هو مريض جدا بداء المفاصل وكان موعده مبرمجا ذاك اليوم لاجراء عملية جراحية... لكن بوصوله الى المستشفى (القصاب) فوجئ بكون موعد العملية تم إلغاؤه الى موعد لاحق. السيد منجي، مواطن تونسي... مريض... كان محظوظا جدا حسب قوله بحصوله على موعد طبّي بعد 5 أشهر وأنه قضى قرابة 7 أشهر ليتمكن وأخيرا من الدخول الى مرحلة العلاج... الفعلي... كهول... شيوخ... اختلفت الأعمار كما اختلفت الأمراض... لم يوحدهم الا أمر واحد فقط... مواعيد مؤجّلة الى ما بعد ستة أشهر... قال عنها أحد الممرّضين أنها معضلة فعلية بسبب الاكتظاظ... حيث أن أجندا البعض من الأقسام لا مكان فيها لموعد الا بعد أشهر متخذا من أحد الأطباء مثالا أن من يمتلك الحظّ فإنه سيتمكن من حصة فحص بعد 6 أشهر بالضبط... الى هنا يبدو وأن الموضوع عادي جدا... نقص أطباء الاختصاص في الجهات وغيرها من المشاغل التي يعيشها التونسي... لكن ماذا لو أنك لا تريد استعمال بطاقة العلاج...ماذا لو أنّك طلبت موعدا ومن نفس السكرتيرة... أو السكرتير... موعد لكن مدفوع الأجر ضمن عملية العيادات الخارجية التي تساوي مبلغ 40 دينارا... حينها فقط يمكنك الحصول على موعد نعم لكن في أقرب الآجال قد تكون مساء ذلك اليوم نفسه المهم أنه سيكون خلال اليومين في نفس ذلك الاسبوع التي يعمل فيهما الطبيب المباشر لحسابه الخاص... ... أغلب مواعيد أطباء الاختصاص في مستشفياتنا العمومية تعاني من الاكتظاظ فتجد في نفس قاعة الانتظار... مرضى من كل الجهات والمدن الداخلية منهم من قضى ساعات في حافلة وآخرون قضوا ليلتهم لدى قريب أو داخل المحطة... حكايات وأمراض ومعاناة... أمراض العيون، أمراض المفاصل... وغيرها... من الأمراض التي تتطلب طبيبا مختصا... قال عنها مدير عام أحد المستشفيات إنها مشكلة فعلا لكن ما باليد حيلة... فالطوابير طويلة يوميا... ولا حلّ إلا في توفير أطباء اختصاص بالجهات... المشكل هو المال «المشكل هو المال» هكذا تحدثت شاذلية التي تستعد لاجراء عملية جراحية لتثبيت ركبة جديدة بعد أن نخر المرض ركبتها القديمة... شاذلية حسب قولها أصرّت على العلاج داخل المستشفى بحكم تواجد أطباء أكفاء... لكنها اختارت العيادة الخارجية المدفوعة الأجر إذ تقول الحمد & ها أني أعالج ولا أعاني من الانتظار وسأقوم بالعملية داخل المستشفى وأعلم أن غيري مازال ينتظر دوره لكن «ربّي يرحم الشايب» فأنا اخترت أن أدفع مقابلا إذ لا يمكنني الانتظار كما لا يمكنني صحيا أن أجلس الى كرسي 7 ساعات... واجراء العملية داخل المستشفى لن يكلفني الا معلوم الطبيب وبالتالي فأنا أعتبر محظوظة. كان هذا حال شاذلية التي ترك لها زوجها جراية محترمة مكنتها من العلاج ولم يكن الحال نفسه مع الشيخ عبد الرحمان الذي بدا متعبا ينتظر دوره منذ السابعة صباحا... وهو موعد حصل عليه منذ قرابة أربعة أشهر ونصف... عبد الرحمان شارف على السبعين من العمر... أنهكه المرض وهشاشة العظام... أصيل منطقة ريفية تتبع ولاية الكاف،صاحبه ابنه الى العاصمة للحصول على موعد وها هو الآن ينتظر دوره... لكنه اضطر للقدوم قبل ليلة قضى نصفها داخل المحطة... موعد مع الطبيب هو أقصى حدود الحلم للشيخ عبد الرحمان... حاولنا مجاراته في الحديث فقال ابنه... «لم أتمكن من تغيير الموعد من موعد داخل المستشفى كعيادة داخلية الى خارجية ليس فقط بسبب مشكل الاربعين دينارا فلو دفعت ثمن الفحص الاول سيصبح اجبارا أن أدفع باقي معلوم العلاج ومنها العملية إن لزم الأمر وصراحة والدي لا يمتلك الا منحة شيخوخة وأنا مجرد عامل يومي وبالتالي لن يكون بامكانه أجراء العملية... إن موضوع الصحة موضوع كبير جدا ولا ندري متى يصبح موضوعا أساسيا مطروحا للنقاش الجدّي... فالصحة من حقوق المواطنة. موضوع حسّاس حين التحدّث عن موضوع العلاج وحصّة الفحص نفسها التي تتطلب انتظارا يصل الى حدود ستة أشهر داخل المستشفى ويمكن أن يتحول الى انتظار يوم واحد لو كانت العيادة مدفوعة الأجر... أغضب الموضوع بعض الاطباء ممن حاولنا الاتصال بهم أحدهم رفض رفضا قطعيا أن يعطينا رأيه مؤكدا أنه قضى حوالي عشرين عاما في خدمة مرضى المستشفى وبالتالي من حقه الحصول على يومين فقط كعيادة خارجية...