية. وأكدت المقاومة أمس أن المعركة لا تزال متواصلة مع الغزاة في الفلوجة وحذّرت الأهالي من مغبة العودة إلى المدينة خشية تعريض حياتهم إلى الخطر. وذكرت مصادر متطابقة أمس أن المواجهات ازدادت احتداما منذ أمس الأول في الفلوجة بين المقاومين والقوات الأمريكية التي لا تزال تواجه مقاومة «عنيدة» وتتعرض إلى مزيد من الهجمات في المدينة. معارك... ضارية وقال شهود عيان أن الفلوجة شهدت اشتباكات عنيفة بين قوات الاحتلال الأمريكي والمقاومة العراقية الليلة قبل الماضية حيث سمع دوي الانفجارات وشوهدت سحب الدخان في سماء المدينة. وحسب الشهود ذاتهم فإن الاشتباكات جرت طوال الليل في الأجزاء الشرقية للمدينة وخصوصا في الحي العسكري والحي الصناعي وحي الشهداء بينما كانت أصوات الانفجارات تسمع حتى فجر أمس. وأكدت مصادر صحفية أن القوات الأمريكية تعرضت إلى عديد الهجمات من قبل المقاومة العراقية التي واصلت صمودها وأكدت إصرارها على الاستمرار في مقارعة الغزاة حتى دحرهم من المدينة. وحسب ذات المصادر فإن الأمريكان يتكبدون خسائر فادحة يوميا لكنهم يتكتمون عنها و»يسرّبون» فقط المعلومات التي تخدم أهدافهم في المدينة. وبالنسبة إلى هذه المصادر فإنه لم يتسنّ معرفة حجم الأضرار والخسائر التي نجمت عن هذه الاشتباكات بسبب منع القوات الأمريكية أي شخص من الاقتراب من الأماكن التي تشهد اشتباكات مسلحة وأكد شهود عيان أمس أن القوات الأمريكية بعد أن فشلت في مواجهة المقاومين بصفة مباشرة لجأت إلى دكّ مناطق متفرّقة من المدينة بالطائرات والمدفعية. وأبلغ شهود عيان في هذا الصدد مراسل وكالة الأنباء الألمانية أن مقاتلات حربية ودبابات أمريكية كثفت منذ الليلة الماضية وحتى صباح أمس قصفها لمناطق في ضواحي الفلوجة يتخذها المقاومون معاقل لهم. تأكيدات... وتحذيرات وأكدت مجموعة تطلق على نفسها إسم «مجاهدو الفلوجة» في بيان لها أمس أن القوات الأمريكية تتخبط في مأزق حقيقي بسبب ضربات المقاومة التي تتلقاها بين الحين والآخر. وقال البيان الذي وزّع في مخيمات النازحين في مناطق الصقلاوية والكرمة والأزرقية ان المعركة لا تزال متواصلة وقوات الاحتلال الأمريكية في مأزق». ودعا البيان النازحين من أهالي المدينة إلى عدم العودة إلى منازلهم وفق الجدول الزمني الذي حددته القوات الأمريكية والذي يسمح بعودة تدريجية للنازحين اعتبارا من موفى الشهر الحالي. وجاء في البيان «يمنع دخول العوائل إلى المدينة لأن ذلك سيعرض حياة الأطفال والنساء والشيوخ إلى الخطر بما أن المعارك لم تنته بعد». لكن رئيس الحكومة العراقية المؤقتة إياد علاوي اعتبر أمس أن عودة الأهالي إلى مدينتهم ستكون وشيكة مرجحا أن تتمّ في غضون ثلاثة أيام على أقصى تقدير. وقال علاوي الذي كان يتحدث للتلفزيون العراقي العام «إن النازحين سيبدأون في العودة إلى منازلهم في اليومين أو الأيام الثلاثة القادمة». وبالنسبة إلى علاوي فإن الشرطة العراقية متواجدة بالمدينة الآن كما أن الخدمات الطبية والعمومية متوفرة. وكان علاوي قد أبلغ أمس الأول مجموعة من الصحفيين العراقيين أن حكومته شكلت لجنة تضمّ عددا من أهالي الفلوجة لهدف التمهيد لتشكيل إدارة مدينة تعمل على إعادة النازحين خلال اليومين القادمين إلى منازلهم. وقال علاوي في الحديث الذي نشرته عدد من الصحف العراقية «لقد تمّ إعادة جميع الخدمات الأساسية للمدينة كما تمّ فتح مركزين صحيين ووفرت خدمات الكهرباء والماء الصالح للشراب والوقود. وتأتي تصريحات علاوي بعد أن كان مسؤولون في قوات «المارينز» قد استبعدوا في وقت سابق عودة وشيكة للنازحين إلى الفلوجة بحجة أن الأوضاع الأمنية المتدهورة في المدينة لا تسمح بذلك. وكانت تصريحات «المارينز» هذه قد أثارت بدورها مظاهرات عارمة طالب خلالها الأهالي بإعادتهم إلى مدينتهم.