شيع أهالي حي الرمال بمدينة طبربة من ولاية منوبة جثامين الأطفال الثلاثة الذين لقوا حتفهم الأحد الماضي غرقا بقنال الزويتينة بالبطان, مخلفين لوعة كبيرة في نفوس أهاليهم وحيرة لا توصف حول ظروف وملابسات الحادثة الأليمة التي لم تكن في الحسبان ولم تخطر على البال. «الشروق» زارت عائلات الضحايا للوقوف على ظروف الواقعة التي قصفت أعمار شهاب الفطناسي ومحمد العياري ومحمد الحنيفي واستمعت إلى شهادات أوليائهم الذين حملوا مسؤولية ما وقع لمشغلهم واتهموه بإهمال أبنائهم القصّر وعدم تأمين حمايتهم باعتبارهم يوم الحادثة في عهدته, كما استمعت إلى الشاهد وهو رفيق الضحايا الذي أنقذه القدر من الغرق. التعويل على النفس اتفقت «هذبة الواهمي» والدة «محمد الحنيفي» و«بسمة الجبالي» والدة «محمد أمين العياري» وفاضل الفطناسي والد الضحية «شهاب الفطناسي» على أن أبناءهم تأثروا كثيرا بدعوتهم للعمل من قبل صاحب الضيعة والذي صادفهم في الحي وأقنعهم بالعمل معه في جني الإجاص فأصروا بدورهم على العمل رغم رفض أوليائهم للأمر واستطاعوا إقناعهم على أساس أنهم جميعا أصدقاء وسيخوضون التجربة معا ليذهبوا ضحية مغامرة إثبات الذات والتعويل على النفس. وأكد الأولياء المذكورون أن الضحايا استفاقوا باكرا فاصطحبهم مشغلهم في سيارته الخاصة وكان من المفترض أن يعودوا قبل الساعة الواحدة بعد الزوال لكنهم تأخروا، الأمر الذي أزعج الأولياء واستمر تأخرهم حتى الساعة الثالثة بعد الزوال عندما اتصل بهم أعوان الحرس الوطني ليعلموهم بغرق أبنائهم وانتشال جثثهم وإحالتها على الطب الشرعي بشارل نيكول في حين لم يتول المشغل إعلامهم ولا حتى تقديم واجب العزاء على حد تعبيرهم. وقد استغرب الأولياء حيثيات حادثة الغرق خاصة أن أبناءهم يدركون خطورة القنال جيدا وحملوا المسؤولية للمشغل بدعوى أنه لم يؤمن حمايتهم ولم يحافظ عليها بل كان السبب في ما وقع وهنا يقولون نقلا عن أحد الناجين: «بعد انتهاء فترة عملهم لم يصطحبهم إلى منازلهم بل تركهم ودفعهم إلى السباحة قائلا: «استحموا في القنال وسأرجع لكم في الخامسة بعد الزوال». هل هذا معقول في الوقت الذي كان من الواجب عليه منعهم إن بادروا هم بذلك كما تساءلوا حول سر الإصابة التي كان يحملها الضحيتان محمد الحنيفي وشهاب وهما أبناء عم. شكاية ضد المشغل وهنا يتدخل الشاهد على الحادثة وهو ماهر النفزي الذي أكد قائلا: «خلال اتفاقنا مع المشغّل وعدنا بإعادتنا إلى الحي بعد منتصف النهار لكنه تركنا قائلا «استحموا حتى أعود إليكم في الخامسة عصرا» فتشجعنا للأمر نظرا إلى حرارة الطقس ورغبة في تمضية الوقت الذي يفصلنا عن عودة مشغلنا لاصطحابنا, وقد نزل أصدقائي للسباحة في حين ظللت انتظر دوري بعدهم واستعانوا بخرطوم مياه معد للري قطرة قطرة ومن سوء حظهم أن انقطع الخرطوم ليجرفهم التيار بعيدا فلم تفلح محاولاتي في طلب النجدة من حارس الضيعة وعمال ضيعة أخرى مجاورة نظرا إلى سرعة التيار الجارف ليختفوا عن النظر في دقائق معدودات». أفادنا أولياء الضحايا بأنهم تقدموا يوم الثلاثاء أول أمس بشكوى لدى مركز الحرس الوطني بطبربة ضد المشغل موجهين له تهمة الإهمال وعدم حماية أبنائهم القصّر الذين هلكوا في أول يوم عمل لهم. وتطرح حادثة الغرق في القنال شانها شان حادث المرور الذي شهدته مؤخرا المنطقة وراح ضحيته ست ضحايا مشكلة تامين ظروف عمل اليد العاملة من القصر والمراهقين الذين يستغلون عطلة الصيف للعمل وتوفير مصاريف دراستهم اذ ينقلون على شاحنات غير مؤمنين تحدق بهم مخاطر حوادث المرور كما لا تتوفر لهم أدنى مقومات الحماية والتامين في العمل هذا فضلا على ضعف أجورهم اليومية واستغلالهم المجحف.