صعوبة التضاريس وقسوة المناخ ساهمت في قلة موارد الرزق بمناطق الشمال الغربي وخاصة بالمناطق الجبلية فدفعت بالعديد من العاطلين عن العمل والعائلات الفقيرة إلى البحث عن موارد للارتزاق في شتى المجالات والميادين. وقد وجد البعض من هذه الفئات الاجتماعية المحتاجة إلى مورد رزقها في الأعمال الموسمية بالمجال الغابي كحضائر جني الخفاف ونقله وترصيفه وكذلك العمل بالحضائر الظرفية للغابات وقطع الأشجار الغابية الميتة والتفويت في منتوجها بطرق قانونية لاستغلاله كحطب تدفئة يستعمل في فصل الشتاء لإيقاد المواقد عندما يكثر تهاطل الأمطار ونزول الثلوج بهذه المناطق الباردة وكذلك جني الفطر (الفقاع )والذي يعتبر بالنسبة إلى سكان الفجوات الغابية الكائنة بسلسلة جبال خمير الممتدة من مقعد إلى آخر مرتفعات غارالدماء من موارد الرزق الموسمية الهامة التي تساهم بقدر كبير في تنمية مدا خيل العديد من العائلات التي قد يفوق عددها 700عائلة جلها يقطن بالفجوات الغابية أنواع الفقاع وموسم جمعه ينطلق موسم جمع الفقاع بمناطق الشمال الغربي بداية من شهر أكتوبر بعد نزول أمطار الخريف الأولى إلى نهاية شهر مارس حيث يتكاثر هذا المنتوج الغابي تحت أشجار الفرنان والغابات الدغلية وبالمناطق التي يكثر بها الظل والمناطق الرطبة وينقسم هذا المنتوج إلى نوعين نوع نافع يقع استهلاك كمية قليلة منه على المستوى المحلي والوطني خاصة في النزل وتصدر الكميات المتبقية منه إلى البلدان الأجنبية لتدر على خزينة الدولة عائدات من العملة الصعبة بعدما يقع التفويت فيها إلى المعامل المختصة التي تتولى تصبيرها وتعليبها كمعمل شمبسيد بعين دراهم في حين يوجد نوع أخر منه وهو سام وضار ويتعرض مستهلكه إلى تسمم خطير يؤدي به حتما إلى الموت مما دعا وزارتي الفلاحة والصحة إلى تنبيه المواطنين إلى خطورة هذا النوع من المنتوج ووجوب الابتعاد عن جمعه واستهلاكه خاصة ان هناك تشابها كبيرا بين النوعين يصعب التفريق بينهما ثروة طبيعية حرم منها المواطن تقدر الكميات التي يوفرها هذا المنتوج بآلاف الأطنان لكنه لا يدوم طويلا بمكان نباته فهو يتلاشى تدريجيا وطبيعيا بمرور الأيام وتضمحل النبتة التي لم يقع جنيها أو أكلها من طرف الحيوانات الأهلية أو بعض الحيوانات البرية ومن العجيب في هذا الأمر إن هذه الحيوانات تتميز بغريزتها بين أنواع الفطر الصالح والسام ولاستغلال هذا المنتوج وحمايته من التلف تقوم الإدارة العامة للغابات بتونس بتنظيم بتة عمومية للتفويت فيه عن طريق وكالة استغلال الغابة لكن هذه السنة نظمت بتة لبيعه وأعيدت ثلاث مرات دون أن يقع التفويت في المقاسم المعدة للجمع هذا ما حال دون تشغيل العديد من العمال سواء القارين أو الموسميين وإحالتهم بصفة آلية على البطالة وقد يصل عددهم إلى ما يزيد على 1600عامل موزعين على امتداد سلسلة جبال خمير من مقعد إلى أخر مرتفعات جبال غار الدماء حسبما أفادنا به مصدر من معمل تصبير الفطر بعين دراهم الحلول العاجلة لحماية المنتوج من التلف لأنقاض هذه الكميات الهامة من هذا المنتوج الغابي بات من المفروض والمؤكد إيجاد الحلول المناسبة والسريعة حتى لا تتقلص وتضمحل بمرور الزمن خاصة وقد شارف شهر أكتوبر على الانتهاء وهو أول الأشهر التي تبزغ فيه نباتات الفطر وتعود هذه الحلول بالأساس إلى وزارة الفلاحة لاتخاذ قرار بيعه بالمراكنة للمواطنين في مرحلة أولى وبصفة استثنائية حتى لا يقع من ناحية إهدار هذه الثروة وتشغيل العديد من اليد العاملة الموسمية من ناحية أخرى ويعود اتخاذ هذا القرار أساسا إلى السيد وزير الفلاحة نظرا إلى ان هذا المنتوج قد تم إدراجه في بتة عمومية أما الحل الثاني والجذري فيكمن أولا في تفعيل دور مجامع التنمية في قطاع الفلاحة والصيد البحري وتشريكها في بتات تفويت جمع الفطر وتسهيل مهامها وخلق آليات تساعدها على المشاركة في هذه البتات واقتناء حصص منها وذلك بتوزيع المقاسم المعدة للبيع إلى مقاسم صغيرة بكل معتمدية حتى يتسنى لهذه المجامع المحدودة الإمكانيات المشاركة والشراء وبذلك تصبح مؤهلة لقبول المنتوج مباشرة من المواطنين الذين سيتولون جمعه من وسط الغابات وإحضاره إلى أماكن التخزين ثم تتولى هذه المجامع إما بيعه إلى المعامل المختصة أو إيجاد طرق لتصديره وبذلك تساهم في خلق مواطن شغل دائمة وموسمية للعديد من العاطلين عن العمل والنهوض بمستوى عيش العديد من العائلات الفقيرة والمحتاجة بهذه الربوع والتي هي في حاجة ماسة إلى المساعدة وكذلك معاضدة مجهودات الدولة في دفع عجلة التشغيل من ناحية والمحافظة على هذه الثروة من التلف ومزيد تفعيل الحركة الاقتصادية بهذه الجهات من ناحية أخرى