حالة الطقس اليوم الجمعة    بعد معاقبة طلاب مؤيدين لفلسطين.. رئيسة جامعة كورنيل الأمريكية تستقيل    فوز رئيس المجلس العسكري في تشاد في الانتخابات الرئاسية    بنزرت.. الاحتفاظ بثلاثة اشخاص وإحالة طفلين بتهمة التدليس    نبات الخزامى فوائده وأضراره    استدعاء سنية الدّهماني للتحقيق    المرسى: القبض على مروج مخدرات بحوزته 22 قطعة من مخدّر "الزطلة"    بسبب التّهجم على الإطار التربوي.. إحالة ولي على محكمة الناحية بسوسة    وزير الخارجية: تونس حريصة على المحافظة على العلاقات التّاريخية والطّبيعية التّي تجمعها بالاتّحاد الأوروبي    أولا وأخيرا...شباك خالية    أم تعنّف طفليها وتسبب لهما كسورا: وزارة المرأة تتدخل    للنظر في إمكانية إعادة تأهيل عربات القطار: فريق فني مجري يحل بتونس    الرابطة 1 (مرحلة التتويج) حسام بولعراس حكما للقاء الكلاسيكو بين الترجي والنجم    المدير الفني للجنة الوطنية البارلمبية التونسية ل"وات" : انطلقنا في الخطوات الاولى لبعث اختصاص" بارا دراجات" نحو كسب رهان التاهل لالعاب لوس انجليس 2028    تونس تفوز بالمركز الأول في المسابقة الأوروبية لزيت الزيتون    قبلي: تنظيم يوم حقلي في واحة فطناسة بسوق الاحد حول بروتوكول التوقي من عنكبوت الغبار    هام/ وزارة التربية: "نحن بصدد بلورة تصوّر جديد لمعالجة هذا الملف"..    المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بصفاقس تواصل حملتها على الحشرة القرمزية    عاجل : إغلاق مطار دكار بعد إصابة 11 شخصاً في حادث طائرة    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    شكري حمدة: "سيتم رفع عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في أجل أقصاه 15 يوما"    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    الزمالك المصري يعترض على وجود حكام تونسيين في تقنية الفار    نابل: الكشف عن وفاق إجرامي يعدّ لاجتياز الحدود البحرية خلسة    181 ألف بناية آيلة للسقوط في تونس ..رئاسة الجمهورية توضح    زغوان: حجز 94 طنا من الأعلاف غير صالحة للاستهلاك منذ افريل المنقضي    أبطال أوروبا: دورتموند الأكثر تمثيلا في التشكيلة المثالية لنصف النهائي    يمنى الدّلايلي أوّل قائدة طائرة حربية مقاتلة في تونس    كأس تونس: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ثمن النهائي    دراسة صادمة.. تناول هذه الأطعمة قد يؤدي للوفاة المبكرة..    الزغواني: تسجيل 25 حالة تقتيل نساء في تونس خلال سنة 2023    مفزع: 376 حالة وفاة في 1571 حادث مرور منذ بداية السنة..    حماية الثروة الفلاحية والغابية من الحرائق في قابس....و هذه الخطة    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    في وقفة احتجاجية أمام مقر الاتحاد الأوروبي.. "تونس لن تكون مصيدة للمهاجرين الأفارقة"    السلطات السعودية تفرض عقوبة على كل من يضبط في مكة دون تصريح حج.    قضية مخدّرات: بطاقة ايداع بالسجن في حق عون بالصحة الأساسية ببنزرت    عاجل/ الحوثيون يعلنون استهداف ثلاث سفن بصواريخ وطائرات مسيرة..    الثلاثي الأول من 2024: تونس تستقطب استثمارات خارجيّة بقيمة 517 مليون دينار    مقارنة بالسنة الفارطة: تطور عائدات زيت الزيتون ب91 %    الفيلم العالمي The New Kingdom في قاعات السينما التونسية    كشف لغز جثة قنال وادي مجردة    على طريقة مسلسل "فلوجة": تلميذة ال15 سنة تستدرج مدير معهد بالفيسبوك ثم تتهمه بالتحرّش..    البطولة العربية لألعاب القوى للشباب: ميداليتان ذهبيتان لتونس في منافسات اليوم الأول.    كتاب«تعبير الوجدان في أخبار أهل القيروان»/ج2 .. المكان والزّمن المتراخي    آخر أجل لقبول الأعمال يوم الأحد .. الملتقى الوطني للإبداع الأدبي بالقيروان مسابقات وجوائز    «قلق حامض» للشاعر جلال باباي .. كتابة الحنين والذكرى والضجيج    بطولة روما للتنس للماسترز : انس جابر تواجه الامريكية صوفيا كينين في الدور الثاني    محمد بوحوش يكتب...تحديث اللّغة العربيّة؟    مدْحُ المُصطفى    ستنتهي الحرب !!    إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء...كيف تتصرف؟    عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين جراء قصف متواصل على قطاع غزة    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عبد القادر بن الحاج نصر في لقاء مع «الشروق»: تلفزتنا تحجب عن التونسيين تاريخهم
نشر في الشروق يوم 16 - 09 - 2011

رجل يخجلك تواضعه.. هو على حالة إبداعية متواصلة.. مترابطة... فيها الواقع بأدق تفاصيله وجزئياته بعين الصفاء... يكتب الحياة كما هي بمنظار الواقع دون تزييف أو تجاوز أو تشويه... في رواياته متعة حسية.. وغوص عميق في الذات وانصهار كلي في الواقع.
وفي كتاباته الدراما عشق كبير للأرض وعلاقة الإنسان بها..
هو الدكتور الروائي عبد القادر بن الحاج نصر الذي كانت لنا معه جلسة هذه حصيلتها.
الدكتور عبد القادر بن الحاج نصر و«أفيون» الكتابة رحلة طويلة وعلاقة متينة.
كذلك عملية الكتابة تحوّلت لديّ في كثير من الأحيان إلى ما يشبه الإدمان لا سبيل إلى الفكاك منه كنت عند أهم الأحداث الاجتماعية والتحولات السياسية أتحرّق رغبة في أن أكون فاعلا فيها مشاركا بالفعل أو بأي وسيلة أثبت فيها انتمائي إلى وطني ومحبتي له، مع الأسف لم تكن لدي من الوسائل غير الكتابة الأدبية والفنية وهي أضعف الوسائل وأقلها رواجا وانتشارا وتبليغا في زمننا هذا ورغم محدودية دور الأدب في المساهمة في تغيير المجتمعات فإنني وجدت نفسي أكتب وأنشر ما أكتب وببلاهة شديدة كنت أتصور أن ما أؤلفه من قصص وروايات ستقبل عليه شريحة مهمة من الناس وسيتحدثون إلي وأتحدث إليهم متفاعلين مع محتوى النصوص ومتفاعلا مع النقد والملاحظات ولقد أدركت استحالة هذا الأمر منذ زمن طويل إلا أن «أفيون» الكتابة قد دبّ في مفاصلي واستوطن عروقي ودمي إن أسوأ ما في سيرة الإنسان المثقف خاصة هو أن يدرك أنه مدمن على مادة ضارة فلا يقلع عنها عنادا ونفاقا وتعلقا بالأوهام أنا هكذا يا سيدي وسأظل هكذا وأنا أعلم كل العلم أن مجتمعاتنا العربية لا تحتاج روائيا أو قصاصا أو سيناريست وإنما تحتاج رجالا مثل محمد البوعزيزي يدفعون حياتهم من أجل الكرامة والحرية وتحصين المجتمع من الاضطهاد والتسلط والخوف.
أن تكتب مسلسلا يعني أنك تسعى إلى تعرية واقع يكسوه الغبار... وأن تكتب رواية يعني أنك تؤرخ لأحداث وتسجّل مواقف ذاتية إن صح التعبير؟
أن أكتب مسلسلا فإنني أهدف إلى ما جاء في سؤالك ولعلك تذكر مسلسل «الحصاد»، أولى إنتاجاتي الدرامية تذكر الواقع الاجتماعي الذي حاولت تناوله و لعلك تذكر ردود الفعل التي أثارها فقد علت أصوات محتجة: «أيعقل أن يوجد في تونس التغيير عائلة تسكن الجبل ولا ماء لديها ولا كهرباء.. هذا هراء وتحامل على الواقع» وصاح آخر في انتقاد طويل عريض وفي عنوان لا أعرض ولا اسمك منه: «هذا عار على تونس» وبقدر ما أحسست بالغبن وقتها وبالقهر من النفاق والكذب والتحريض فإنني أشعر الآن وبعد الثورة أنني قلت كلمة حق في لحظة لا مكان فيه إلا للنفاق والكذب» وما جاء في مسلسل «من أيام مليحة» رغم التشطيب والخوف والتشويه هو كشف للمستور الذي يستنزف ممتلكات المجتمع وأرزاق الناس، وأعني بذلك استعمال النفوذ في غير محله واستباحة الوطن لإرادة العصابات المنظمة التي ترتبط بدوائر فاعلة وأسوق مثالا على ذلك إدخال المحروقات عبر الحدود بواسطة شاحنات لا تحمل لوحات منجمية تمر عبر المدن والقرى تروّع المواطنين وتقترف حوادث قتل ولا أحد يستطيع إيقافها والاقتصاص منها أضف إلى ذلك استيراد السيارات الفخمة بطرق غير شرعية بينما الرقيب هو الشريك الرئيسي في تنفيذ العمليات وأخيرا كان لا بد من تغيير أسماء بعض شخصيات لأنها توحي بأسماء مسؤولين فاعلين في الحكم لقد كنت أنا على حق ولا أنزع الحق عمّن أصر تغيير الأسماء لأن سوط الفاتق الناطق بالمرصاد أما بشأن الرواية فإنك تظلمها وتظلمني إذ هي المعبّر الحقيقي عن معاناة الناس والحامل لهمومهم وإلا ما كنت لأكتب وأنشر، أرجوك لا تنزع عني رداء الشرف الذي أرتديه حتى وإن بلغ بي اليأس وبلغت بي الخيبة الحد الأقصى.
من مسلسل «الحصاد» إلى مسلسل «من أيام مليحة» محطات متنوعة جمعت بين الرضا والاحتجاج.
من حق جمهور النظارة أن يحتج ذلك أمر طبيعي جدا ويجب على كاتب المسلسل أن يتقبل ذلك بصدر رحب وأن يستفيد من العناصر التي بني عليها الاحتجاج لن تتطور الكتابة الدرامية ولن تدخل دنيا المنافسة إلا إذا عبر المتفرجون عن رأيهم إزاء مستوى البناء الدرامي والإخراج والتمثيل والموسيقى والديكور ولن يتطوّر العمل الدرامي إلا إذا عبر الكاتب والمخرج على التعديل والإصلاح المناسبين دون استبداد ودون الاستقواء بالنفوذ الخاطئ والمبني على الأنانية والكبرياء إن ما يهم السيناريست هو الاحتجاج البريء غيرة على الإنتاج الدرامي لا نكاية ولا تآمرا ولا استفزازا لمحاولة التحطيم والإقصاء.
أما الرضا عن قناعة حقيقية فإنه عامل تشجيع لا بد منه من أجل مواصلة الإبداع.
حسب اعتقادك لماذا هذا الإحجام في الدراما التونسية عن الخوض في الملاحم التاريخية التونسية؟
لقد تناولت الدراما عندنا الملاحم عبر التاريخ في الفترة الأولى من بدايات التلفزة ثم أجحمت إدارة التلفزة في فترة ثانية حتى أيامنا هذه نستثني من ذلك أيام ثورة الكرامة وما بعدها ذلك أن الإدارة كانت تخضع إلى ضغوطات وتدخلات من طرف متنفذين ومتنفذات عديدين ومع الأسف فإن هؤلاء لهم ميولات شخصية محددة يحاولون فرضها على الإنتاج الدرامي حتى أن السيناريست لا يعرف ماذا تريد الإدارة ولا الإدارة قادرة على تحديد توجه في مسار الدراما التلفزية حتى أن السيناريست إذا صور أحداثا تجري خارج المدينة أتحدث عن نفسي قيل له إن النظام لا يريد معالجة القضايا الخاصة بالأرياف والقرى فلا بد من تقديم مجتمع المدينة وتصوير ظواهر التطور والتقدم في مجتمع اليوم ولعلك شاهدت كيف أن مليحة الطالبة الفقيرة المنحدرة من أسرة تعاني الخصاصة تحولت إلى طالبة وكأنها تنتسب إلى عائلة أرستقراطية فهي تسكن بمحاذاة مركّب القنطاوي بسوسة وحين تتراكم عليها الضغوطات الدراسية تنزل درج العمارة لتجد نفسها في سلسلة مقاهي مركب القنطاوي أليست هذه مهزلة أساسها إرضاء بعض المتنفذين في النظام وفي هذا الإطار أصبح تناول صفحات الماضي حتى القريب شبه محرم في الإنتاج الدرامي ومن شروط قبول المسلسلات تلميع الصورة القائمة لمجتمع على حافة الانهيار.. إنها جريمة شارك فيها كل منّا بقدر ولتعلم أن مؤسسة التلفزة عندنا هي الوحيدة بين تلفزات العالم العربي التي كانت تحجب عن التونسيين تاريخهم القريب والبعيد وتعتبره منطقة محرمة إرضاء لبعض الوجوه المتنفذة.
جمل جنّات مازال الجرح الذي لم يندمل في داخلك؟
هو ليس الجرح الوحيد إنها جراح متعددة ولكنه الأكثر إيلاما لأن أي كاتب عندما يسلط عليه عقاب من أجل حبه للوطن وتمسكه بالهوية وتناول المواضيع التي تجسم صورة الشخصية التونسية التي ترفض الاستعمار وتضحي من أجل فك القيود وتبدع في الدفاع عن الأرض والعرض، إن أي كاتب يصطدم بهذه المعاملة لا بد أن يتعمق الجرح في داخله وسبب الألم ليس فقط لأن «جمل جنّات» ظل يؤجل من سنة إلى أخرى بل لأنني وجدت نفسي في صراع مرير مع من يرى في الحاكم الاستعماري قدسية لا يجب تدنيسها بتصوير مجتمع ثائر متعطش للحرية والاستقلال.
هل مازلت مصرّا على تنفيذه؟
منذ عامين كان على وشك التنفيذ بدلا من «أيام مليحة» لكن الفترة الزمنية لإنتاجه لم تكن كافية إنني سوف أظل أصرّ على إنتاجه إصراري على الوجود ذلك لأنه جزء من ذاتي ومن مسيرتي الأدبية والفنية صفحة من صفحات الاعتزاز بتونس وبمن تجرأ على رفع العلم صائحا: «تحيا تونس» وأعتقد يا سيدي أن تونس اليوم بإشراقتها وسعادتها وامالها ليست في حاجة إلى بوعزيزي آخر وإن كان الدفاع عن الكرامة والحرية والحقوق المشروعة تجعل في كل واحد منّا «بوعزيزي» متحفّزا تأثرا رافضا للمقاييس المغشوشة والميز بين الجهات وبين العائلات.
أن تكتب مسلسلا هل يعني بالضرورة استعدادك لبعض التنازلات لفائدة العمل كما يراها الطرف المقابل.
لديّ استعداد متجدد لإعادة النظر في بعض المواقف وفي البناء الدرامي وحتى في سبر الأحداث إذا كان لدى الطرف المقابل اقتراحات مقنعة فأنا أؤمن بالتعاون سواء مع المخرج أو مع المنتج أو الممثل لكنني لا أتنازل عن قناعات وبديهيات عن طيب خاطر، فكم من مرة يؤخذ مني المسلسل عنوة ويتم تشويهه تشويها مذلاّ ولا أستطيع أن أفعل شيئا، فذلك هو واقع التعامل الذي عرفته إلى حد مسلسل «من أيام مليحة» أنا مؤمن أن الإدارة الجديدة لمؤسسة التلفزة سوف تعيد النظر في منظومة العلاقات التي كانت سائدة بين أطراف الإنتاج.
ما هي نسبة الرضا عمّا كتبته من أعمال درامية قياسا بمؤلفاتك الروائية؟
إن نسبة الرضا عن الأعمال الدرامية فهي في الأغلب ضئيلة إلا ما ندر أما الأعمال الروائية فإني أسعى بعد كل تأليف جديد إلى تجاوزه شكلا ومضمونا وإلى فك الارتباط بينه وبين التأليف القادم خوفا من التكرار وخوفا من أنسى نفسي فأطلّق القلم.
هل تشاهد ما ألفته من مسلسلات؟
لا أشاهد إلا مسلسلي «الحصاد» و«الريحانة» أما ما تبقى فإنني أشفق على نفسي من الصدمات الكهربائية والأسباب معروفة.
هل تحتفظ في أرشيفك بهذه الأعمال؟
قد أفاجئك حين أقول لك لا أمتلك أرشيفا فنيا أولا لأنني لم أحرص على ذلك حرص الآخرين الذين يلتزمون التنظيم والوضوح خدمة للتاريخ وثانيا لأن الإدارة لا تمكنك من ذلك أو إذا ما مكنتك منه فعبر إجراءات إدارية معقدة هل تستطيع أن تتصور أنني تقدمت على مدى خمس أو ست سنوات الماضية باستثناء الفترة الحالية بعشرات الرسائل المضمونة الوصول وبعشرات الفاكسات إلى مؤسسة التلفزة ولم أتلق ردا واحدا هل تتصور أنني على مدى هذه الفترة كلها ولعلها أطول من ذلك لم أحظ بمقابلة واحدة مع أيّ من رؤساء المؤسسة سجل يا تاريخ ما أجمل الشمس الساطعة على بلادنا اليوم ولنحرص على ألا يحجبها عنّا المتنفذون الحاقدون.
تعدد الإنتاجات الدرامية التي تحدثت عن الثورة كيف تنظر إلى هذا الأمر؟
لقد ألزمت نفسي حدودها منذ البداية فلا أتحدث عن إنتاجات غيري ولا أبدي فيها رأيا نقديا لكنني أقول فقط إن الظروف الخاصة غير العادية قد تنعكس على مستوى الأعمال الدرامية سلبا أو إيجابيا علما أن المشاهد التونسي صعب المراس ويشعر بالاستفزاز حالما ينزل مستوى الإنتاج درجة دون انتظاراته أو حينما يركب الإنتاج حدثا مازال في حمّى عنفوانه.
عرفت المكتبات التونسية طفرة في المؤلفات تحدثت هي الأخرى عن الثورة؟
إذا كانت الغاية من هذه المؤلفات الأدبية الحديث للناس عن الثورة فإنها لن تستطيع في أي حال من الأحوال منافسة وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمكتوبة فإن التفاصيل التي تجد على الساحة تلتقفها هذه الوسائل وتبلغها بالصورة والصوت إلى مختلف الشرائح المهتمة بتطورات الثورة أما إذا كانت الغاية نشر الكتاب استنادا إلى ما تثيره الثورة من اهتمام لدى الجميع فإني أعتقد أن الكتاب كوعاء ورقي يستفيد لكن المستوى الأدبي للمضمون يظل الخاسر الوحيد في أغلب الحالات إلا أن هذه الملاحظة لا تعم كل ما نشر ووزع خلال الأشهر الأخيرة والله المستعان في كل حال.
لماذا لم تكتب عن ثورة 14 جانفي؟
لم أكتب عن الثورة منذ اندلاعها عملا روائيا لكنني سأكتب على نار هادئة كلما اجتمعت لدي عناصر الكتابة وقدّرت أن في ما سأكتب إضافة تستقطب انتباه القارئ فأنا لا أتاجر بالإبداع ولا أسترزق منه حلالا وحراما لكنني يا سيدي كتبت عن الثورة قبل حدوثها فرواياتي الثلاث الأخيرة التي صدرت في السنوات الأخيرة وهي بالتوالي: ملفات مليحة حي باب سويقة مملكة باردو كانت وصفا دقيقا للغليان الذي يضطرم في حنايا الناس بمختلف مستوياتهم، نتيجة الوضع الاجتماعي والأخلاقي الذي يسود المجتمع لعلك تذكر يا سيدي أن اسم «العزيزي» كان إحدى شخصيتين رئيسيتين في رواية «مقهى الفن» وكان من بين الشخصيات الرئيسية في رواية «مملكة باردو» وهو الشخصية الرئيسية الأولى في مسلسل «جمل جنات» لقد عشت معاناة الثائرين والمقهورين والمظلومين والمهمشين قبل أن تحدث الثورة وكانت مواقف الشخصيات الروائية صيحات فزع واستنكارا واحتجاجا على ممارسات المتنفذين الخاطئة.
بعين الروائي والمتابع لما تعيشه بلادنا من حراك... ما هي قراءتك للمشهد السياسي؟
لقد انتقلنا من حال إلى حال وما يجري الآن على الساحتين السياسية والاجتماعية هو بمقياس الثورات التي عرفها التاريخ نتاج طبيعي فالشعب الذي عاش سنوات طويلة من الكبت والحرمان والخوف من آلة القمع ومن البوليس السياسي ومن أصحاب النفوذ السياسي والمالي ومن سطوة العائلة الحاكمة وجد في الثورة فُسحة من الأمل وستتنفّس للحرية والتعبير عن المطالب المشروعة.. كل ألوان هذا المشهد السياسي الاجتماعي ثمرة تحرر طال انتظاره لكن الذي يسيء إلى هذا المشهد هو الحسابات السياسية الضيقة والتي تنطلق من رؤى فئوية وعقائدية وتسيء إليه أيضا الأموال التي تفد على خزائن بعض الأحزاب من مصادر مشبوهة ويسيء إلى المشهد كذلك ما يسمى بالانفلات الأمني وقد طال كل القطاعات ووصل قطاعات تعتبر الحامية للنظام والساهرة عليه ولا ننسى تواجد قوى رجعية بعضها فقد امتيازاته والبعض الآخر يمتلكه الخوف من فقدان الامتيازات ولذلك فإنها تحرك الأحداث خفية وعلانية وأخيرا عندما تتكثف المطالب الاجتماعية بحق وبدون وجه حق متزامنة مع مظاهر الحرق والنهب والخروج عن القانون فإن ذلك يؤثر على القرار السياسي ويطبع الفترة الانتقالية بالعجز والتردد والانتظار وإن أكبر خوف يتملكني هو أن يجتمع النفوذ المالي والسياسي مرة أخرى ليتسلط على تونس ويستبيح خيراتها ومكاسبها فتتلاشى ثورة الشباب وثورة الكرامة.
أي جديد يمكن أن يكشف عنه الدكتور عبد القادر بن الحاج نصر في الرواية والدراما؟
سوف أدرك الراحة الحقيقية وأنعم بالطمأنينة وسعادة النفس عندما يخلو عالمي من الجديد في الكتابة وعندما تدفعني الشجاعة إلى تكسير القلم وللإجابة عن سؤالك أقول لك في الرواية لا في الدراما نعم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.