الحديث مع المدرب مراد محجوب لا يحتاج إلى مقدمات طويلة.. فهو مدرب معروف بأخلاقه العالية وهدوئه حتى في المواقف الصعبة.. درب المنتخب.. الترجي.. الافريقي والآن يشرف على حظوظ النادي الرياضي الصفاقسي حيث يبحث عن اعادة هذا النادي إلى المكان الذي يجب أن يكون فيه رغم الصعوبات التي تواجه الرجل هناك كما أكد لنا. وعندما تجلس مع مراد محجوب فإنك ستكون على موعد مع كنز من الصراحة والجرأة بما يجعلك تستمتع أكثر مما تسأل فهو يجبرك على الانصات والتركيز معه.. فهو من نوع المدربين الذين يبدأون الكلام قبل بداية الحوار. وفي هذه الجلسة مع محجوب تكلم عن المنتخب وعن النادي الصفاقسي والمستوى العام للبطولة واكتشفنا ان الرجل ليس من نوع المدربين الذين يهاجمون زملاءهم وخصوصا الأجانب وهو الذي أكد ان المنتخب تحسن في عهد روجي لومار ونبيل معلول بل انه طالب بضرورة منحهما الثقة اللازمة لمدة أطول.. وفيما يلي الحوار الذي جمعنا بالمدرب المهذب مراد محجوب. * كيف تقيّم المستوى العام لمرحلة الذهاب؟ مرحلة الذهاب رافقها تشويق كبير من خلال بروز بعض الأندية وتحقيقها لنتائج غير متوقعة وهذا غير مألوف في السنوات الأخيرة وأتمنى أن يتواصل تألق هذه الأندية رغم ان المنطق يقول ان المنافسة ستنحصر ما بين الأندية التي تعودناها وهي الترجي الرياضي النادي الصفاقسي النجم الساحلي والنادي الافريقي رغم اختلاف الامكانات المادية لهذا الرباعي.. وربما تغيّر بعض الانتدابات من المستوى العام لمرحلة الاياب الحاسمة. * فترة الراحة هل تكون مفيدة للأندية حسب رأيك؟ فترة الراحة ستكون مفيدة للأندية بما أنها ستعزز صفوفها بما ينقصها من اللاعبين وتعالج النقائص التي ظهرت خلال مرحلة الذهاب وأعتقد ان الأندية التي تنافس على الألقاب هي التي ستسيطر على أغلب الانتدابات مثلما نسمع الآن وأكيد ان سوق التنقلات ستكون هامة ومفيدة للأندية وحتى للاعبين الراغبين في مزيد من البروز والتألق في أندية أخرى لها طموحات أكبر. * أين ناديك من كل ما يحدث الآن؟ لابد من الاعتراف ان النادي الصفاقسي من الصنف الثاني الآن وذلك لسبب بسيط وهو عدم استقرار أغلب اللاعبين وهي النقطة السلبية التي عانينا منها كثيرا خلال مرحلة الذهاب. النادي الصفاقسي له عدة لاعبين منتدبين وهؤلاء من خارج صفاقس وكل منهم له مشكلة تؤثر عليه سلبيا في المباريات وإذا تواصلت هذه المشاكل فأكيد اننا سنكون غير معنيين بالمنافسة على الألقاب.. وربما أجد نفسي مجبرا على منح الفرصة للاعبين الشبان أمام عدم توفير جرايات اللاعبين وحل مشاكلهم التي لم يجد لها النادي حلولا في المباريات الماضية. * ملعب الطيب المهيري سيفتح أبوابه في الاياب، هل هو عنصر مفيد؟ العودة للعب بملعب الطيب المهيري سيحل جزءا كبيرا من المشاكل المادية من خلال اقبال الجماهير التي سوف تدفع بحضورها اللاعبين لمزيد من البذل والعطاء.. لكن قبل ذلك لابد أن نعرف كيف نستفيد من فترة توقف البطولة وذلك بعدم الوقوع في نفس الأخطاء التي وقعنا فيها في مرحلة الذهاب وكلفتنا فقدان عدة نقاط كانت قادرة على جعلنا ننهي مرحلة الذهاب في طليعة الترتيب. * ما هي النقاط السلبية التي ظهرت في مرحلة الذهاب؟ ليس من المعقول ان نلعب 11 مباراة في عشرين أسبوعا.. فمرحلة الذهاب انطلقت يوم 17 أوت وانتهت في أواخر شهر ديسمبر صحيح ان الوضع كان يتطلب عناية بالمنتخب لكن هناك عدة تقطعات كانت زائدة.. مما جعل مصاريف الأندية كثيرة والمداخيل منعدمة تماما.. ثم ان تجربة كأس الرابطة لا فائدة منها فالأندية وخصوصا الكبيرة لا تعطيها أهمية بالمرة. وأعتقد ان طريقة لعب مباريات كأس الرابطة في شكل بطولة غير مجدية بالمرة ولابد ان تكون مثل لقاءات الكأس المنهزم يغادر السباق. * نأتي إلى المنتخب في عهد لومار ومعلول.. كيف تراه؟ أنا دائما بطبعي متفائل ثم ان المنتخب الحالي يسير في الطريق الصحيح وهناك انسجام وتكامل ما بين المنتخبين وجهازهما الفني.. توجد بعض العناصر في المنتخب الأول والأولمبي وهذا يدل على ان التواصل موجود والعمل مدروس والمستقبل يبشر بكل خير.. المنتخب الأول أكد خلال المباريات الودية تحسنه الكبير وتطوره خصوصا على المستوى التكتيكي.. كما ان الجهاز الفني وسع دائرة المنتخب فأصبح كل لاعب «خائفا» على مكانه، الاطار الفني يجب أن تقع مساندته والوقوف وراءه حتى يعمل في أحسن الظروف ليس لنهائيات كأس افريقيا لأن بقاء لومار ومن معه سيفيد الكرة التونسية خصوصا في المستقبل. * حظوظنا في كأس افريقيا كيف تراها؟ هذا السؤال أرى ان الجهاز الفني للمنتخب أدرى بالاجابة عنه لأنه يعرف كل اللاعبين عن قرب ومدى قدرتهم على اللعب تحت الضغط وقدرتهم على التعامل مع المواقف الصعبة التي لابد أن نمر بها. ما أتمناه هو توفير كل أسباب النجاح خلال الفترة الحالية وأكرر ما قلته أنا متفائل دائما وأتمنى أن تساعدنا كل العوامل والظروف حتى نحقق النتائج التي نتمناها جميعا وهذا ممكن ووارد متى ساهم كل منّا من موقعه في مساعدة المنتخب وكل العاملين معه. * منطقيا هل يمكن ان ننافس الكامرون ونيجيريا وغيرهما على الكأس القارية؟ الكرة لا منطق لها.. ثم ان المنتخب الحالي يبدو جاهزا.. ولابد من العودة سنوات قليلة للوراء لنتذكر كيف تحول المنتخب إلى نهائيات كأس افريقيا سنة 1996 بمجموعة من اللاعبين الشبان ورغم البداية الصعبة تحسن المستوى مع مرور المباريات حتى أدركنا المباراة النهائية ضد البلد المنظم. ففي مباريات كرة القدم هناك جزئيات صغيرة يمكن أن تساعدك ساعة اللقاء وقد تعاندك والمنتخب التونسي قادر على تحقيق نتائج ممتازة فكل شيء متوفر تقريبا لتحقيق الانتصارات في هذه النهائيات. * نعود إلى البطولة ما هي الأندية التي شدت انتباهك؟ ما يلاحظ ان هناك بعض الأندية قدمت مستوى غير مألوف مع كرة هجومية وهذا شيء ايجابي ومن بين هذه الأندية أذكر الاتحاد المنستيري من خلال اعتماده على كرة شاملة ضد كل المنافسين. والنادي البنزرتي لعب الهجوم هو الآخر بذكاء وأحرج كل الفرق التي واجهها لكن عيبه انه لا يسجل الأهداف أو ان صح التعبير يهدر عدة فرص سهلة.. كما ان مستقبل المرسى كان مفاجأة هو الآخر من خلال انتظام النتائج.. علما وان الأندية المعروفة ومن خلال خبرتها حققت تقريبا النتائج المنتظرة منها. * النادي الصفاقسي هزم النجم والترجي ثم تراجع مستواه.. لماذا؟ لا تكفي مجموعة من اللاعبين لتحقيق النتائج الايجابية فالنادي الصفاقسي يعاني من ضعف على المستوى التكتيكي واللعب بدون كرة، اضافة إلى بعض العوامل الخارجية مثل اصابة المدافع وسام العابدي وغياب المرابط عن بعض اللقاءات وقلة انسجام التايب مع نداي زيادة عن الصعوبات التي اعترضت المهذبي وكل هذه العوامل اثرت سلبيا على النادي الصفاقسي وجعلته يفرط في عدة نقاط كانت تبدو في متناوله وهنا لا يفوتني إلا أن أنوه بمستوى الحارس خالد فاضل الذي ساهم بشكل واضح في تحقيق الاضافة وكان مردوده رائعا ما عدا ضد الزمالك. * اللاعبون الأجانب في تونس ماذا تقول عنهم؟ للأسف الشديد رغم وجود العديد من اللاعبين فإن المردود كان دون المأمول فإذا استثنينا ثلاثة أو أربعة لاعبين فإن البقية لم يقدموا أي شيء يذكر.. في صفاقس هناك المدافع باب ماليك يقوم بدوره كما يجب وهو لاعب صلب ويحافظ على ثبات مستواه في كل المباريات وفي الافريقي باب توري يقدم نفس العطاء منذ ثلاثة مواسم ويقوم بدور لاعب الوسط المدافع كما يجب دون نسيان التألق المتواصل للايفواري ابراهيما كوني في النجم الساحلي. * كلام كثير قيل عن بية والسويح والمنتخب؟ وأنت ماذا تقول؟ كلاهما لاعب مؤثر في النجم والترجي.. فزبير بية عرف كيف يقود النجم في مباريات البطولة وكأس افريقيا بالخصوص.. كما ان السويح قاد وسط هجوم الترجي كما يجب.. لكن في المنتخب المدرب هو المؤهل للحكم على اللاعبين المؤهلين والقادرين على اللعب ثم لا يجب أن ننسى ان تحضيرات المنتخب لم يشارك فيها السويح وبية وهو ما يؤكد انهما خارج حسابات المدرب لومار الذي اختار مجموعة وهو حرّ في ذلك ولا يجب ان نطالبه بدعوة هذا اللاعب أو الاستغناء عن الآخر. * تردد ان محجوب قد يغادر النادي الصفاقسي.. هل هذا صحيح؟ علاقتي بالمسؤولين في صفاقس ممتازة للغاية وحتى مع العديد من كبار المسؤولين البعيدين عن التسيير حاليا. كما ان ظروف العمل صعبة للغاية للأسباب التي ذكرتها وربما أغادر النادي الصفاقسي لكن أتمنى أن يكون ذلك بالتراضي ولمصلحة الطرفين، كما انني لا أريد ان أكرر ما فعلته عندما غادرت جرجيس للافريقي وانا مجبر على ذلك. أنا الآن مدرب للنادي الصفاقسي وأتمنى أن تتحسن ظروف العمل والجو العام مقارنة بمرحلة الذهاب. * رأيك في الاحتراف الذي نطبّقه منذ سنوات؟ نعيش الاحتراف على الهامش فمشاكل اللاعبين لا تنتهي مع غياب المعاينة والمتابعة لمصاريف الأندية من طرف المعنيين.. احتكار الفرق الكبيرة للاعبين وهذا مضرّ للكرة بصفة عامة وللاعب في المقام الأول.. الفيفا أقرت قانونا يقول ان كل لاعب لا يكون ضمن قائمة محددة بامكانه التحول لأي فريق يختاره.. لكن المجلس الفيدرالي الأخير خالف ما هو معموله به في الاتحاد الدولي وترك للأندية حرية التحكم والسيطرة على اللاعبين.. اعتقد ان ودادية باسم اللاعبين أصبحت أكثر من ضرورية حتى تدافع عنهم. * من هو أفضل مدرب تونسي حسب رأيك؟ لا يمكن أن نتحدث عن أحسن مدرب هكذا.. فالاطار الفني التونسي أكد ان مستواه ممتاز أينما حلّ ومتى توفرت له الفرصة والمساندة التامة.. انظر مثلا للمدرب الشاب فريد بن بلقاسم في حمام الأنف وما حققه هذا الفريق معه خاصة السنة الماضية رغم انه تسلم النادي في ظروف صعبة فحقق نتائج رائعة جدا. المدرب الشاب المنصف الشرقي هو الآخر عرف كيف يقود الافريقي رغم صعوبة المهمة فتدريب النادي الافريقي مسألة صعبة للغاية ورغم ذلك فقد حقق المنصف الشرقي نتائج ممتازة في أول تجربة له كمدرب أول.. علي السلمي من جهة ولطفي البنزرتي من جهة ثانية قادا فريقيهما لنتائج ممتازة في النصف الأول من البطولة. * ما هو الفرق بين الافريقي والصفاقسي؟ كل فريق مختلف عن الثاني فالافريقي مجموعة متكاملة من اللاعبين خصوصا على مستوى التنظيم والقدرة الكبيرة على تطبيق أي خطة تكتيكية وهذه هي نقطة قوة الفريق. كما ان للافريقي جمهورا يدفع اللاعبين ويزيد من حماسهم أثناء المباريات. في النادي الصفاقسي هناك بعض اللاعبين المتميزين على المستوى الفردي لكن ما تزال المشكلة في الانسجام الذي نبحث عن تحسينه وتطويره حتى يكون الفريق خلال اللقاءات القادمة أفضل وأحسن. * ماذا تقول عن التحكيم والحكام بصفة عامة؟ هناك اخطاء لا بد منها يقع فيها بعض الحكام وهفوات الحكام داخلة في قانون اللعبة كما يقال.. لكن لي اقتراح وهو أن يقع الترفيع من منحة الحكم لتصل مثلا إلى ألف دينار على الأقل تكون من نصيب الحكم. صحيح ان منحة الحكام تطورت لكنها ما تزال ضعيفة فالحكم طرف فاعل في اللعبة ومن حقه أن يتحصل على مبلغ محترم مثل اللاعب والمدرب ويجب ان يتقاسم الناديان منحة الحكم على أن تكون بطبيعة الحال بواسطة الجامعة. من جهة أخرى لا بد أن تكون العقوبات رادعة لكل حكم يرتكب هفوة تؤثر على نتيجة المباراة.