أعلنت سنة 2003 عن نهايتها لتترك اللحظة لسنة 2004، ومهما تكن ساعة الزمن فإن الشعوب تكون دائما في حاجة الى مراجعة مسيرتها عبر لحظات محددة من التاريخ، الذي تأخذ مفاصل حركته تجليات مختلفة، قد يعكس عالم الجريمة وجها من وجوه هذه الحركة. والمتابع لعالم القضاء بكل مكوّناته في تونس قد لا يجد صعوبة في إدراك الحالة الكيفية للجريمة بقطع النطر عن المراجع الكمية ذات المصادر المختلفة. فمرتكب الجريمة هو شخص عادي مثلنا جميعا (إن كان لكلمة عادي معنى) قد يجد نفسه في لحظة زمنية معينة ومكان محدد موضوع تجريم من القانون والمجتمع، دون أن تكون طبيعته أو سريرته كذلك، أو هكذا يقول علماء الاجرام... إلا أن المثير في الموضوع هو وجهة الجريمة اليوم، فمرتكبها أصبح أكثر ملاءمة لشروط ومتطلبات العصر، حتى أن من بين أبرز فضاءات الجريمة حضور الفضاء الافتراضي أو ما يعبر عنه بالسبرنيطيقي، فينتفي الزمان ويلغى المكان، إلا أن الفعل الاجرامي واقع. ألم تنتفع احدى العصابات بمبالغ مالية خيالية لادراكها سر شفرات الاتصال؟ لقد أصبح من الواضح أن جريمة مثل سرقة الهاتف المحمول في تزايد، وكذلك ارتكاب العنف بواسطة قوارير الغاز المخدّر، بل وأصبحنا نتابع في أكثر من مناسبة جرائم متعلقة بتلاعبات رقمية في بطاقات شحن اللواقط الفضائية (البارابول) أو في بطاقات شحن الهواتف الجوالة... إن نظرة جديدة لعالم الجريمة يفترض قراءة موضوعية وعلمية لارضية ارتكابها اجتماعيا ونفسيا واقتصاديا وهو ما يحتم رؤية تشريعية ملائمة لواقع شديد الحراك، فكل جريمة وليدة عصرها وكل تشريع قانوني مؤطر لفعلها.