قبل مقابلة الدور النهائي لكأس افريقيا للأمم بين الكوت ديفوار وزمبيا نطق المدرب الفرنسي «هارفي ريشارد» بالكلمات التالية: «نحن أمام جبل كبير (يقصد الكوت ديفوار)، لكننا نملك من الارادة والعزيمة والتصميم ما يكفي للوصول الى القمة...». اجتمعت عدّة أسباب حتى يتحصل منتخب «الرصاصات النحاسية» على كأس افريقيا للأمم وهو ما كان قد عجز عنه هذا الفريق في 1974 و1994 عندما اكتفى ببلوغ الدور النهائي ويمكننا أن نلخص هذه الأسباب في السطور التالية. منتخب قوي فنيا وبدنيا ومعنويا يتميز المنتخب الزمبي بقوته على المستويين الفني والبدني وهو ما كان قد اعترف به مدرب المنتخب الايفواري «فرنسوا زهاوي» حيث قال «انه فريق جيد وقوي بدنيا ومعنويا ولاحظت أنه لا يستسلم ويجيد القيام بالدورين الدفاعي والهجومي...» وهو ما تؤكده الأرقام حيث سجل المنتخب الزمبي في هذه الدورة تسعة أهداف ولم تتلق شباكه سوى ثلاثة أهداف أي أنه أوجد التوازن بين الدورين الهجومي والدفاعي. ونلاحظ أن المنتخب الزمبي يملك لاعبين منضبطين ويوظفون مهاراتهم الفردية لصالح الفريق بما أن لاعبيه لم يتحصلوا طيلة «الكان» إلاّ على سبعة انذارات وقد نجح هذا الفريق في ايجاد تشكيلة تتركب من أصحاب الخبرة وتضم في الوقت نفسه عدّة عناصر شابة حيث نجد مثلا الحارس «كيندي مويني» (عمره 27 عاما) وتصدى هذا الحارس لضربتي جزاء أمام غانا وضدّ الكوت ديفوار بالاضافة الى «كريس كاتونغو» (عمره 29 عاما) والمدافع «هيموند» (26 عاما)، لكن نجد في المقابل لاعبين شبان، كما هو الحال بالنسبة الى مايوكا سنه (21 عاما فحسب). تحضيرات مبكرة وانسجام بين اللاعبين قد لا يعرف البعض أن المنتخب الزمبي استفاد كثيرا من انطلاق تحضيراته لنهائيات كأس افريقيا للأمم بالغابون وغينيا الاستوائية منذ يوم 28 ديسمبر الماضي وهو ما لم يكن متاحا بالنسبة الى المنتخبات الافريقية الأخرى المشاركة في هذه التظاهرة خاصة منها تلك التي تعتمد على اللاعبين المحترفين في أوروبا (سايدو كايتا مثلا التحق بمنتخب مالي قبل ساعات من بداية «الكان»...) ولا ننسى كذلك الانسجام الكبير القائم بين لاعبي المنتخب الزمبي خاصة وأن عدة لاعبين دوليين ينشطون في صفوف «مازمبي الكونغولي» أي أنهم ليسوا في حاجة الى خوض عدّة مباريات ودية لتحقيق آليات الانسجام بينهم. تصريح الرئيس الزمبي كان حاسما بالاضافة الى العوامل الفنية البحتة والتي تأكدنا من خلالها أن الفريق الزمبي يعتبر الأفضل في هذه الدورة بدليل العروض الكروية التي قدمها أمام الكوت ديفوار، فإن التصريح الذي كان قد أدلى به الرئيس الزمبي قبل الدور النهائي لكأس افريقيا للأمم حفز اللاعبين للعطاء بلا حدود حيث قال الرئيس الزمبي «مايكل ساتا» مخاطبا اللاعبين: «أطالبكم بالكفاح من أجل بلادكم من خلال مداواة آلام فقدان زملائكم الذين ماتوا على إثر تحطم طائرة المنتخب الوطني الزمبي عام 1993 في الغابون... واصلوا عملكم الجاد وولاءكم وتصميمكم...». انتفاضة على الاحتقار قال قائد منتخب زمبيا «كريس كاتونغو» إنه تألم كثيرا عندما علم أن الصحفيين لا يعرفونه وهو ما ساهم أيضا في إصرار لاعبي زمبيا على التعريف بأنفسهم والرد على من حاول احتقارهم وتقزيمهم أثناء هذه النهائيات. «رينارد» وردّ الاعتبار من جهته لم يخف مدرب المنتخب الزمبي وهو الفرنسي «هارفي رينارد» رغبته الكبيرة في ردّ الاعتبار لنفسه من وسائل الاعلام الزمبية والفرنسية التي انتقدته بشدة عقب انسحاب منتخب «الرصاصات النحاسية» في دورة أنغولا 2010 منذ الدور ربع النهائي وهو ما جعله يبذل مجهودات أكبر لقيادة المنتخب الزمبي الى الفوز بالتاج الافريقي للمرة الأولى في تاريخه ليكون بذلك هارفي رينارد رابع مدرب فرنسي يحقق مثل هذا الانجاز التاريخي بعد كلود لروا وبيار لوشانتر وروجي لومار. ضحايا الطائرة في البال ظلت الكرة الزمبية تعيش على وقع الأحزان منذ تحطم طائرة منتخبها الوطني عام 1993 وهو ما جعل أبناء المدرب «هارفي رينارد» يصرون على تكريم ضحايا تلك الحادثة الأليمة باحراز اللقب الافريقي وهو ما عبر عنه مدرب المنتخب الايفواري فرنسوا زهاوي بقوله: «إنه منتخب جريح وتجاوز العديد من المآسي...». قدرة فائقة في التغلب على الصعاب يتمتع المنتخب الزمبي أيضا بقدرته الفائقة على تجاوز كل العوائق بدليل أن هذا الفريق واجه في السابق عدّة صعوبات بخصوص عدم جاهزية ملعبه لاحتضان مبارياته الرسمية لأسباب مختلفة وفي مقدمتها الدوافع الأمنية... إلاّ أنه تمكن مع ذلك أن يتحدى كل العوائق ويفوز بكأس افريقيا للأمم بالرغم من أن كل الأطراف كانت ترشح منتخبات غانا والكوت ديفوار والسينغال والمغرب... لاعتلاء عرش الكرة الافريقية.